تونس-افريكان مانجر
أكد الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس والقطب القضائي الاقتصادي والمالي محسن الدالي، ان الفرقة المختصة قد أنهت الأبحاث في إحدى القضايا التي رفعه المكلف العام بنزاعات الدولة ضد هيئة الحقيقة والكرامة واحالت الملف على النيابة العمومية وقد تم فتح بحث تحقيقي قي شأنها.
وأكّد أن هذا الملف يتضمن مجموعة من الأبحاث بعضها انتهى في مرحلته الأولى على مستوى البحث الابتدائي ويتعلق بشبهة التدليس في تقرير هيئة الحقيقة والكرامة بخصوص البنك الفرنسي، مشيرا إلى أنّه تم حجز التقارير والنيابة العمومية فتحت تحقيقا في القطب القضائي من أجل تدليس واستعمال مدلس وتحقيق منافع والإضرار بالإدارة.
وتابع أنّ الملف الثاني المتعلق بوجود شبهة تضارب مصالح فيما يتعلق بقاضي التحكيم والمصالحة حيث انطلقت الأبحاث في انتظار ختمها وإحالتهما في غضون الأيام المقبلة على النيابة العمومية.
و قد انطلق نزيف قضية البنك الفرنسي التونسي منذ سنة 1989 ليتواصل و يتعمق بعد سنة 2011 ، حيث يُتوقع ان تُكبد الدولة التونسية خسائر كبيرة تصل إلى 968 مليون دولار أي ما يعادل حاليا 3000 مليون دينار بالعملة المحلية .
و في هذا السياق أكد رئيس لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد في البرلمان ،بدر الدين القمودي ،ان اللجنة أثبتت وجود تدليس و تضارب في الوثائق المنشورة من طرف هيئة الحقيقة و الكرامة .
و تحدث ذات المصدر عن معاينة وزارة أملاك الدولة عبر خبرائها التقرير المودع لدى رئاسة الجمهورية وقارنته بذلك المنشور في الرائد الرسمي.
و اشار رئيس لجنة الاصلاح بالبرلمان الى الضرر الحاصل للدولة التونسية بمجرد نشر ذلك التقرير بمعطيات مدلسة بالرائد الرسمي باعتبار ان الهيئة قد تبنت فيه موقف الخصم و مطالبته بتعويضه بحوالي 3000 مليار تقريبا .
و اعتبر ان هذا التقرير يضعف موقف الدولة التونسية في التحكيم الدولي ، مشيرا إلى رفعهم توصية للحكومة باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لإنقاذ مصالح الدولة التونسية ومحاسبة جميع المقصرين المتسببين بشكل من الإشكال إلى ما آل إليه هذا الملف.
بالإضافة إلى ذلك فقد تم الاعتماد على بعض المختصين لتقييم المخاطر ومبالغ التعويض المحتملة، مع إدراجها في مشروع ميزانية الدولة ، علاوة على إحداث لجنة مشتركة بين لجنة الإصلاح الإداري ووزارة أملاك الدولة للنظر في تطوير مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة والصلح الجزائي والصلح بواسطة ومراجعة التشريعات المتصلة باسترجاع المال العام.
هذا و قالت عضو سابق بهيئة الحقيقة والكرامة ابتهال عبد اللطيف أن ما تم نشره بالتقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة و الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية والذي تضمّن صفحات حول قضية ما يعرف بقضية “البنك الفرنسي التونسي” مدلس حيث قام باستغلّها المدعو عبد المجيد بودن بصفته ممثل شركة ABCI لصالحه في الدعوى المرفوعة لدى التحكيم الدولي ضدّ البلاد التونسية مطالبا الدولة بتعويضات ضخمة مستغلا معطيات وردت في التقرير المذكور .
و أضافت عبد اللطيف :”نسخة التقرير الختامي المحالة على رئاسة الجمهورية لم تتضمن سوى نصف صفحة لا معنى لها حول قضية عبد المجيد بودن في حين أن النسخة المحالة الحكومة تضمنت 8 صفحات وفيها مبلغ تعويض لبودن وهو من وحي الخيال وقد عدّت بمراجعة لكل التقارير التي أرسلت لنا عبر البريد الالكتروني حتى نطلع عليها قبل المصادقة وتأكدت من عدم وجود الجزء الخاص بالبنك الفرنسي التونسي في النسخة التي عرضت على مجلس الهيئة وأرسلت للرئاسة في 31 ديسمبر 2018 وهذا ما يمكن أن يفتح باب الاستنتاج أن العمل على القضية ربما كان خارج عهدة الهيئة وخارج الآجال وهذا أمر خطير جدّ خاصة وأن ما ورد في التقرير بخصوص هذا الملف لم يتم البتّ فيه صلب الهيئة ولم يعرض على مجلس الهيئة اصلا كما انه لم يتم الاستماع لدفاع المكلف العام بنزاعات الدولة واكتفت بسردية الخصم في التقرير”.
