تونس-افريكان مانجر
يزيد توتر الأوضاع بين روسيا وأوكرانيا، وهما أكبر دولتين مصدرتين للقمح في العالم، من حالة عدم اليقين في السوق الدولية من حيث إمدادات الشعير و الذرة و القمح .
و تعتبر روسيا وأوكرانيا من أكبر مصدري الحبوب في العالم، حيث تمثل صادراتهما من القمح مجتمعة ما يقرب من ربع الإمداد العالمي.
وتم في عام 2020 ، حصاد 65.4 مليون طن من الحبوب في أوكرانيا من مساحة 15.3 مليون هكتار ، و في عام 2019 بلغ حصاد الحبوب في أوكرانيا 75.1 مليون طن ، و في عام 2018 – 70.1 مليون طن.
هذا و كثفت تونس و مصر والمغرب مشترياتها من القمح الأوكراني السنة الماضية، وأصبحت من أكبر المستهلكين له عبر العالم، وفق موقع أوكراني يعنى بإحصاءات الصادرات من الحبوب والقمح.
و في هذا السياق قال محمد رجايبية عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري المكلف بالزراعات الكبرى، ان الاضطربات الدولية في سوق توريد الحبوب سيؤثر بالضرورة على التزويد بهذه المادة بالنسبة لكل الدول الموردة بما في ذلك تونس .
و قال رجايبية في حديث ، لافريكان مانجر ، ان المخزون الاستراتيجي التونسي من مادة القمح موجود حاليا و ذلك بالاضافة الى الصابة الوطنية من القمح الصلب خلال الاربع اشهر القادمة .
و اوضح محدثنا ، بان الحروب أو الجوائج الصحية تكون لها عادة انعكاساتها الواضحة على اسعار المواد المصدرة على غرار القمح حيث تشهد تكلفتها ارتفاعا على مستوى التزويد و النقل.
و لفت ذات المصدر بان الديوان الوطني الحبوب ، اخذ بعين الاعتبار هذه الاضطربات الدولية التي من الممكن ان تحصل مستقبلا ، مشيرا بان هذه المؤسسة هي المسؤولة على الشراءات و الصفقات الخاصة بالحبوب في تونس .
وكشف رجايبية، بان اتحاد الفلاحة طالب في عديد المرات ان يتم وضع استراتيجية شاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي على مستوى الغذاء, وذلك تجنبا لهذه الازمات الدولية و التغيرات الجيوسياسية , مشددا على ان تونس قادرة على تحقيق اكتفاءها الذاتي من مادة القمح .
وبلغت صادرات القمح الأوكراني منذ بداية العام التسويقي 2021-2022 (جويلية -جوان) حتى 24 جانفي ، 16.6 مليون طن، بزيادة من 12.9 مليون طن مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق.
و تشير بيانات وزارة الزراعة الأميركية، إلى أن مصر والجزائر جاءتا في صدارة الدول العربية المستوردة للقمح، إذ استوردت مصر خلال 2020، نحو 9.6 ملايين طن تشكل 5.8% من واردات العالم من القمح في ذلك العام، بينما استوردت الجزائر حوالي 7 ملايين طن، تمثل 4.3% من الاستيراد العالمي في العام ذاته.
وتحل العديد من الدول العربية في مراكز تالية، إذ يأتي المغرب بعد الجزائر بواردات تبلغ نحو 4.8 ملايين طن، العراق 3.3 ملايين طن، اليمن 3.3 ملايين طن، السعودية 3.2 ملايين طن، السودان 2.7 مليون طن، الإمارات 1.8 مليون طن، وتونس 1.6 مليون طن.
وتعتمد 14 دولة على الواردات الأوكرانية لأكثر من عشرة في المئة من استهلاكها من القمح. وعلى سبيل المثال، تستورد اليمن وليبيا 22 و43 في المئة على التوالي من إجمالي استهلاكهما من القمح من أوكرانيا.
في هذا السياق، حذرت مجلة “فورين بوليسي” من أن الهجوم الروسي على أوكرانيا، إذا حدث، سيمتد تأثيره إلى الكثير من البلدان في أوروبا وآسيا وأفريقيا.
و عبرت المجلة عن مخاوفها من تحول أي هجوم محتمل على أوكرانيا إلى استيلاء على الأراضي من قبل الانفصاليين المدعومين من روسيا، “فقد يعني ذلك انخفاضات حادة في إنتاج القمح وهبوطا حادا في صادرات القمح”.
وتقول المجلة إنه “بالرغم من أن أسعار الغذاء العالمية آخذة في الارتفاع بالفعل إلى جانب أسعار السلع الأساسية الأخرى، فإن أي اضطراب يهدد بمزيد من الصدمات في الأسعار مع تدافع البلدان المستوردة للحصول على الإمدادات”.
وتتوقع المجلة تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في العديد من البلدان النامية التي تعتمد على أوكرانيا في القمح، خاصة في البلدان غير المستقرة سياسيًا مثل ليبيا واليمن ولبنان، “كما يمكن أن يؤدي ارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي إلى اشتعال الصراع، وزيادة التوترات العرقية، وزعزعة استقرار الحكومات، وامتداد العنف عبر الحدود، في بعض البلدان الأخرى”، مشددة على أنه “لا ينبغي التهوين من خطورة هذه السيناريوهات”.
لكنها تؤكد أنه “إذا كان الغزو أمرا لا مفر منه، فيجب على الحكومات في جميع أنحاء العالم أن تكون مستعدة للرد بسرعة لتجنب مشكلات الأمن الغذائي والمجاعات المحتملة، بما في ذلك عن طريق إرسال مساعدات غذائية إلى البلدان المحتاجة، وتسريع تحولات سلسلة التوريد لإعادة توجيه الصادرات إلى عملاء أوكرانيا الحاليين”.