تونس- افريكان مانجر
“الاهدار الغذائي آفة حقيقية في تونس”، ووفقا لاحصائيات صادرة عن الجمعية التونسية جذور وتنمية مستديمة فإنّ التبذير يتسبب في خسارة كل أسرة حوالي 240 دينارا في السنة، أي ما يعادل 480 مليون دينار لجميع التونسيين.
و”يتضاعف الإهدار الغذائي خلال فصل الصيف وشهر رمضان ومواسم الاحتفالات، ويعّد جزءا كبيرا من المنتجات الغذائية المهدورة منتجات مستوردة ممّا يعني أنّ لها تكلفة هامّة على المجموعة الوطنية “، بحسب ما صرّح به على عبّاب، دكتور في الاقتصاد الزراعي مبينا انه يتّم إهدار حوالي 100 مليون دينار كل سنة، وعلى سبيل المثال، من خلال استهلاك الخبز الذي يتّم تصنيعه من الحبوب التي نستوردها من الخارج وهو ما يتكلّف باهضا على المجموعة الوطنية “.
على الصعيد البيئي يؤدي الإهدار الغذائي الى تفاقم الأثر الايكولوجي للبلاد من خلال الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية وتدهوّر النظام الايكولوجي والمناخ. وقد أكّد رضا عبّاس، خبير في الاقتصاد الدائري وإدارة النفايات قوله :” نحن نعلم أن المنتجات المهدرة ينتهي بها الأمر إلى مكبّات النفايات، وقد بات تأثير النفايات على البيئة، ولا سيما على التربة والهواء والمياه الجوفية، أكثر حدّة خاصة مع الطريقة الحالية المعتمدة في ادارة النفايات، مضيفا أنّ :” التأثير على المناخ مهّم للغاية لأنّ النظام الغذائي هو المسؤول الرئيسي على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري”. وللإشارة فإنّ الاهدار يبدأ من الانتاج الزراعي، وأنّ التقلبّات المناخية والأمراض والآفات تؤثر بالفعل على المحاصيل، إضافة إلى بعض الممارسات والآلات الزراعية التي تؤدي إلى خسارة كبرى في الإنتاج الاجمالي.
وأمام هذه الوضعية، قررت الجمعية التونسية جذور وتنمية مستديمة إجراء حوار وطني حول هذه المسألة، تشارك فيه جميع الأطراف المعنية وذلك لفهم هذا المشكل وحجمه ومسؤوليته وآثاره الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وحسب خبراء جمعية جذور وتنمية مستديمة (RDD)، يتعّين على الوزارات والمؤسسات المعنية تطوير الاستراتيجيات وخطط العمل وقد يساعد خلق منصة أو مرصد حول الخسائر والإهدار الغذائي في التواصل بشكل أفضل وتنسيق هذه الإجراءات. وللإشارة ، فإنّ وزارات الفلاحة والتجارة والصناعة والبيئة ستكون معنية بهذه الاستراتيجيات، فضلا عن وزارات أخرى مثل التربية، والتعليم العالي، والشؤون الاجتماعية، والسياحة، وسيلعب الإطار التشريعي دوره بلا شك في مكافحة الإهدار الغذائي، وذلك بتشجيع قنوات التوزيع الكبرى والمطاعم على تقديم بقايا الأطباق والمنتجات الغذائية لصالح الجمعيات الخيرية مقابل إعفائها من ضرائب معينة. كما أن إصلاح نظام تعويض المنتجات الأساسية يمكن فعليا أن يشجّع على الاعتدال الغذائي للمستهلكين، ومن المؤكد أن أحد آثاره المباشرة سيكون تقليل إهدار العديد من المنتجات المستفيدة من نظام التعويض الحالي. علاوة على ذلك، ينبغي وضع وتطوير برنامج للتربية والتحسيس واسع النطاق لمكافحة الإهدار الغذائي، يشمل المؤسسات العمومية والمدارس ومنظمات المجتمع المدني.
على مستوى قطاع السياحة، يتعّين على الفنادق تجنّب خدمات “البوفيهات ” أو على الأقل تحسين إدارتها، وتحسين عمليات الشراء، وإدارة الاقتصاد والتحكّم في سلسلة التبريد. وسيكون تدريب موظّفي المطابخ والمطاعم على الممارسات الجيّدة أمرا مهمّا في مكافحة الإهدار الغذائي. دون نسيان توعية الحرفاء بعواقب الإهدار الغذائي.
ومن خلال الحدّ من الإهدار الغذائي واعتماد ممارسات مستديمة، ستساهم الفنادق في تحسين صورتها وبالتالي تحسين صورة تونس كوجهة مميّزة.
من جهتهم سيتعيّن على قطاعي التجارة والتوزيع إعطاء الأولوية للقنوات القصيرة، التي ستكون ملائمة للحفاظ على جودة المنتجات وبالتالي تقليل الإهدار الغذائي والخسائر.