تونس- وكالات
أكد رئيس الحكومة علي العريض أن حكومته ستقف على مسافة واحدة من كل الأحزاب السياسية وأنها لن تكيل بمكيالين، مشيرًا إلى وجود دعوات للتطرّف من اليمين واليسار.
وقال العريض، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) نشر اليوم الاثنين 8 افريل 2013 سنكون حازمين ضد أيّ منزلقات سواء كانت فرديّة أو عبر منظمات أو حزب سياسي، والحكومة لن تكيل بمكيالين أي أنها لن تكون متشددة مع طرف ومتسامحة مع طرف آخر. وأضاف العريض: هناك دعوات للتطرّف واستفزاز الآخر من اليمين واليسار… مثلاً البعض يدعو إلى الجهاد وهناك من يدعو إلى إسقاط الحكومة. الاثنان يدعوان الى العنف والكراهية. وقال العريض: المعضلة هو أن تضمن للأفراد ممارستهم لحريتهم كاملة وأن تفرض في نفس الوقت الأمن الى جانب الإصلاحات التي نقوم بها داخل المؤسسة الأمنية وهو ما يعد أمرا صعبا”.
وأضاف “لكننا قمنا بإصلاحات هيكلية وتشريعية شملت أيضا مهام قوات الأمن حتى يكون أمننا وطنيا وجمهوريا يحفظ أمن المواطنين وأملاكهم ولا يتدخّل في القضايا السياسية أو النقابية أو غيرها. واعترف العريض أن المؤسسة الأمنية بإمكاناتها المتواضعة المادية والمعنوية لم تكن قادرة على التدخل في الاضطرابات في كل مكان والاعتصامات والاحتجاجات الى جانب التصدي الى تحرك الجماعات السلفية. لكنه أوضح أن الأمن ومع مرور الوقت بدأ يتحكم شيئًا فشيء في الوضع الأمني بمساعدة الجيش وهو يسيطر الآن على الوضع بشكل كامل. وقال العريض:لا يعني هذا أنه لم تعد لدينا مشاكل أمنية، ما زالت أمامنا مشاكل أمنية لبعض الوقت.
وأردف العريض: بحكم السياق العام في تونس بعد الثورة وبحكم التعاطف مع باقي الثورات العربية، فعند اندلاع الثورة السورية ظهرت دعوات في كل مكان وليس في المساجد فقط لمساعدة السوريين في ثورتهم ضد الديكتاتورية.
تطبيق القانون
وقال العريض: القانون هنا يفرض تتبع إجراءات ومراحل قبل الوصول الى مرحلة الحل. وأنا لن أتردّد مطلقا في تطبيق كل تلك الإجراءات في حال استمرّت هذه الجماعات في خرق القانون. سواء كان الأمر يتعلق بالروابط أو أيّ منظمات أخرى. وأضاف: بالنسبة لرابطات حماية الثورة التي ظهرت بعد الثورة كان الجميع يُؤيّدها لكنها بعد الانتخابات بدأت تواجه انتقادات من قبل عدّة أحزاب. وقال علي العريض: يحمل الاتحاد العام التونسي للشغل دورًا تاريخيًّا وهو لعب دور محوري في استقلال البلاد وبناء الدولة. وأضاف: وهو أيضًا شريك في الحوار الوطني وفي ايجاد تسويات وحلول عند الخلافات الحزبية وهو يسهم من موقعه من أجل تخطي المرحلة الانتقالية وبناء الدولة الديمقراطية. لكن العريض أشار أيضًا الى وجود أطراف تسعى لتوظيف السياسة داخل النقابة. وهو ما يستدعي الوقوف عنده والتعرض له بالنقد على حدّ قوله.
تجميد مشاريع
وفيما يتعلق بالشأن الاقتصادي، قال العريض: نعمل الآن على التسريع في إنجاز المشاريع. لكن أحد العوامل التي لا تزال تعوق انطلاقة الشركات التونسية وخطط الاستثمار هو الاستمرار في تجميد مشاريع وأموال مئات من رجال الأعمال المتهمين بالتورّط في فساد في ظلّ نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي ومنعهم من السفر.
وردًّا على إشكالية تجميد أعمال 460 من رجال الأعمال المتهمين، قال العريض: سألغي كل العراقيل من أي نوع أمام رجال الأعمال…أعلم أن الأمر محبط أيضًا لباقي رجال الأعمال الذي يخططون بدورهم في الاستثمار. وأكد العريض: سأسعى لإيجاد مقاربة مقبولة لأن الإجراءات القضائية طويلة والاقتصاد يتطلب السرعة. سنسعى لإيجاد حلول سريعة.
وقال علي العريض: نموذج المجتمع التونسي قريب جدا من النموذج الأوروبي في مستوى حقوق المرأة والتعايش والانفتاح على الشعوب والبحث عن التعاون. ولكن تونس مثل أي مجتمع ليست بمنأى عن مظاهر التطرف سواء بالنسبة الى اليمين أو اليسار سواء عبر الشريعة او الايديولوجيا.
وأضاف: الأول يُريد أن ينسف المجتمع المبني على المواطنة برفض الانتخابات والمساواة بين الجنسين وله نظرة ضيّقة الى الموروث والدين والثقافة والثاني يُريد من الدولة ان تكون في حرب مع التاريخ والدين وان تكون وسيلة قمع ضدّ الناس. وتابع العريض: لا يُوجد في تونس حزب صلب التكوين وله تاريخ طويل ويملك مشروعًا مجتمعيًّا واضحًا ومتينًا. كل الأحزاب الآن في مرحلة إعادة تكوين بما في ذلك الأحزاب الكبرى لكن مع مرور الوقت سنصل في النهاية الى وجود ثلاثة أو أربعة أحزاب كبرى في تونس تملك رؤى ومشاريع واضحة ويُمكن التمييز بينها في عملية التصويت في الانتخابات.
وأشار رئيس الحكومة إلى أن حزب النهضة بدأ منذ سنتين في العمل بشكل قانوني بعد الملاحقة والعمل السري، وهو الآن جزء من الحكم وبصدد وضع رؤيته وفلسفته على محك التجربة والاختبار من خلال تعامله المباشر مع الشعب.
مؤكدا في نفس الوقت أن حزب النهضة يتشابه مع تجربة الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا.
وقال علي العريض: أعترف بوجود غياب نسبي للاحتفالات بيوم الاستقلال في بعض المناطق بالبلاد. لكن الاحتفالات الرسمية كانت موجودة. وأضاف: من واجبنا الاخلاقي والقانوني المحافظة على كل المكاسب التي حققها الشهداء من أجل استقلال بلدنا ومن شيّدوا البلاد بغضّ النظر عن أخطائهم. لا نملك إلا أن نحييهم. وتابع: بورقيبة فعل ما يُمكن أن يفعله بفضل تحريره للمرأة وبناء الدولة وفطنته السياسية.ارتكب بعض الأخطاء وهذا مجاله للمؤرخين للنظر فيه. وقال علي العريض: أشعر بالفعل بحجم المسؤولية أمام الله وشعبي وتجاه من كانوا شهداء للثورة والاستقلال ومن ساهموا في بناء تونس. الهدف الأول كان الحفاظ على ما تحقق والآن نُحاول اضافة لبنة الى ذلك. (د ب أ)