تونس- أفريكان مانجر- وكالات
يحيي التونسيون اليوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2013 الذكرى الثالثة لإندلاع ثورتهم التي انفجرت باضرام الشاب محمد البوعزيزي النار في جسده في حركة احتجاجية على وضعه الاجتماعي الصعب.
اليوم محمد البوعزيزي يرقد في مقبرة مهملة وأصبح بيت عائلته مهجورا بعد تحسّن وضع أسرته المادي التي انتقلت للعيش في العاصمة تونس، فيما حظيت شقيقته بإقامة في باريس للدراسة، وفي وقت دفن فيه سرّ القناصة واختلطت أوراق ملف “الشهداء” ليبقى لغزا.
في هذه الأثناء يسيطر السلفيون على معقل الثورة التونسية في سيدي بوزيد خاصة بعد إلغاء أمس زيارة الرئاسات الثلاث لهذه الولاية الرمز لدواع أمنية..وسيطر حزب التحرير السلفي (الغطاء السياسي لتنظيم انصار الشريعة المحظور) على احتفالات هذه الذكرى، داعيا الى عدم التعامل مع رئيس الحكومة الجديد اذا لم يسعى لتطبيق شرع الله..
إهمال
قبل ثلاث سنوات من اليوم أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه وأشعل معها فتيل الاحتجاجات في تونس لتمتد لاحقا إلى جزء كبير من الدول العربية.
واليوم، يرقد البوعزيزي في مقبرة مهملة داخل قرية تعودت الإهمال. تقع المقبرة في قرية سيدي صالح المعروفة أيضا باسم “أولاد البوعزيزي” وتحولت، في فترة ما، إلى مزار يومي يأتي إليه زوار المنطقة والبلاد عموما، وتعوّد المسؤولون الجدد في البلاد زيارتها، لذلك فقد تم وضع علم عملاق بالقرب منها، لكن “هناك من جاء واقتلعه” وفقا للناشط الاجتماعي محمد علي الحامدي في تقرير نشره اليوم “سي آن آن”.
وأضاف الحامدي قائلا “ليست هناك أي جدية من قبل السلطات المحلية للاعتناء بالمقبرة التي غيّر أحد سكانها التاريخ.”
وبالقرب من المقبرة يقع منزل مهجور، هو مأوى عائلة البوعزيزي التي غادرته شهورا بعد انتحار ابنها، حيث انتقلت والدته للعيش في ضواحي العاصمة، وانتقلت شقيقته للدراسة في باريس، وفق نفس المصدر.
رواية مختلفة
والآن أصبح تونسيون، من ضمنهم جيران للبوعزيزي، يتداولون رواية مختلفة عن تلك التي انتشرت بشأنه، وينفي البعض منهم أن تكون موظفة الشرطة البلدية فايدة حمدي قد صفعته أو اتصلت بالشرطة لمنعه من بيع بضاعته.
من جانبه اختار الناشط محمد علي الحامدي الانتقال إلى تونس العاصمة، قادما من محافظة سيدي بوزيد حتى “يكون قريبا من المحاكم والحكومة للدفاع عن مصالح الشهداء والمعدمين”، وفق تعبيره.
وفي طريقه، إلى تونس لمتابعة ملف الشهداء، يمر محمد علي الحامدي بالمحافظة المجاورة القصرين للتنسيق مع عائلات القتلى هناك. ففي مدينة تالة، التابعة لمحافظة القصرين، قتل 22 من المتظاهرين وجرح العشرات بالرصاص.
وقد قضت المحكمة العسكرية بالمؤبد على الرئيس السابق زين العابدين بن علي، والسجن 12 عاما لوزير داخليته والسجن أيضا بمسؤولين أمنيين آخرين، إلا أن هذه الأحكام لم تشف غليل عائلات القتلى الذين مازالوا يطلبون “الحقيقة” عبر لجنة وطنية ترى أنّ القتلى قضوا برصاص “نخبة من القناصة” وليس من قبل قوات مكافحة الشغب مثلما خلصت إلى ذلك المحكمة العسكرية.
صمت إزاء القناصة وشكوك حول “الشهداء”
ويلاحظ أن الحكومات الثلاث التي أعقبت إطاحة بن علي، تلتزم الصمت حتى أن رئيس الحكومة السابق باجي قايد السبسي قال في مؤتمر صحفي “إذا رأيتم قناصا فآتوني به وسنحاكمه.”
ولم تعثر السلطات على جزء من الأرشيف والوثائق الضرورية للمحاكمة، وهو ما يزيد من أسف عائلات القتلى الذين يخشون أن يكون أبناؤهم قد حملوا أسرار مقتلهم معهم إلى المقابر وإلى الأبد.
وأجمعت التقارير المستقلة والحكومية والدولية على أن عدد القتلى بلغ 300، وأكثر من 1000 جريح تم تعويضهم من قبل الحكومة “رغم أنّ هناك شكوكا في صدقية عدد منهم” وفق تقارير إخبارية.
ويتداول كثير من التونسيين، الآن وبعد ثلاث سنوات من الانتفاضة، روايات عن هويات من قتلوا وجرحوا حيث يقول البعض إن عددا منهم كانوا سكارى وأشخاصا اقتحموا مؤسسات الدولة لنهبها، ولم تكن لهم علاقة بالاحتجاجات الحقيقية وهي من الأسباب التي أدت إلى فتور الدعم الشعبي لمطالب عائلات الضحايا.
أنصار الشريعة في المقدمة
واحياء للذكرى الثالثة للثورة التونسية اليوم، اكتفي قادة البلاد بالمشاركة في جلسة للمجلس الوطني التأسيسي في وقت تاهبت فيه قوات الأمن واستنفرت لتجمع شعبي تنظمه أحزاب ومنظمات أمام مقر الحكومة وعلى رأسها منظمات دينية سلفية.
وكان تنظيم أنصار الشريعة المحظور دعا التونسيين أمس إلى “المقاومة الشعبية” و”التصدي” لما أسماه “ظلم” الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية بمناسبة التظاهر اليوم في ساحة القصبة حيث يوجد مقر الحكومة.
وفي المحصلة وبعد مرور ثلاثة أعوام من اندلاع الثورة التونسية بسبب الفقر والبطالة والتهميش، لا تزال معدلات البطالة في تونس مرتفعة (أكثر من 17%) فيما ازدادالفقر ليضرب حاليا أكثر من ربع التونسيين وسط توقعات حول تفاقمه في ظل انكماش الطبقة المتوسطة في تونس.