تونس-افريكان مانجر
أعلن رئيس الحكومة هشام المشيشي نهاية الأسبوع الماضي، عن قراره إجراء تحوير وزاري بعد تقييم للعمل الحكومي في الفترة الماضية.
واستنادا لما أكده رئيس الحكومة، فان الهدف الأساسي من التحوير هو الترفيع في النجاعة ومزيد إحكام تطبيق سياسة الحكومة وتنفيذ خططها، وفق تقديره.
وقد أثارت قائمة الأسماء المقترحة عديد الانتقادات و اختلفت المواقف منها خاصة في ما يتعلق باستقلاليتهم و عدم انتمائهم لأحزاب سياسية بالإضافة إلى أن بعض الشخصيات المقترحة تعلقت بهم شبهات فساد، وفق ما أكده عدد من الشخصيات السياسية.
كما تباينت مواقف الأحزاب السياسية و الكتل البرلمانية بين الرافض لهذا التغيير الذي شمل 12 حقيبة وزارية وقرار عدم التصويت لفائدتهم و بين من حسم الأمر و أعلن دعمه للفريق الحكومي الجديد.
أحزاب داعمة
ووفق مجلس شورى النهضة فان الحركة أعلنت صراحة دعمها لهذا التحوير، حيث عبرت، في بلاغ لها، اليوم الاثنين، عن دعمها للتحوير الوزاري الذي يهدف الى مزيد الفاعلية والنجاعة في العمل الحكومي.
وعبر عن أمله أن تحظى هذه الخطوة بدعم مختلف الأطراف السياسية بما يساعد على خفض التوترات والتفرغ لمواجهة استحقاقات المرحلة وخاصة التصدي الفعال لجائحة كورونا ومخلفاتها.
ودعت الحركة، في ذات السياق، أعضاء مجلس نواب الشعب ومختلف الكتل البرلمانية ٕالى تقدير الوضع العام بالبلاد وما ينتظره التونسيون من مؤسستهم الهامة، وذلك بتغليب لغة الحوار والاحترام المتبادل لوضع حد للتجاذبات والمناكفات التي أضرت كثيرا بالمؤسسة وبالسير العادي لأشغالها، ويأمل أن تتحلى مختلف الأطراف بروح المسؤولية والتركيز على استكمال المؤسسات الدستورية والرقابة على العمل الحكومي والمصادقة على القوانين المستعجلة، وفق نص البلاغ.
وفور الإعلان عن قائمة الوزاراء المقترحين، علق رئيس كتلة قلب تونس أسامة الخليفي، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية فايسبوك على هذا التحوير.
وقال الخليفي، ”تحوير أردناه أن يكون في العمق وبعد تقييم جدي سيصبح فيه رئيس الحكومة رئيسا فعليا لفريقه وحكومته، كامل الصلاحيات التي يكفلها له الدستور دون أي منازع، وهذا في حد ذاته إنجاز ومكسب وضمان لتماسك الدولة ومؤسساتها”.
وتابع ”نحن نجدد ثقتنا في رئيس الحكومة، ونؤكد أن بلادنا اليوم في أمس الحاجة للوحدة الوطنية بين كل القوى السياسية التي تبني مرجعيتها على الثورة والدستور والديمقراطية والمصالحة الوطنية”.
وأضاف، ”سندعم حكومته (المشيشي) التي ستكون أولوياتها استكمال بناء المؤسسات الديمقراطية، والنجاح في إدارة الأزمة الصحية وإنقاذ الاقتصاد من الانهيار ومعالجة الأوضاع الاجتماعية بتفعيل الأمان الاجتماعي والاقتصاد الإجتماعي والتضامني والإصلاحات الكبرى التي تحتاجها البلاد في المرحلة القادمة وتحقيق التنمية المتضامنة هذه هي البوصلة، ولن يخطأ العقلاء الهدف”.
رفض للتحوير
و بالرغم من اعلان شورى النهضة لمساندة التحوير الوزاري و دعوته للتصويت لفائدته بالبرلمان، الا ان عدد من نواب الحركة عبروا عن رفضهم له، حيث اكد النائب سمير ديلو في تصريح إذاعي، اليوم، ان اعلان شورى النهضة المساندة لا يعني التصويت مباشرة على الأعضاء المقترحين خاصة و ان من بينهم من تحوم حولهم شبهات فساد.
و قال ديلو، شورى النهضة أوصى بدعم التحوير… لكننا لسنا ازرار تصويت فقط، وفق تعبيره.
