تونس-افريكان مانجر
وسط أزمة الطاقة العالمية التي تتفاقم يوما بعد يوم بسبب التغييرات الدولية الراهنة التي أبرزها الحرب الروسية الاوكرانية و ما أنتجته من نقص في امدادات الوقود وارتفاع لأسعار النفط و أسعار النقل، خاصة بالنسبة للدول المستهلكة للطاقة و التي أصبحت تعاني من ارتفاع فاتورة الطاقة، تتجه عديد الدول نحو إيجاد مصادر غير تقليدية سواء عبر اعتماد الطاقة المتجددة التي تُستمد من الموارد الطبيعية على غرار الشمس و الرياح و المياه او إيجاد موارد أخرى.
وقد دفعت أزمة المحروقات كبرى الشركات الدولية إلى تغيير إستراتيجيتها و التقليص من الاعتماد على الطاقة الأحفورية، وأعادت إلى الواجهة الحديث عن الغاز الصخري و مخزونات الدول منه، وذلك على الرغم من التحديّات التي تطرحها عمليات الإنتاج سواء على الصعيد البيئي و تكلفة عمليات الاستكشاف.
وقد انطلقت عديد الدول في التدقيق في مواردها الطبيعية والتوجه نحو البحث عن طاقات أخرى غير تقليدية لاستغلالها مستقبلا في 2030 و 2050، على غرار الجزائر التي لم تعد تخفي نيتها التوجه نحو إحياء عمليات استكشاف الغاز الصخري، و قد دعت السلطات الجزائرية الى مواصلة التنقيب عن الموارد من الغاز الطبيعي والصخري.
وتتوفر الجزائر على 4940 ترليون قدم مكعب من احتياطات الغاز الصخري، ما يجعلها الثالثة عالمياً، منها 740 ترليون قدم مكعب قابلة للاستخراج حسب تقديرات أنجزتها شركة سونطراك، على خمسة أحواض في الجنوب.
الغاز الصخري في تونس
في تونس توقف الحديث عن الغاز الصخري، منذ سنة 2013 عقب احتجاجات لجمعيات بيئية وهو ما دفع بالحكومة آن ذاك إلى تأجيل انطلاق مشروع استخراج الغاز الصخري الذي كانت تعتزم تنفيذه شركة شال العالمية للبحث عن الغاز الصخري في منطقة القيروان.
و يرى مختصون في الشأن الطاقي، أن تونس تفتقد إلى الخبرة في الغاز الغير التقليدي “الغاز الصخري”، و للتثبت من التقديرات لابد من الدخول في طور الاستكشاف و هل هي قابلة للاستخراج و الاستغلال او لا وهل سيكون لها مردودية اقتصادية هامة فضلا عن تحديد إمكانية استغلالها حسب المعايير البيئة المعمول بها و ملائمتها مع المحيط و البيئة، سيّما و أنه في صورة توفر كل هذه الشروط فان ذلك سيكون لصالح البلاد.
و تمتلك تونس مخزون لابأس به من غاز الشيست قادرعلى توفير استهلاك البلاد من الطاقة على امتداد 50 سنة حيث قدرت مخزونات الغاز الصخري بنحو 23 ترليون قدم مكعب.
و بحسب مصادرنا، فان الدخول في عملية استكشاف الغاز الصخري، سيكون فرصة هامة للبلاد لإعادة استقطاب كبرى الشركات الدولية.
ويتطلب تحديد خيارات تونس في التوجه نحو مصادر الطاقة غير التقليدية التدقيق في الموارد الطبيعية للبلاد لاستغلالها مستقبلا.
وقد تم خلال سنة 2013 إحداث دراسة بيئية إستراتيجية و دراسة تأثيرات غاز الشيست في تونس إلا انه تم تعطيلها و لم يحظى هذا الملف بالأهمية اللازمة حتى في طور الأبحاث.
و بحسب مصادرنا فان أهم احتياطي لغاز الشيست يوجد في الجنوب التونسي بعيدا عن المناطق السكنية وهو ما يجعل خطر الأضرار على البيئة ضئيلا.
ويرى بعض الخبراء في تونس، أن المخاطر البيئية التي وقع الحديث عنها بخصوص ملف غاز الشيست في تونس وقع تضخيمها، سيّما و أن المخاطر موجودة كذلك في عمليات استخراج الغاز التقليدي و حتى في صناعات أخرى، و يمكن اعتماد عديد الوسائل للحد من هذه المخاطر.
كما تفرض المرحلة الراهنة على تونس تحيين إطارها التشريعي و القانوني، حتى تتمكن من الدخول في عمليات البحث و الاستكشاف، الى جانب ضرورة وضع إستراتيجية واضحة المعالم و الأهداف تتضمن معطيات دقيقة.
تراجع مؤشرات الاستكشاف
وتبين مؤشرات قطاع استكشاف وإنتاج المحروقات في تونس تقلص معدل عدد الرخص سارية المفعول من 52 رخصة سنة 2010 إلى 26 رخصة سنة 2016 و19 رخصة حاليا ترتب عنه تقلص في عدد الآبار الاستكشافية والاكتشافات.
و يترتب على تقلص عدد الآبار التطويرية تقلص في الإنتاج ويوجد حاليا 57 امتيازا و 19 رخصة بحث و استكشاف.
وقد ناهزت نسبة العجز الطاقي حوالي 50% على المستوى الوطني أي أن أكثر من 50 % من كمية الطاقة المستهلكة حاليا سواء من الغاز او المواد البترولية هي موردة و تبلغ نسبة تطوّر العجز سنويا 10%، وفي صورة تواصل الطلب بنفس النسق بالتزامن مع غياب اكتشافات جديدة ذات قيمة فان نسبة العجز الطاقي ستصل بحلول سنة 2030 إلى 80%.