تونس-افريكان مانجر
صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ الجمعة 2 اوت 2024، القانون الجديد المتعلق بتنقيح و إتمام أحكام المجلة التجارية.
و للاطلاع عن تفاصيل التنقيحات التي شملت الفصول 410 و 411 و 412 و 732، اتصلت افريكان مانجر برئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان ياسر القوراري الذي أكد ان التنقيحات المصادق عليها شملت عديد المجالات و الجوانب.
مسؤولية المؤسسات المصرفية
و استنادا لياسر قوراري، فتتمثل أهم جوانب التنقيح في إنشاء منصة رقمية للمعاملات بالشيك، التي سيقوم البنك المركزي بتفعيلها خلال ستة أشهر و تتيح هذه المنصة، من خلال QRcode، لمستلم الشيك التحقق من توفر الرصيد في حساب صاحب الشيك، مما يحول الشيك من أداة ضمان إلى أداة خلاص رقمية متطورة.
و يهدف اعتماد الشيك في المعاملات المالية إلى تقليل تداول الأموال نقدًا، والحد من الكتلة المالية الوهمية المتداولة في السوق والتي تُقدّر بـ 2،9 مليار دينار كما تسعى هذه الإجراءات إلى إرساء نظام آلي وشفاف يسهم في التخلص من هذه الكتلة الوهمية.
مسؤولية متسلم الشيك
ووفقًا للقانون الجديد، إذا قَبل متسلم الشيك دون توفر رصيد كافٍ في حساب صاحبه، فإنه سيُحمَّل المسؤولية الجزائية، وقد يتعرض للملاحقة القانونية.
ولفت الى أن المؤسسات المصرفية التي لا تنخرط في المنصة الرقمية الموضوعة من قبل البنك المركزي فإنها ستخضع لإجراءات عقابية و ستكون هذه البنوك ملزمة بدفع مبالغ الشيكات التي تقل عن 5 آلاف دينار، وفي حالة عدم الانخراط، سيتم تحميلها 10% من قيمة الشيكات. علاوة على ذلك، يجب على البنوك التحقق من قدرة حامل دفتر الشيكات على السداد، وأن تصدر له شيكات تتناسب مع قدرته المالية لمدة سنة، مع مراجعة دورية لهذه القدرة بناءً على الوضع الاقتصادي.
وبهدف دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة فقد تم في إطار مراجعة أحكام المجلة التجارية، التي صادق عليها مجلس نواب الشعب في 30 جويلية المنقضي، والصادرة مؤخرًا بالرائد الرسمي، إلزام البنوك التونسية بتخصيص 8% من أرباحها السنوية لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، على أن تُقدَّم هذه الأموال في شكل قروض دون فوائد وضمانات.
كما أكد رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان، أن هذه التعديلات تندرج في إطار تحيين الفصل 412 من المجلة التجارية، والذي يهدف إلى تخصيص نسبة من أرباح البنوك لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وأشار قوراري إلى أن هذا الإجراء يهدف إلى إنشاء خط تمويل ثابت لهذا النوع من المؤسسات، خاصة وأن الدراسات أظهرت أن أغلب الشيكات دون رصيد تتعلق بأصحاب المشاريع الصغرى.
وذكر أيضًا أن خط التمويل الجديد سيمكن الأفراد وأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة من تجنب اللجوء إلى الاقتراض بنسب فائدة مرتفعة، في حين سيحدد البنك المركزي التونسي معايير الاستفادة من هذه القروض.
وردا عن سؤال يتعلق بشروط الانتفاع بهذه القروض، أفاد قوراري بأن معايير الاختيار يحددها البنك المركزي التونسي.
العقوبات الجديدة
و أقر رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان أنه تم الإبقاء على فلسفة العقوبة السجنية بهدف المحافظة على القيمة الاقتصادية للشيكات، إلا أنه تم إدراج تغييرات هامة في العقوبة والتدرج في العقوبة السجنية.
وأفاد بأنه تم في إطار تحيين الفصل 411 التنصيص على النزول بالعقوبة السجنية من 5 سنوات إلى سنتين، إلى جانب تجريم من أصدر ومن تسلم الشيك.
كما تم إقرار عقوبات بديلة لمن ليس له سوابق، وتم إقرار آلية ضم العقوبات مع تخفيض عدد السنوات، على سبيل المثال: من لديه مجموع عقوبات يفوق 20 سنة يتم ضمها والنزول بها إلى 10 سنوات.
وإذا كان مجموع العقوبات يتراوح بين 10 و20 سنة، فإنه يتم الضم واتخاذ حكم وحيد ضد الشخص والنزول بها إلى 5 سنوات.
