تونس- أفريكان مانجر
لاحظ مراقبون أن حركة النهضة بدأت في الآونة الأخيرة حملة انتخابية استباقية مبطّنة تركّزت في الأحياء الشعبية بالأساس في مختلف ولايات الجمهورية التونسية والتي تتميّز بكثافة سكانية عالية، في وقت يتوقّع فيه إجراء انتخابات قبل نهاية العام الحالي بعد وقع استكمال أمس المصادقة على القانون الانتخابي.
ولا تفوّت حركة النهضة التي تفرّغت لحملتها الانتخابية بعد انسحابها الفعلي من عمل الحكومة التنفيذي، أي مناسبة للاحتكاك بالناخبين والاقتراب منهم في مناسبات وطنية عرفت النهضة كيف تضفي عليها “نكهة دينية” والتي تعتبر من أيسر الطرق للاقتراب من الناخب ونيل ثقته خاصة إذا اختلطت الطقوس الدينية بالعادات والتقاليد التونسية.
ومن هذا المنطلق، أشرف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مساء أمس الخميس المصادف لعيد الشغل على “لقاء جماهيري بمنطقة المروج من ولاية بن عروس تم تنظيمه بالتزامن مع إفطار جماعي أقيم إحياء لسنّة النبي عليه الصلاة والسلام في صيام الإثنين و الخميس”، وفق بيان اصدرته حركة النهضة.
وجاء في البيان أن راشد الغنوشي ألقى كلمة بالمناسبة دعا فيها الحاضرين إلى “العفو والتسامح والدفع بالتي هي أحسن والتعالي عن الأحقاد والضغائن والنظر إلى المصلحة العليا للبلاد والحث على العمل وبدل الجهد فيه والتوقف عن الإضرابات التي شلت اقتصاد البلاد ونشرت قيم التواكل والخمول والكسل”.
كما قام زعيم الحركة بالمناسبة ، بتكريم عدد من سجناء العهد السابق من أتباع الحركة بالاضافة وعدد من المواطنين “الفاعلين” بمنطقة المروج وعائلاتهم، وفق نص البيان.
ويلاحظ أن حركة النهضة أصبحت تميل أكثر إلى خطاب الاعتدال الاجتماعي والتسامح السياسي، خاصة وأن نوابها بالتأسيسي كانوا وراء اسقاط القانون الذي سعى إليه بعض من المعارضة لعزل مسؤولي النظام السابق للتخفيف من حدة المنافسة الانتخابية بالأساس.
في هذه الأثناء، تنكبّ المعارضة المحسوبة على التيار “العلماني” على تدارس مسائل تصنف في خانة “الرفاه الفكري” على غرار المساواة في الميراث بين المرأة والرجل وحقوق المثليين وحرية الإلحاد وغيرها من المسائل التي تهتم بها “نخبة” المعارضة بالإضافة إلى دفاعها عن التطبيع مع اسرائيل، وما يؤشر على مواجهتها صعوبة في حجزها لموطئ قدم في الانتخابات المقبلة في ظل اهتمامها بمسائل نخبوية لا تمت بصلة بواقع الناخب التونسي عامة.
في المقابل، عجزت المعارضة المحسوبة على أقصى اليسار في تونس على التمركز بأريحية بالشارع السياسي رغم اهتمامها بمسائل تهم القاعدة الشعبية في تونس على غرار “الظلم” الذي يتعرض له ضحايا الثورة التونسية وتدهور القدرة الشرائية للمواطن. ويفسر مراقبون عجز هذا التيار الذي يهتم بالعدالة الاجتماعية، بانعدام الدعم الخارجي الذي تحظى به أحزاب “اليمين” في تونس وأساسا النهضة (يمين محافظ) ونداء تونس (يمين وسطي)، وخاصة من تلك الأطراف الماسكة بالقرار الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
عائشة بن محمود