تونس-افريكان مانجر
وصف الأستاذ الجامعي معز السوسي، القانون الجديد للشيك دون رصيد بالثوري، مشيرا الى أنه سيغيّر طريقة التعاملات المالية.
و اعتبر السوسي، ان قانون الشيكات الجديد رغم أهميته الا انه يستوجب إعادة النظر في بعض تفاصيله، فضلا عن أن دخوله حيز التنفيذ بهذه السرعة قد تكون له تأثيرات جانبية و قد تكون تكلفتها كبيرة، وفق قوله.
و أضاف المتحدث، في تصريح لاكسبراس اف ام، اليوم الأربعاء، أن الهدف من قانون الشيك دون رصيد، هو الاتجاه نحو الشمول البنكي والادماج المالي لأي عملية مالية، لافتا إلى أن البلدان التي حدّت من استعمال الشيك هي التي عرفت تطورا خاصة على مستوى وسائل الدفع الإلكتروني، هولندا وبلجيكيا وفنلندا..
وأشار الى أن بعض الجزئيات التي تضمنها القانون يصعب تطبيقها، على غرار المنصة الإلكترونية التي تتطلب أشخاص متمرسة للتعامل معها، وفق قوله.
وقال السوسي، كان من الأجدر إعطاء بعض الوقت حتى يتم التأقلم مع الصيغة الجديدة للشيك دون رصيد، أو تطبيقه مع وضع آليات مصاحبة، موضّحا أن “الشيك ضمان” يقوم بدور اقتصادي مهم وفي منعه سيحدث تأثير سلبي على سلاسة الأعمال، ويمكن تعويضه عن طريق قطاع التأمين من خلال خدمة ضمان على مستوى معاملات..”.
ودعا المتحدث في هذا السياق إلى تعميم وسائل الدفع الإلكتروني في تونس وتعصيرها، والمراجعة الكبرى على مستوى المعاملات، مشددا على ضرورة التفكير بأكثر واقعية، فيما يتعلق باساليب الدفع وتغيير عادات الدفع لدى تونس.
و يشار الى أنه صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ الجمعة 2 اوت 2024، القانون الجديد المتعلق بتنقيح و إتمام أحكام المجلة التجارية.
و في حوار سابق لافريكان مانجر برئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان ياسر القوراري الذي أكد ان التنقيحات المصادق عليها شملت عديد المجالات و الجوانب.
مسؤولية المؤسسات المصرفية
و استنادا لياسر قوراري، فتتمثل أهم جوانب التنقيح في إنشاء منصة رقمية للمعاملات بالشيك، التي سيقوم البنك المركزي بتفعيلها خلال ستة أشهر و تتيح هذه المنصة، من خلال QRcode، لمستلم الشيك التحقق من توفر الرصيد في حساب صاحب الشيك، مما يحول الشيك من أداة ضمان إلى أداة خلاص رقمية متطورة.
و يهدف اعتماد الشيك في المعاملات المالية إلى تقليل تداول الأموال نقدًا، والحد من الكتلة المالية الوهمية المتداولة في السوق والتي تُقدّر بـ 2،9 مليار دينار كما تسعى هذه الإجراءات إلى إرساء نظام آلي وشفاف يسهم في التخلص من هذه الكتلة الوهمية.
مسؤولية متسلم الشيك
ووفقًا للقانون الجديد، إذا قَبل متسلم الشيك دون توفر رصيد كافٍ في حساب صاحبه، فإنه سيُحمَّل المسؤولية الجزائية، وقد يتعرض للملاحقة القانونية.
ولفت الى أن المؤسسات المصرفية التي لا تنخرط في المنصة الرقمية الموضوعة من قبل البنك المركزي فإنها ستخضع لإجراءات عقابية و ستكون هذه البنوك ملزمة بدفع مبالغ الشيكات التي تقل عن 5 آلاف دينار، وفي حالة عدم الانخراط، سيتم تحميلها 10% من قيمة الشيكات. علاوة على ذلك، يجب على البنوك التحقق من قدرة حامل دفتر الشيكات على السداد، وأن تصدر له شيكات تتناسب مع قدرته المالية لمدة سنة، مع مراجعة دورية لهذه القدرة بناءً على الوضع الاقتصادي.
وبهدف دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة فقد تم في إطار مراجعة أحكام المجلة التجارية، التي صادق عليها مجلس نواب الشعب في 30 جويلية المنقضي، والصادرة مؤخرًا بالرائد الرسمي، إلزام البنوك التونسية بتخصيص 8% من أرباحها السنوية لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، على أن تُقدَّم هذه الأموال في شكل قروض دون فوائد وضمانات.
كما أكد رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان، أن هذه التعديلات تندرج في إطار تحيين الفصل 412 من المجلة التجارية، والذي يهدف إلى تخصيص نسبة من أرباح البنوك لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وأشار قوراري إلى أن هذا الإجراء يهدف إلى إنشاء خط تمويل ثابت لهذا النوع من المؤسسات، خاصة وأن الدراسات أظهرت أن أغلب الشيكات دون رصيد تتعلق بأصحاب المشاريع الصغرى.
وذكر أيضًا أن خط التمويل الجديد سيمكن الأفراد وأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة من تجنب اللجوء إلى الاقتراض بنسب فائدة مرتفعة، في حين سيحدد البنك المركزي التونسي معايير الاستفادة من هذه القروض.
وردا عن سؤال يتعلق بشروط الانتفاع بهذه القروض، أفاد قوراري بأن معايير الاختيار يحددها البنك المركزي التونسي.
العقوبات الجديدة
و أقر رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان أنه تم الإبقاء على فلسفة العقوبة السجنية بهدف المحافظة على القيمة الاقتصادية للشيكات، إلا أنه تم إدراج تغييرات هامة في العقوبة والتدرج في العقوبة السجنية.
وأفاد بأنه تم في إطار تحيين الفصل 411 التنصيص على النزول بالعقوبة السجنية من 5 سنوات إلى سنتين، إلى جانب تجريم من أصدر ومن تسلم الشيك.
كما تم إقرار عقوبات بديلة لمن ليس له سوابق، وتم إقرار آلية ضم العقوبات مع تخفيض عدد السنوات، على سبيل المثال: من لديه مجموع عقوبات يفوق 20 سنة يتم ضمها والنزول بها إلى 10 سنوات.
وإذا كان مجموع العقوبات يتراوح بين 10 و20 سنة، فإنه يتم الضم واتخاذ حكم وحيد ضد الشخص والنزول بها إلى 5 سنوات.
وهو ما يعني أن هذا القانون ينص على الضم والتخفيف.
الصلح
وبحسب القانون الجديد، فإن مرحلة الصلح أصبحت وجوبية بين الأطراف المعنية قبل المرور إلى التقاضي، وهي عبارة عن خطوة أولى يتخذها وكيل الجمهورية.
ويهدف الصلح إلى التسوية خلال سنة، خاصة في الحالات التي يتم فيها تسليم الشيك دون التثبت من توفر الرصيد، مع تذكير بأن متسلم الشيك بدوره يتحمل المسؤولية.
أما ما بعد الصلح، فهناك صيغ تسوية جديدة، وفي رد على سؤال حول أسباب عدم إقرار عفو عام على قضايا الشيك مثلما حصل عقب الثورة، أكد مصدرنا أن ذلك لم يكن ممكناً ولم يتم طرحه حتى من قبل رئيس الجمهورية.