و تعود أطراف قضية البنك الفرنسي إلى سنة 2012(عهد حكومة الترويكا) حين كان على رأس وزارة املاك الدولة سليم بن حميدان و الذي قام بالعديد من التجاوزات المقصودة في ملف ما يعرف بالبنك الفرنسي التونسي مع تورط كل من المكلفة بنزاعات الدولة سنة 2012 و مستشاريه حامد النقعاوي و المنجي صفر.
و حيث قام بن حميدان متعمدا بسحب هذا الملف من شركة المحاماة التي تدافع عن مصالح الدولة التونسية و كلف كل من المستشارين المذكورين سابقا بهذا الملف من ثم عمد بطريقة منظمة و “شيطانية ” الى ابرام عقد صلح مع عبد المجيد بودن وهو المتهم الرئيسي في هذه القضية و صاحب مؤسّسة العربية للاستثمار ABCI.
و توجه بن حميدان بتاريخ 20 سبتمبر من سنة 2012 بمراسلة محكمة التعقيب للحصول على عفو تشريعي عام لفائدة بودن وذلك عن طريق تكليف المكلفة العام بنزاعات الدولة.
وقد تضمنت المراسلة الصادرة عن المكلفة العامة بنزاعات الدولة عفيفة بوزيدي ان المرسوم عدد 1 لسنة 2011 تسمح بإدراج وضعية بودن ضمن المنتفعين بالعفو العام ذلك أن الوصف السياسي للجرائم التي نسبت إليه من خلال التعليمات الحكومية التي كانت السبب المباشر للادانة والإصرار على التجريم رغم حفظ التهم الصفية وتهمة الإيثار من قبل قاضي التحقيق.
ورغم نفي بن حميدان في عديد المناسبات علمه باتفاقية الصلح لبودن و طلب العفو له ” متهما مستشاره حامد النقعاوي بقيامه بهذا العمل بصفة فردية الا ان عددا من المراسلات السرية بينه و بين وزارة العدل الممثلة في شخص نور الدين البحيري وقتها اثبتت تورطه و علمه المسبق بافعال مستشاريه .
و قد تحصل افريكان مانجر سابقا على مراسلات سرية أرسلها وزير أملاك الدولة و الشؤون العقارية الأسبق خلال فترة حكم الترويكا سليم بن حميدان الى وزير العدل في عديد المناسبات ليقنعه بتمتيع خصم الدولة ( عبد المجيد بودن ) بالعفو التشريعي العام، وأجابه وزير العدل في مناسبتين أن خصم الدولة لا تتوفر فيه شروط العفو التشريعي العام .
و بطريقة ذكية استطاع كل من حميدان و “شركاءه ” تحويل كل المسؤولية الجزائية في قضية البنك التونسي الفرنسي الى الدولة التونسية و اعتبار المتهم السابق “عبد المجيد بودن ” ضحية للنظام السياسي السابق بل و من حقه كذلك التمتع بتعويضات .
و اعتبرت الهيئة فرضية تعرّض رئيس مجلس إدارة المؤسّسة العربية للاستثمار السابق( عبد المجيد بودن ) للتهديد الذي أجبره على الإمضاء اتفاق 1989 و الذي تم بمقتضاه تحويل جميع أسهم الشركة العربية للاستثمار ABCI لحسابات الشركة الأم ، وهي الشركة التونسية للبنك.
و قد تأسّست الشركة العربية للاستثمار ABCI في 18 ماي 1982 بشراكة بين الأمير السعودي بندر بن خالد بن عبد العزيز آل سعود ورجل الأعمال التونسي عبد المجيد بودن يمتلك النصف الآخر.
و من ثم قرّر البنك الفرنسي التونسي بتاريخ 18 جوان 1981 الترفيع في رأس ماله من مليون دينار إلى 5 ملايين دينار بإحداث 800 ألف سهم جديد بقيمة تقدّر ب5 دنانير للسهم الواحد، قرار الترفيع نُشر في بالرائد الرسمي بتاريخ 1 جانفي 1983 في ذلك الوقت كانت الشركة التونسية للبنك تمتلك ما يقارب 94 بالمائة من رأس مال البنك الفرنسي التونسي.
و بذلك تقدم رجل الأعمال التونسي عبد المجيد بودن الى هذا العرض و تمكن من الحصول على تصريح من وزير التخطيط والمالية حينها منصور معلى يتضمّن الموافقة للاستثمار في البنك الفرنسي التونسي بنسبة 50 بالمائة.
وفي جويلية 1984 أصبحت رسمياً الشركة العربية للاستثمار تمتلك 53.6 بالمائة من أسهم البنك الفرنسي التونسي إلى جانب الشركة التونسية للبنك والتي أصبحت مساهماً صاحب أقليّة و في هذه الأثناء انسحب الأمير بندر من المؤسّسة العربية للاستثمار ABCIو انطلقت من هنا المشاكل و التي تواصلت الى حد هذه الساعة .