تونس –افريكان مانجر
اعتبر أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ أنّ طريقة دعوة رئيس الجمهورية المتخلي والمرشح للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية منصف المرزوقي حزب نداء تونس لاقتراح رئيس حكومة جديد لا تليق بمؤسسة رئاسة الجمهورية، قائلا إنّه كان يُفترض على المرزوقي احترام هيبة الدولة والإعلان بشكل رسمي أنّه وجه رسالة تكليف للحزب الفائز في الانتخابات التشريعية بتشكيل الحكومة المقبلة.
التكليف…اتفاق مشترك مع النهضة
وأكد أمين محفوظ في تصريح ل “افريكان مانجر” أنّ تعامل رئيس الجمهورية المؤقت مع خبر التكليف ك “سكوب” وخبر حصري خصّ به إحدى القنوات التلفزية الخاصة يُؤكد أنّ هذا الأخير أصدر الرسالة كمترّشح للرئاسية وليس بصفته رئيسا للجمهورية حسب رأيه، سيما وأنه قد تمّ الإعلان عن ذلك ليلة الصمت الانتخابي.
ولم يستبعد مُحدّثنا أن تكون هذه الخطوة اتفاق مشترك بين حركة النهضة صاحب المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية ب 69 مقعدا والمنصف المرزوقي من أجل الدفع بحزب حركة نداء تونس الذي أراد ربح المزيد من الموقف للنظر في خارطة التحالفات لتشكيل الحكومة الجديدة، علما وأنّ رئيس الحركة الباجي قائد السبسي أعلن في وقت سابق أنّه لا مجال للحديث عن التحالفات قبل صدور النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية. كما شدّد أستاذ القانون الدستوري على أنّ رسالة التكليف هذه وبقطع النظر عن مدى مشروعيتها القانونية فقد أُريد من بها الضغط على حركة نداء تونس التي يتنافس رئيسها القائد السبسي مع المرزوقي في الدور الثاني من السباق نحو قرطاج.
رئاسة الجمهورية … وشرعية القرار
وفي الوقت الذي أكد فيه عدد من خبراء القانون الدستوري والرباعي الراعي للحوار الوطني أنّه لا يحق لرئيس الجمهورية المؤقت إصدار رسالة التكليف، فقد أكد الناطقُ الرسمي باسم رئاسة الجمهورية محمد المسعي ل “افريكان مانجر” ان هذا الاجراء دستوري مُشيرا إلى أن الحوار الوطني ليست له صفة محكمة دستورية حتى تُجبر مؤسسة رئاسة الجمهورية على تطبيق ما توصل إليه الرباعي الراعي له بخصوص رسالة التكليف التي وجهها رئيس الجمهورية منصف المرزوقي الى حزب حركة نداء تونس لاقتراح اسم رئيس الحكومة الجديد.
وشدّد مُحدّثنا على أنّ دعوة المرزوقي لتشكيل الحكومة هي إجراء قانوني ودستوري، مُؤكدا أنّ هذه القراءة هي القراءة الرسمية للدستور. وقال الناطق الرسمي إنّه من واجب المرزوقي الإلتزام بما ورد في الدستور وتبعا لذلك فهو قد وجه الدعوة الى حزب حركة نداء تونس كطرف مشار إليه قانونا وليس بوصفه منافس للمنصف المرزوقي المترشح للدور الثاني من السباق نحو قرطاج.
وأفاد محمد المسعي أنّ احترام الدستور يفرض على الرئيس الحالي اتخاذ هذا الموقف مُؤكدا أنّه لم يكن هناك أي موجب لإثارة كلّ هذا الجدل باعتبار أنّ المسألة في رمتها هي اختصاص شكلي ذلك ان رئيس الجمهورية لا يُناقش اسم رئيس الحكومة الجديدة المقترح.
غياب محكمة دستورية
ويُعزى هذا الجدل إلى عدم وجود محكمة دستورية تقوم بفضّ قراءات الدستور، غير أنّ الأستاذ أمين محفوظ أكد أنّ ذلك لا يمنع المؤسسات الأخرى من أحزاب ومجتمع مدني أن تقدّم قراءتها في الموضوع.
وقال المصدر ذاته إنّ المرزوقي استعمل الدستور لغايات انتخابية، لأنّه غير مُؤهل دستوريا لتكليف رئيس الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية، كما أكد أنّه يتوجب الانتظار إلى حين اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية حتى يتمّ تكليف الحزب صاحب النصيب الاوفر من المقاعد في البرلمان المقبل.
وأوضح محدّثنا أنّه وبالرغم من أنّ المسار القانوني ينص على أنّ رئيس الجمهورية وبعد أسبوع من الإعلان النهائي عن النتائج يُكلف رئيس الحزب الفائز بتشكيل الحكومة، فإنّ المرزوقي لا يسمح له قانونا القيام بذلك لأنّ الفصل 89 من الدستور ينص على أنّ رئيس الجمهورية الذي يُكلف بتشكيل الحكومة هو نفسه الذي يُعيّن وتعود إليه في صورة الفشل وهو أيضا من بيده قرار حلّ البرلمان المقبل وهي صلاحيات لا تتوفر في المنصف المرزوقي الذي يخضع حاليا الى التنظيم المؤقت للسلط العمومية ولا يشمله دستور 27 جانفي 2014 على حدّ قوله.
يُذكر أنّ قراءات أخرى تقول إنّه وحسب النص القانوني الذي ينص على دعوة رئيس الجمهورية الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية بعد اسبوع من الاعلان عن النتائج النهائية الى تشكيل الحكومة، يجوز قانونيا للرئيس المؤقت المنصف المرزوقي ان يكلف الحكومة الجديدة والذي اعتبره تكليفا شكليا.
بسمة المعلاوي