تونس- أفريكان مانجر
قرر البنك المركزي التونسي الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنوك من دون تغيير بعد زيادة شهر جوان الأخيرة بـ0.25 % في محاولة منه للتقليص من تداعيات التضخم على الاقتصاد الوطني في ظل انكماش الاستثمار، ليراوح معدل الفائدة حاليا في مستوى 4.75%..
وحذر المركزي التونسي في بيان أصدره في ساعة متأخرة من يوم أمس من تداعيات تضخم العجز التجاري على استقرار الاقتصاد الوطني، حيث ناهز 5 مليارات دينار منذ بداية العام في تطور غير مسبوق مقارنة بالفترة لما قبل الثورة التونسية فيما شهد أيضا الدينار التونسي تدنيا قياسيا إزاء الدولار لتبلغ قيمته حاليا نحو 1.74 دينار، وهيعوامل أسهمت في ارتفاع التضخم إلى مستوى خطير (6%) في ظل تسارع نسق الاقراض لدى البنوك (نمو بأكثر من 6%).
تباطؤ في النمو الاقتصادي
وأكد المركزي أرقام المعهد الوطني للاحصاء بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي، حيث بلغت نسبته2٪ بحساب الانزلاق السنوي خلال الثلاثي الثاني من العام الحالي، مقابل 2,8٪ خلال نفس الفترة من السنة الماضية لتبلغ بذلك نسبة النمو خلال النصف الأول من السنة الجارية 2,1٪.
انتعاشة في الفلاحة والسياحة
و باستثناء قطاع الفلاحة والصيد البحري الذي شهد انتعاشة طفيفة (1٪ مقابل -4٪ خلال الثلاثي الثاني من سنة 2013)، يعود تراجع نسق النمو أساسا إلى تواصل تقلص القيمة المضافة لقطاع الصناعات غير المعملية (-5,8٪ مقابل -1,4٪) وتباطؤ النمو في بقية القطاعات لاسيما الصناعات المعملية (0,1٪ مقابل 4,1٪) والخدمات المسوقة (3,8٪ مقابل 4٪).
وسجل التحسن الهام لأهم مؤشرات القطاع السياحي، خلال شهر أوت 2014، مع زيادة المداخيل بالعملة خلال العشرين يوما الأولى من نفس الشهر بـ40,1٪ مقابل 12,9٪ قبل سنة، وذلك بالعلاقة مع تسارع دخول الوافدين المغاربيين (107,8٪ مقابل -48,2٪).
لا انفراج في العجز الجاري
في المقابل، و في إطار متابعته لمؤشرات القطاع الخارجي، لاحظ المركزي غياب أي بوادر انفراج على مستوى العجز الجاري، بل و بالعكس، سجل هذا العجز توسعا بـ 29,3٪ خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي ومقارنة بنفس الفترة من العام السابق، ليبلغ4.950 مليون دينار )م.د( أو ما يمثل 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 3.829 م.دو5٪ خلال نفس الفترة من السنة المنقضية، بحسب بيان البنك المركزي.
و يعود هذا المسار السلبي إلى تواصل انزلاق عجز الميزان التجاري، حيث ارتفع بـ18,2٪، بالعلاقة مع تواصل تردي ميزان الطاقة من ناحية، نتيجة انخفاض صادرات النفط الخام (-11٪) و ارتفاع مشتريات الغاز الطبيعي (66,9٪)، و تفاقم عجز الميزان الغذائي ( – 68,8٪) من ناحية أخرى، حيث ظلت واردات المواد الغذائية في مستويات مرتفعة بالرغم من تراجعها بـ5,7٪ من سنة لأخرى.
إلا أن هذه التطورات، وبحسب تعبير محرر البيان، لم تنعكس مباشرة على وضعية الموجودات الصافية بالعملة الأجنبية التي حافظت على مستوى مقبول بحوالي 12.642 م.د أو ما يعادل 113 يوما من التوريد في موفى شهر أوت 2014، مقابل 104 أيام في نفس التاريخ من العام السابق، و ذلك بفضل تحسن المداخيل، خاصة بعنوان تعبئة موارد خارجية هامة.
التضخم في ارتفاع
وبخصوص تطور الأسعار، لاحظ المجلس تواصل ارتفاع نسبة التضخم، في شهر جويلية 2014، حيث بلغت 6٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 5,7٪ في الشهر السابق في حين كانت في حدود 5٪ في شهر مارس الماضي، وذلك نتيجة تعديل أسعار بعض المواد المؤطرة وكذلك تواصل تطور الأسعار الحرة بنسق مرتفع.
وفيما يخص التضخّم الأساسي(ما عدا المواد الغذائيّة والطاقة)، فقد شهد بدوره بعض التسارع في نسق تطوّره حيث ارتفع بنسبة 4,6٪، خلال نفس الشهر، مقابل 4,3٪ في الشهر السابق.
نمو في الاقراض البنكي
وعند تحليله لنشاط القطاع المصرفي، سجل المركزي تطورا إيجابيا لنسق الإيداعات خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي (6٪ مقابل 2,6٪ خلال نفس الفترة من 2013) نتيجة عودة الإيداعات تحت الطلب للارتفاع وتواصل زيادة الحسابات لأجل.
كما سجلت المساعدات للاقتصاد ارتفاعا ملحوظا في نسق تطورها، خلال نفس الفترة (6,5٪ مقابل 3,9٪قبل سنة) بالعلاقة مع انتعاشة القروض قصيرة الأجل وتدعم نسق تطور القروض متوسطة وطويلة الأجل، إلى جانب تراجع نسق تطور القروض غير المستخلصة وقروض الدعم.
انفراج لدى البنوك
وبالنسبة للتطورات النقدية، شهدت حاجيات البنوك من السيولة بعض الانفراج خلال شهر أوت 2014، مما أدى إلى تقلص الحجم الجملي لتدخلات البنك المركزي في السوق النقدية إلى حدود 4.297 م.دفي موفى الشهر مقابل 4.979 م.د في نهاية شهر جويلية المنقضي. وقد أدى هذا التطور إلى انخفاض نسبة الفائدة في هذه السوق من نهاية شهر لآخر (4,55٪ مقابل 4,98٪).
ارتفاع سعر الدولار
وعلى مستوى سوق الصرف، سجل المجلس بعض التحسن في قيمة الدينار مقابل الأورو، خلال شهر أوت 2014، حيث شهد ارتفاعا بـ0,4٪ ليبلغ سعر الصرف، يوم 28 من الشهر، مستوى 2,2941 دينار، في حين تراجع بعض الشيء إزاء الدولار الأمريكي (-1,1٪) الذي بلغ سعره 1,7383 دينار في نفس اليوم، و ذلك بالعلاقة مع تحسن نسبي للسيولة في سوق الصرف. ومقارنة ببداية العام الحالي، بلغ الانخفاض 1,2٪ مقابل الأورو و5,3٪ إزاء الدولار.
في المقابل، أكد المجلس على مدى خطورة التطورات التي ما انفك يشهدها القطاع الخارجي جراء التفاقم المتواصل لعجز الميزان التجاري، مما يستدعي التعجيل باتخاذ الإجراءات الضرورية التي من شأنها الضغط على نسق الواردات، بالتوازي مع العمل على دفع نسق الصادرات، بحسب ذات المصدر.