تونس-أفريكان مانجر
بلغت حصيلة ضحايا الإرهاب في تونس من حرس وطني وقوّات الأمن الدّاخلي أكثر من عشرين شهيدا خلال سنة 2013، إثر مواجهات مع مجموعات محسوبة على التّيّار السّلفي ” الجهادي”.
وقد احتدّت في الفترة الأخيرة المواجهات بينهما، وكأنّ هذه “العصابات الإرهابيّة” دخلت مرحلتها الثّالثة في التنفيذ ( تمركز وتكوين قاعدة ثمّ التّدريب ورسم خريطة طريق تنظّم هجوماتهم ثّم في مرحلة أخيرة المواجهة واستهداف الأمنيّين وضرب مؤسّسات الدّولة…) >
ويخشى في المرحلة القادمة أن تتأزّم الأوضاع أكثر وتنزل هذه المجموعات إلى المدن وتستهدف المواطنين، خاصّة وأنّ حملات الاعتقال شملت عددا كبيرا من السّلفيّين منذ أسبوعين وتضاعفت خلال اليومين الأخيرين، ممّا قد يدفع هذه المجموعات إلى القيام بردود أفعال عكسيّة إن تواصلت الأمور على هذه الشّاكلة حسب توقّعات سّياسيين وخبراء أمنيين وأساتذة قانون.
وقد اختلفت الآراء حول الحملات الاعتقاليّة التّي شملت كثيار من المجموعات السّلفيّة المنتمية لأنصار الشّريعة وتضاربت المواقف من شخص لأخر، حيث قرنها البعض بتأزّم الأوضاع السياسيّة وبغياب مبدأ الحوار مع هذه الفئة في حين اعتبر البعض الآخر هذا الرأي تعميما يمكن أن يظلم عدّة أشخاص.
يسري الدّالي الخبير الأمني: تصنيف انصار الشريعة ارهابيا خطأ
وحول هذا الموضوع، أوضح يسري الدّاخلي الخبير الأمني أنّ تصنيف أنصار الشّريعة ضمن تنظيم إرهابي خطأ كبير لأن ذلك من شأنه أن يدفعهم إلى القيام بردود أفعال عكسيّة، خاصّة وأنهم لم يصبحوا مجرّد تنظيم بل باتوا يمثّلون قاعدة كبيرة في كلّ الأحياء والقرى والمدن.
ويقول في هذا الإطار إنّ :” أنصار الشّريعة تخترقهم عدّة أحزاب وعدّة جهات أخرى تساندهم لخدمة مصالحها (ضرب أحزاب /التّجارة الموازية/ التّجارة في الأسلحة…) وعمليّات الاعتقال يمكن أن تولّد ردود أفعال عدائيّة والعنف لا يولّد سوى الإرهاب حتّى وان كان العنف لفظي وليس مادّي، ومن هذا المنطلق يجب إيجاد حلول أخرى حتّى لا يتكرّر السيناريو الجزائري ونخسر أرواحا كثيرة”. واضاف أنّه : “لا يمكن إخراجنا من هذه الورطة سوى الحوار، فالجزائر لم تخرج من أزمتها إلاّ بعد عشر سنوات بعد رضوخها للحوار مع هذه الفئة من الشّعب وبعد التّوافق معها حول أسس تتماشى مع كلّ الأطراف وإذا لم نعتبر من ذلك تتعقّد المسألة وتتعمّق الأزمة وسيستغلّ مخترقي أنصار الشّريعة الأوضاع وينفّذوا مشاريعهم لخدمة مصالح معيّنة”.
حزب التحرير: أسلوب الحملات الأمنية مرفوض
وعن موقف حزب التّحرير من حملات اعتقال السّلفيّين، أكّد رضا بلحاج النّاطق الرّسمي باسم الحزب أنّ أسلوب هذه الحملات مرفوض، مبرزا أنّ التّعميم مرفوض ويوقع في المغالطات ويقول في هذا الإطار :”حتّى في الحالات العسكريّة للقضاء على هدف معيّن، يرفض استهداف منطقة كاملة ويعدّ ذلك جريمة ضدّ الإنسانية ، فالمخالف عليه مخالفاته والمجرم عليه إجرامه والإرهابي عليه إرهابه”.
