تونس- افريكان مانجر
تفتقر 1354 مدرسة ابتدائية عمومية إلى التزويد بالمياه الصالحة للشرب وذلك من إجمالي 4577 مدرسة موزعة على كامل تراب الجمهورية، كما أن 839 مدرسة لا تحتوي على مجموعات صحية للمعلمين إضافة إلى توفر بيوت التمريض سوى ب 5% فقط من جملة المدارس العمومية وأيضا تعاني 996 مدرسة من نقص في التسييج وغيابه يعرض سلامة التلاميذ للخطر من الخارج.
هذه المعطيات وردت ضمن تقرير صادر اليوم الأربعاء 14 ماي 2025، عن المرصد التونسي للاقتصاد تحت عنوان “البنية التحتية المهترئة: وجه من أوجه أزمة المدرسة العمومية”، حيث يعتبر المرصد أنّ نقص التمويل والانفاق من أهم أسباب اهتراء البنية التحتية للمؤسسات التربوية.
وأوضح ان التمويل يمثل من أبرز المشاكل التي تواجه المداس حيث تتسم حصة وزارة التربية والتعليم من مجموع نفقات الدولة بالضعف ولم تتجاوز نفقات مهمة التربية 13.5%7 سنة 2024، وهي نسبة منخفضة مقارنة بالمعدل العالمي بين 15%- 20% الذي حددته اليونسكو، في المقابل يُسجل ارتفاع نسبة خدمة الدين بالتالي انخفاض المجال المالي المتاح للإنفاق على التعليم والبنية التحتية.
كما شهدت النفقات الموجهة لميزانية التربية سنة 2025 تطورا بنسبة 1,6% مقارنة بسنة 2024، ولكنه يصبح سلبيا باحتساب التضخم ب 4-% مما يبرز تراجعا فعليا في الموارد المخصصة لمهمة التربية وسياسة التقشف المتبعة، وفقا لذات التقرير.
وبيّن المرصد التونسي للاقتصاد أنّ الجزء الأكبر من هذه الميزانية يُخصص كنفقات تأجير ولا تحظى نفقات الاستثمار سوى ب 8% من ميزانية وزارة التربية في العام 2024، وانعكس ذلك في غياب مشاريع تأهيل وصيانة أو تطوير وبذلك تردي أوضاع البنية التحتية للمدارس العمومية.
ويزداد هذا الواقع تعقيدا في حالة المدارس الابتدائية خاصة وأن ميزانيتها تعتمد على منح تعهد ب 150 دينار سنويًا تقريبا ولا تتمتع بميزانية ملحقة ترتيبيا بميزانية الدولة كغيرها من مؤسسات وتمنع من امكانية تجميع الموارد الذاتية.
واوضح المرصد ان أسباب اهتراء البنية التحتية للمؤسسات الابتدائية لا تتوقف عند نقص التمويل والانفاق، بل تتجاوز ذلك نحو التعطيلات الإدارية التي تعرقل إنجاز المشاريع خاصة على مستوى الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الصفقات العمومية.
ولا تزال المخاطر بسبب تردي البنية التحتية محدقة بالتلاميذ، كما إن استمرار الحوادث التي قد تودي بحياة مزيد من التلاميذ أمر وارد إن لم يجر تغيير التوجه الحكومي الذي يسير باتجاه تقليص نفقات التربية وإهمال الاستثمار لصالح سداد الديون، بحسب التقرير ذاته.
وشدّد المرصد على ضرورة تعزيز مكانة التعليم كأولوية وطنية من خلال زيادة وتوجيه الموارد المالية بشكل كافٍ لدعم العملية التربوية ومراجعة قيمة المخصصات المالية الموجهة للمدارس. كما دعا الى تخصيص ميزانيات لزيادة الاستثمار في البنية التحتية وإعادة تهيئة الفضاءات المدرسية المهترئة نتيجة التقادم الزمني وتوفير المرافق الأساسية.
واقترح المرصد التونسي للاقتصاد، تنقيح الفصل 35 من القانون عدد 9 لسنة 2008 الذي يتعلق بتنقيح وإتمام القانون التوجيهي عدد 80 لسنة 2002 ليتيح للمدارس الابتدائية المجال للبحث عن مصادر تمويلات إضافية على غرار ما يتيحه للمدارس الإعدادية والثانوية من استقلال مالي.
وخلص التقرير الى انه رغم تواصل الإعلانات وخطط الإصلاح لا تزال المؤسسات التعليمية تعاني من تدهور البنية التحتية وهو ما يعد من أبرز المظاهر الملموسة لأزمة المؤسسات التربوية العمومية، ويُشكل هذا خطرا حقيقيا على التلاميذ والإطار التربوي وقد تسبب في حوادث مأساوية أودت بحياة عدة تلاميذ.