تونس-افريكان مانجر
تتجه الدولة حاليا نحو تمكين الشركات الوطنية المختصة في المجال العقاري من أراضٍ على ملك الدولة بأسعار تفاضلية، لتوفير مناطق عمرانية مهيّأة، مع تخصيص 50% من المقاسم لفائدة الفئات محدودة الدخل، بحسب ما أكده وزير أملاك الدولة و الشؤون العقارية وجدي الهذيلي.
و أشار الوزير، خلال جلسة عامة بمجلس نواب الشعب، الاثنين، الى أن المساحة الجملية للأراضي الدولية تناهز 500 ألف هكتار، وأن الوزارة تعمل على استعادة الدور الاجتماعي للدولة في مجال السكن، وذلك من خلال تمكين الشركات العقارية من الأراضي بأسعار مناسبة.
و تحدث الهذيلي، عن تواصل عملية التفويت في بعض العقارات الدولية بالدينار الرمزي، بهدف إنجاز مشاريع سكنية وتعويض المساكن البدائية، إلى جانب التفويت في الأراضي التابعة للملك الخاص للدولة، أيضًا بالدينار الرمزي، من أجل إحداث مناطق صناعية وأقطاب تكنولوجية، وقد بلغت المساحات المفوّت فيها إلى اليوم نحو 420 هكتارًا.
150 ألف مسكن خارج القانون
وبخصوص إشكالية التجمعات السكنية، أوضح الوزير أن هذه الأخيرة قائمة على أراض تابعة للملك الخاص للدولة تم الاستيلاء عليها خلال فترات سابقة، وجاء الأمر الحكومي عدد 504 لتسوية هذه الوضعيات وفق شروط واضحة، بعد أن كانت ترفض في وقت سابق.
وبيّن أن هناك اليوم حوالي 1200 تجمع سكني يضمّ ما يقارب 150 ألف مسكن، وهي عقارات مجمّدة خارج الدورة الاقتصادية نظرًا لعدم توفر شهائد ملكية لمستغليها، وفق ما جاء في بلاغ للبرلمان.
كما أشار إلى أن مشروع تسوية التجمعات السكنية يتطلّب موارد مالية هامة، مع ملاحظة ضعف تجاوب المواطنين رغم توفر أمثلة هندسية جاهزة، وهو ما يستوجب إيجاد حلول عملية وجماعية لتحريك هذا الملف الحيوي.
وبيّن أن الوزارة اقترحت تصوّراً جديداً يتضمّن جملة من الحلول الجريئة لمعالجة ملف التجمعات السكنية، من بينها التغيير الآلي لصبغة العقارات المندرجة ضمن هذه التجمعات، بما ييسّر إجراءات تسويتها.
وأوضح أنه سيتم إعداد قائمات في مالكي العقارات المكوّنة للتجمع السكني، ولا يُمكن للمالك التفويت في العقار إلا بعد استخلاص معلوم رمزي وزهيد. واعتبر الوزير أن الأمر الحكومي عدد 504 يمثل خطوة جريئة تهدف إلى تحقيق السلم الاجتماعي وإدماج هذه العقارات في الدورة الاقتصادية.
أملاك الأجانب
وفيما يتعلق بأملاك الأجانب، أشار الوزير إلى أن ما يقارب 8000 عقار مسجل على ملك الأجانب، وقد تم تسوية وضعية نحو 4000 منها إلى حد الآن، مع الإشارة إلى وجود لجنة متخصصة صلب الوزارة تُعنى بمتابعة هذا الملف الحيوي، كما كشف عن وجود توجّه لمراجعة النص القانوني المنظّم للتصرف في ملك الأجانب، بما يتماشى مع المستجدات ويضمن الحوكمة الرشيدة.
وأوضح أن لجان التصرف في الأراضي الاشتراكية تنتهي مهامها بمرور خمس سنوات، مشيراً إلى أنه، وبتعليمات من رئيس الجمهورية، تم إحداث لجنة قيادة تُعنى بوضع تصوّر واضح لكيفية تعامل المحكمة العقارية مع هذا الصنف من الأراضي. وأفاد بأن مشروع النص القانوني المتعلق بهذا الملف قد أُنجز وتم توزيعه على مختلف الأطراف المعنية لإبداء آرائها وملاحظاتها بشأنه.
وفي سياق متّصل، ذكّر الوزير بأن القانون الصادر سنة 1995 يمنع التفويت في العقارات الفلاحية الراجعة بالنظر إلى ملك الدولة، غير أن الوزارة تقدّمت بمقترح يسمح بتمكين الشركات الأهلية من التصرف في هذه الأراضي، وذلك ضمن مقاربة تنموية جديدة تقوم على توفير تسهيلات في الدفع، بما يُعزز استغلال هذه الأراضي في الدورة الاقتصادية ويخدم أهداف التنمية المستدامة.
رقمنة العقارات الدولية
وأشار الوزير إلى أنّ الوزارة تعمل على مشروع طموح لرقمنة العقارات الدولية من خلال إحداث خريطة رقمية متكاملة، مبرزاً أن هذا البرنامج متواصل بوتيرة تغطي حوالي 10 آلاف هكتار سنوياً، وذلك حسب الإمكانيات والموارد المتوفرة.
وأوضح أن هذا المسار الرقمي من شأنه أن يوفّر معطيات دقيقة ومفيدة، شرط توفّر الإمكانيات التقنية والمالية اللازمة.
أما فيما يتعلّق بالتسجيل العقاري، فقد شدّد الوزير على أنّه يمثل صيانة قانونية ضرورية، تُعتمد فيها آلية الشهر العيني، التي تُعدّ من أنجع وسائل حماية ملك الدولة. وأضاف أنّ المشرّع التونسي قد أدرك مبكراً أهمية هذه الحماية القانونية، من خلال إدخال نظام المسح العقاري منذ ستينات القرن الماضي، بما يضمن الحفاظ على الرصيد العقاري الوطني وتثمينه.
وأكّد وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية أنّ الوزارة بعمل على الارتقاء بمؤسسة المكلّف العام بنزاعات الدولة، التي تُعتبر من أبرز المؤسسات القانونية الأفقية، مشيرا الى أن الوزارة تعمل أيضا على تسجيل العقارات التابعة للدولة بصفة مجانية في إطار “صندوق دعم الرصيد العقاري”، باعتبار أنّ التسجيل هو السبيل الأنجع لحماية الملك العمومي، خاصة وأنّ العقارات المسجّلة لا تخضع لقاعدة الحيازة، في حين تُسجَّل يومياً محاولات للاستيلاء على أراض غير مسجّلة، وهوما يجعل من التسجيل أولوية قصوى.
وأوضح الوزير، أن عملية جرد عقارات الدولة تتم ميدانياً، من خلال تنقّل الفرق الفنية المختصة على عين المكان للتثبّت من ملكية الدولة للعقار وتقييمه في الآن نفسه.