من جهته رئيس كتلة تحيا تونس، مصطفى بن احمد، و في تصريح إذاعي، قال إن موقف حزبه من التحوير الوزاري الذي أعلن عنه رئيس الحكومة هشام المشيشي يوم السبت الماضي، سيتحدد على ضوء التحريات التي سيقوم بها حول ما يروج عن وجود شبهات فساد وتضارب مصالح لبعض الأسماء المقترحة لحقائب وزارية.
واعتبر أن المناخ غير ملائم للقيام بتحوير وزاري خاصة وأن الوضع الوبائي في البلاد صعب والأوضاع الإجتماعية والإقتصادية معقدة مشيرا الى أن تحيا تونس كانت تُحبذ سد الشغورات.
و يشار الى ان تحيا تونس و حركة النهضة و قلب تونس منحت سابقا ثقتها لحكومة هشام المشيشي.
بدورها الكتلة الديمقراطية، وعلى لسان نائبها هشام العجبوني، اعتبرت ان هذا التحوير لم يكن مفاجئة وقد جاء في إطار الصفقة التي أُبرمت بين المشيشي ورئيس حزب قلب تونس وحركة النهضة، قبل منح حكومته الثقة، والتي حتمت ضرورة القيام بتحوير وزاري يخص الحقائب التي تُحسب على رئيس الجمهورية.
وأضاف أن التحوير جاء دون تقييم للعمل الحكومي الذي كان من المفروض القيام به خلال جلسة عامة بالبرلمان يوم 18 ديسمبر إثر مرور 100 يوم على توليه المنصب.
وأشار المتحدث، إلى أن المشيشي قام بالتحوير الوزاري، دون أن يطلعهم على البرامج الجديدة والرؤى الحكومية، استباقا للحوار الإقتصادي والاجتماعي الذي كان من الأجدر أن يكون منطلق التحوير.
كما اعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية لسعد الحجلاوي، في تصريح سابق لافريكان مانجر، إن إجراء أي تحوير وزاري في حكومة المشيشي و تحويلها من حكومة مستقلة الى حكومة حزبية من اجل إرضاء الحزام الداعم لها هو تحيل سياسي.
وشدد، على ان الكتلة الديمقراطية باقية على موقفها و لن تمنح الثقة لأي تحوير تعرضه الحكومة على البرلمان.
ومازالت كتلة الإصلاح الوطني، لم تعلن عن موقفها النهائي من الأسماء التي تم الإعلان عنها، لكن رئيس كتلتها و في تصريح اذاعي سابق، اعتبر انه من حق رئيس الحكومة دستوريا إجراء التحوير مسددا إلى رفضهم النهائي والقاطع أن يكون” التحوير له طابع حزبي لأنهم منحوا الثقة للحكومة باعتبارها حكومة مستقلين”، مؤكدا أن ذلك مازال إلى اليوم شرط الكتلة لمنح الثقة.
و يشار إلى انه سبق و ان أعلنت كتلة ائتلاف الكرامة عن كونها في حل من أي تحالف في البرلمان فضلا عن ان كتلة الدستوري الحر متمسكة بالمعارضة.
وجدير بالذكر، ان حكومة هشام المشيشي، نالت في 2 سبتمبر 2020، ثقة البرلمان حيث صوت لفائدتها 134 نائبا من اصل 217 نائبا .
وصوّت لصالح حكومة المشيشي نواب من كتل حركة النهضة (54 مقعدا)، وقلب تونس (27 مقعدا)، والإصلاح (16 مقعدا)، وتحيا تونس (10 مقاعد)، والكتلة الوطنية (11 مقعدا)، والمستقبل (9 مقاعد)، وعدد من النواب المستقلين.
أمّا الكتل الرافضة لمنح الثقة فهي، الكتلة الديمقراطية (38 مقعدا/ وتضمّ التيار الديمقراطي وحركة الشعب) وكتلة ائتلاف الكرامة (19 مقعدا) وكتلة الحزب الدستوري الحرّ (16 مقعدا).
و في قراءة لكل المعطيات المقدمة، و في ظل الأخذ و الرد بين الأحزاب السياسية و عدم الحسم النهائي للكتل البرلمانية لموقفها من التحوير الوزاري، يبدو ان رئيس الحكومة هشام المشيشي سيدخل مرحلة جديدة من المفاوضات مع الاحزاب الممثلة في البرلمان، إن صح التعبير لضمان نيل الاصوات اللازمة لتمرير اعضاء فريقه الجديد وزيرا وزيرا، وهو الان امام حتمية لا مفر منها وهي اما إقناع حزامه البرلماني الذي منحه الثقة سابقا او البحث عن دعم جديد إن أمكن.