وأضاف أنّ :”هذه الاعتقالات تخلق دود فعل عكسيّة ولذا يجب على الأطراف المعنيّة استهداف الدّاء مباشرة والقضاء عليه دون الإضرار بأشخاص أبرياء، لأنّ المسألة حسّاسة وتتطلّب تشخيص دقيق حتّى لا تقع الحكومة في حماقات”.
محامي السلفيين أنور أولاد علي: تحذير من تجاوزات
أمّا بخصوص موقف الأستاذ أنور أولاد عليّ محامي السّلفيّين فقد قال : ” أكيد أنّه يوجد إرهاب وأناس مورّطون فيه، لابدّ من التّعامل معهم وتحويلهم إلى القضاء، لكن الخشية من أن تقع تجاوزات من قبل الأمنييّن، تدفع السّلفيين إلى القيام بردود أفعال خطيرة، ولهذا لابدّ أن نحارب الإرهاب دون ممارسة الإرهاب”.
وأبرز محدثنا أنّ : ” الأعوان في حالة هستيريّة وانفلات ويقومون بحملات اعتقاليّة لكلّ السّلفيّين، وهذا خطير لأنّها ستبرز ردود أفعال عكسيّة، ومواجهات عنيفة بين الأمن وفئة من السّلفيّين، ما من شأنه أن يزيد في عدد القتلى في صفوف الطّرفين، ولهذا يجب أن يتمّ التّعامل مع هذه الظّاهرة بصرامة دون تجاوز القانون ودون انتهاك لحقوق الإنسان ودون التّعميم وذلك بالتّعامل فقط مع من أذنب، لأنّ القضاء الجزائي لا يقاضي الأفكار”، وفق تعبيره.
من جهة أخرى أشار المتحدّث إلى ضرورة الالتزام بالقانون وعدم استسهال الحلّ الأمني واللّجوء إلى الحوار والنّقاش مع هذه الفئة قبل دخولها بؤرة الإرهاب لأنّ عمليّة عزلهم ونبذهم لا تولّد سوى النّقمة والعنف.
وليد زروق: التيار السلفي مخترق
وفي ذات السّياق قال وليد زرّوق كاتب عامّ نقابة السّجون والإصلاح إنّ :”التّيار السّلفي مخترق من قبل العديد من المجموعات لخدمة مصالح معيّنة، ولا أظنّ أنتّ شخص يخاف الله يمكن أن يسفك دماء حماة الوطن ويقتلوا أبرياء، هذه المجموعات هدفها إضعاف المؤسّسة الأمنيّة وإجهاد القوّات النّظاميّة إلى غاية إنهاكها، ومن جهتنا نحن نعمل على الحدّ من هذه الظّاهرة والقضاء عليها دون أن نظلم أحد، مع الإشارة الى أنّ من سوّغ منزله لهذه المجموعات أو من تعامل معهم ومدّهم بالمؤونة…يتحمّل مسؤوليّته في ذلك، كما أنّ الدّعوة الى الفتنة والى العنف من قبل الأئمّة في خطاب يوم الجمعة (مثلما حصل اليوم) يجب أن تعرف حدّا، ويتمّ التّعامل معها بصرامة”، وفق تعبيره.
ارهاب جهادي
وفي إطار آخر تجدر الإشارة إلى أنّ الإرهاب “الجهادي” ليس حديثا في تونس فقط سبق خلال النّظام السّابق وأن ضرب بقوّة سنة 2002 إثر تفجير مدخل كنيسة الغريبة بجربة، كما ضرب مرّة أخرى في سليمان سنة 2006، لكن سياسة بن علّيّ منعت تمركز هذه الظّاهرة في تونس، لكن اليوم وبعد هشاشة الأوضاع السّياسيّة واختراقات على مستوى المؤسّسة الأمنيّة كما يؤكّد ذلك مراقبون،عاد الإرهاب ليتموقع مجدّدا بقوّة بعد ثورة 14 جانفي 2011.
هدى هواشي