تونس- افريكان مانجر
97 % من الباعة المتجولين في نهج اسبانيا بالعاصمة لا يتمتعون بالضمان الاجتماعي و82 % ليس لهم حسابات بنكية فيما عبرت 55 بالمائة من العينة المستجوبة عن تشاؤمها من تحسن وضعيتهم في المستقبل، وفق ما كشفته نتائج دراسة انجزها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول “سوق نهج إسبانيا او منهج الاقتصاد الشارعي في تونس”.
“الاقتصاد الشارعي”… انتشار للجريمة المنظمة
ويُبرز تفاقم الاقتصاد الموازي عجز الدولة عن لعب دورها في حماية أصحاب الأنشطة التجارية المنظمة من المنافسة غير المتكافئة، تُبيّن أنّ الحلّ الزجري والردعي لا يحدّ من تغول هذه الظاهرة التي باتت اليوم تمثل نحو 50 % من معاملات الاقتصاد التونسي.
ويقول الباحث في القانون آدم مقراني في تصريح لـ “افريكان مانجر” إنّ الدولة مطالبة بتغيير مقاربة التصدي للتجارة الموازية واعتماد منهج تحفيزي لاستيعاب الباعة وادراجهم في الاقتصاد المنظم، مٌشيرا الى انّ القانون المتعلق بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني الصادر خلال سنة 2020 لم يدخل بعد حيز الاستغلال، ممّا حال دون ادراج التجار المتجولين في الحياة الاقتصادية.
وأكد المصدر ذاته، أنّ تواصل انتشار “الاقتصاد الشارعي” من شأنه ان يكون أرضية لارتفاع الجريمة المنظمة وجرائم الاتجار بالبشر والمتاجرة بالمخدرات.
وجاء في الدراسة التي تم تقديمها الخميس 13 أكتوبر 2022، أنّ أغلبية الباعة هم أصيلوا ولاية القصرين، 62 بالمائة يعتبرون عملهم غير ضار بالاقتصاد ويفر نحو 84 بالمائة منهم في الهجرة غير النظامية.
وضعية مادية هشة
وفي حديث مع بعض الباعة الذي التقاهم “افريكان مانجر” بنهج اسبانيا تحدثوا عن ظروف عملهم القاسية، بحسب تعبيرهم، مشددين على أنّ وضعيتهم المالية الهشة ومحدودية مستواهم التعليمي دفعهم الى العمل بالسوق الموازية.
ويقول أحدهم إنّ الدولة لم تتدخل بالشكل المطلوب لتحسين وضعهم الاقتصادي، فأغلبهم لا يتمتع بالتغطية الاجتماعية وليس لديهم دفتر علاج كما أنّ ازدهار تجارتهم يكون مناسبتيا، بحسب تعبيره، وعبر عن تذمره من “تكرار عمليات المطاردة من قبل الأجهزة الأمنية والمصالح البلدية التي تنتهي عادة بحجز السلع.
واختتم حديثه بالقول :” نأمل أن تفتح الحكومة الحالية ملف التجارة الموازية وتتوصل الى إقرار قانون ينصف الجميع، ويسمح بادماجنا في الاقتصاد المنظم بطريقة ميسرة”.
ورغم غياب الأرقام الرسمية، فإنّ بعض الدراسات تقول ان التجارة الموازية والتهريب في تونس تتسبب في خسائر جبائية للدولة
تقدر بـ 1,2 مليار دينار في السنة منها 500 مليون دينار معاليم ديوانية.
من جهته، أوضح الباحث في علم الاجتماع سفيان جاب الله أنّ نسبة كبيرة من الباعة مستواهم التعليمي محدود ذلك ان 52 % لم يتجاوزوا التعليم الابتدائي و34 بالمائة في حالة أمية.
وقال إنّ الغالبية تنحدر من مدينة سبيبة بولاية القصرين وليسوا “جلامة” مثلما يعتقد البعض ويعملون في ظروف صعبة وغير آمنة.
البحث عن مقاربات جديدة
وفي رد على سؤال يتعلق بالحلول المقترحة للحد من استفحال “الاقتصاد الشارعي” الذي لم يعد حكرا على العاصمة، وبات يشمل اليوم مختلف ولايات الجمهورية، افاد رمضان بن عمر الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعي أنّ الذين ينشطون في التجارة الموازية هم أشخاص أقصاهم الاقتصاد المنظم و”الدولة حاولت معالجة الازمة بالاعتماد على مقاربة التجارة المنظمة وهي مسألة غير ممكنة فباءت كل المحاولات بالفشل”.
ويرى محدثنا أنّ “هذه الظواهر يقف وراءها عجز الدولة عن خلق سياسات اجتماعية تحقق الاندماج لمختلف الفئات”، متابعا أنّه يجب التعامل إيجابيا مع الملف المطروح وليس بالمنطق الزجري، حيث اثبتت التجارب أنّ “القمع والعصا” وسائل لا تحلّ المشكلة ويجب فتح أطر للنقاش مع هؤلاء لإيجاد حلول تُرضي جميع الأطراف.
ولفت بن عمر الى أنّ “نهج اسبانبا ليس رمزا للفوضى بل هو قبلة مفضلة للعديد من الاسر محدودة الدخل وهو أيضا وسيلة لجلب حرفاء لأصحاب المحلات والأنشطة التجارية المنظمة، وفق قوله.
يُشار الى ان الدراسة بينت ان 33 بالمائة من المستجوبين يعتقدون ان التجارة الموازية مفيدة للاقتصاد المنظم فيما يرى 62 بالمائة ان تجارتهم لا تضر الأنشطة التجارية المهيكلة.