وهو ما يعني أن هذا القانون ينص على الضم والتخفيف.
الصلح
وبحسب القانون الجديد، فإن مرحلة الصلح أصبحت وجوبية بين الأطراف المعنية قبل المرور إلى التقاضي، وهي عبارة عن خطوة أولى يتخذها وكيل الجمهورية.
ويهدف الصلح إلى التسوية خلال سنة، خاصة في الحالات التي يتم فيها تسليم الشيك دون التثبت من توفر الرصيد، مع تذكير بأن متسلم الشيك بدوره يتحمل المسؤولية.
أما ما بعد الصلح، فهناك صيغ تسوية جديدة، وفي رد على سؤال حول أسباب عدم إقرار عفو عام على قضايا الشيك مثلما حصل عقب الثورة، أكد مصدرنا أن ذلك لم يكن ممكناً ولم يتم طرحه حتى من قبل رئيس الجمهورية.
4 سيناريوهات للتسوية
وبحسب مصدرنا فقد تم اعتماد 4 سيناريوهات للتسوية، أولها اتفاق صلح بين الطرفين يتم بموجبه الإيقاف المؤقت للتتبعات (فرضية الصلح الثنائي). ثانيا سداد جزء من مبلغ الدين مع تقسيم المبلغ المتبقي على سنتين.
أما السيناريو الثالث فينص على دفع 10% من مبلغ الشيك، وإبرام الصلح وإعلام الجهات المعنية بسداد المتبقي من الدين خلال ثلاث سنوات.
و رابعا يستفيد من الصلح بمجرد إبرامه دون سداد أي مبلغ، على أن يتم دفع 20% خلال السنة الأولى والمتبقي على مدى سنتين وهو صلح احادي الجانب.
ويقول قوراري، انه في حال الانتفاع بإحدى صيغ الصلح، يتم إيقاف التتبعات الجزائية مؤقتاً مع منع صاحب الدين من السفر.
وفي حال عدم التخلف عن السداد، لا يتم إثارة الدعوى تلقائياً وإنما يثيرها المستفيد، وإذا ثبت لوكيل الجمهورية أن المدين حسن النية وقام بسداد 70% من أصل الدين، يمكن منحه سنة إضافية لمرة واحدة، وبذلك تصبح مدة الامهال أربع سنوات.
و أشار الى أنه إذا كان المعني بالصلح عمره 60 سنة، يتم الاكتفاء بالمدة المقضاة حتى ولو لم يسدد كامل المبلغ، ويظل التتبع المدني قائماً في حقه مع الاستفادة من الصلح و تحجير السفر.
و يشار الى ان الاستفادة من الأثر الرجعي للقانون الجديد لا يكون الا في مجالات الصلح و التسوية.
فترة انتقالية
وأفاد بأنه في انتظار إحداث المنصة من قبل البنك المركزي، وهي فترة تعتبر انتقالية تنتهي في غضون 6 أشهر، يتم رفع التجريم عن كل الشيكات “في صيغتها الجديدة” الأقل من 5000 دينار في إطار الفصل 411، سيما وأن الدراسات بينت أن 83% من قضايا الشيك دون رصيد هي لأقل من 5000 دينار، مما يؤكد أن المتعاملين بالشيك دون رصيد أغلبهم من أصحاب المؤسسات الصغرى.
هذا القانون ليس بمفعول رجعي، بل يشمل صيغ الصلح فقط في المرحلة الانتقالية، وفي انتظار المنصة، يُعفى المتعاملون الجدد بالأوراق الجديدة من التجريم فيما يتعلق بالشيكات الأقل من 5000 دينار، وتنطبق عليهم أحكام الفصل 411.
وأشار إلى أنه بعد 6 أشهر تصبح الشيكات القديمة غير صالحة للاستعمال، مذكراً بأن القضايا أصبحت لا تُثار تلقائياً من قبل البنوك، وإنما من قبل الشخص المستفيد متسلم الشيك.
وخلص مصدرنا إلى أن مجلس نواب الشعب الحالي تمكن من إصدار نص قانوني يتعلق بالمجلة التجارية، مشدداً على أن من لديه نية الخلاص، فإن النص الجديد يوفر له تسهيلات هامة، فضلاً عن أن نظام المعاملات الجديد سيكون له تداعيات اقتصادية إيجابية، وسيقلص من الكتلة المالية الوهمية التي يتم تداولها في السوق، مما سيسهم في خلق اقتصاد حقيقي وتنشيط الحياة الاقتصادية.