تونس-افريكان مانجر
مرّ ما يقارب الأسبوع على منح الثقة للتحوير الوزاري الذي أقره رئيس الحكومة هشام المشيشي، وقد طال انتظار الوزراء ولم يٌعلن رئيس الجمهورية بعد عن موعد أداء اليمين الذي كان من المفترض أن لا يتجاوز 72 ساعة من تاريخ منح الثقة.
ويشير هذا التأخير في أداء اليمين الى تمسك رئيس الجمهورية قيس سعيد بموقفه الذي عبر عنه عقب اجتماع مجلس الأمن القومي الاثنين الماضي و المتعلق بعدم قبوله أداء اليمين من قبل الوزراء الذين تعلقت بهم شبهات فساد وتضارب مصالح فضلا عن إعلانه صراحة رفضه للسياسات المنتهجة من قبل رئيس الحكومة.
أزمة دستورية
و استنادا لما أكدته أستاذة القانون الدستوري، منى كريم في تصريح لافريكان مانجر، فان موقف رئيس الجمهورية جعل البلاد تعيش أزمة دستورية غير مسبوقة، مشيرة في ذات السياق الى ان قيس سعيد لا يمكنه ان يرفض أداء الوزراء الجدد لليمين لأن الدستور لم يترك له الخيار.
وأكدت أستاذة القانون الدستوري، أنّ الوزراء الجدد الذين نالوا ثقة البرلمان الثلاثاء الماضي، لا يمكنهم مباشرة مهامهم إلاّ بعد أداء اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، لان هذا الإجراء ليس شكليا بل هو إجراء جوهري وشرط أساسي في الدستور لا يمكن تجاوزه.
وأكدت كريم، أن البلاد اليوم تعيش أزمة دستورية و سياسية غير مسبوقة وان رئيس الجمهورية اليوم أمام خيارين، إمّا التراجع عن تصريحه وموقفه السابق الذي عبر عنه في مجلس الأمن القومي والمتعلق بعدم قبول الأسماء التي تعلقت بهم شبهات فساد وتضارب مصالح وقضايا، أو التمسك بموقفه وهو ما سيجعل الأزمة أكثر حدة.
ولفتت كريم، إلى انه في صورة تعنت رئيس الجمهورية و تمسكه بموقفه سيتم اللجوء الى حلول ترقيعية وهي ان يتنازل رئيس الحكومة عن الأسماء التي تحوم حولهم شبهات بتضارب المصالح و يقترح أسماء أخرى و يعرض التحوير من جديد على البرلمان او تعويض الوزراء الحالين بآخرين بالنيابة.
المصلحة الوطنية
من جهته الديبلوماسي السابق و المحلل السياسي جلال الأخضر، اعتبر في تصريح لافريكان مانجر، ان عدم قبول قيس سعيد أداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية، مؤشر على انعدام الثقة بين مؤسسة رئاسة الجمهورية و الحكومة و البرلمان.
وأكد الأخضر انه على رئيس الجمهورية تجاوز هذه الإشكاليات فك الاحتقان الحاصل من أجل المصلحة الوطنية وذلك عبر قبول أداء اليمين من قبل الوزراء الجدد إلى حين البت في ملفاتهم من قبل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في غضون 60 يوما.
كما اعتبر انه على رئيس الحكومة و رئيس البرلمان المبادرة بحل الأزمة وذلك من خلال تقديم تطمينات لرئاسة الجمهورية و استرجاع ثقتها باعتبارها المؤسسة التي تجمع كل التونسيين، وفق تقديره.
مبادرة الحوار الوطني
وبخصوص مبادرة الحوار الوطني، قال الأخضر انه في صورة الوصول إلى تجاوز إشكاليات التعديل الوزاري، فانه يمكن العودة من جديد الى الحديث عن مبادرة الحوار الوطني و لكن بصيغة جديدة ودون شروط مجحفة من قبل رئيس الجمهورية و عبر تشريك مختلف الأطياف السياسية و كل مكونات المجتمع المدني بهدف الخروج بميثاق وطني يكون مُلزما للجميع للخروج من الازمة السياسية.
ويشار الى ان رئيس الحكومة هشام المشيشي، اعتبر في تصريح اعلامي، اليوم الاثنين، ان مسالة أداء اليمين مسألة وقت… و من غير الممكن البقاء بوزراء لم يباشروا مهامهم خاصة في هذا الظرف الإقتصادي والصحي الصعب، وفق تعبيره.
وأضاف المشيشي ‘في أقرب الآجال يتم الإجراء اللازم ليتمكن الوزراء الجدد من ممارسة مهامهم’ وتابع قائلا إن ‘الوضع لا يحتمل’.