تونس-افريكان مانجر
“حرب باردة “و غير معلنة بين رؤوس السلطات الثلاث في تونس ، انطلقت منذ تشكيل أولى الحكومات بعد انتخابات سنة 2019 ، الا انها تعمقت بسقوط حكومة الياس الفخفاخ والتي قام بتسميتها رئيس الجمهورية حينها .
و تتعرى “هذه الحرب” امام العموم مع تشكيل حكومة هشام المشيشي و اختياره الشق السياسي على حساب الشق الرئاسي و الذي كان من رشحه لهذا المنصب .
الخلاف رغم نكرانه من البعض سابقا ، اصبح اليوم لا يخفى على القاصي و الداني خاصة مع التحوير الوزاري الأخير و الذي تعطله بسبب رفض رئيس الجمهورية أداء الوزراء الجدد اليمين الدستوري أمامه.
الأزمة ترجمت على لسان رئيس الجمهورية عدة مرات ، فهو لا يفوت فرصة أي خطاب ليقوم ببعث رسائل مشفرة لرئيس البرلمان راشد الغنوشي أو لرئيس الحكومة هشام المشيشي لتصبح الحياة السياسية و الحكومية في تونس ، بمثابة ” تقنص فرص” بين الأطراف الثلاث للذم أو لتعداد الأخطاء في بحث متواصل لحاضنة شعبية او لرصيد انتخابي جديد .
أخر الأزمات ، كانت مع بداية هذا الشهر “مارس “2021 ، عبر إعلان رئاسة الحكومة إذنها بفتح بحث تحقيقي حول ملابسات تلقي رئاسة الجمهورية حوالي 500 تلقيح مضاد لفيروس كورونا من دولة الإمارات و التي سلمتها إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية.
يأتي ذلك بعد تداول وسائل التواصل الاجتماعي لخبر تمتع بعض المسؤولين و السياسيين بتلقيح فيروس كورونا في حين أن الشعب التونسي لم يتمكن من أي جرعة إلا الآن.
تناحر بين السلطات التنفيذية انعكس على الحياة الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد ، حيث ان وكالة موديز للتصنيف الإئتماني، أكدت تصنيف تونس عند مستوى B2 مع نظرة مستقبلية سلبية، في شهر أكتوبر 2020، بعد أن قامت بوضع تصنيف تونس B2 “قيد المراجعة نحو التخفيض” في شهر افريل 2020 .
ووفق بيان الوكالة، فإن “هذا التصنيف يعكس ضعف الحوكمة في مواجهة القيود الاجتماعية المتزايدة التي تمنع بشكل متزايد مرونة الحكومة في تنفيذ التعديل المالي وإصلاحات القطاع العام التي من شأنها أن تحقق الاستقرار وتعكس الزيادة الملحوظة في عبء ديونها في نهاية المطاف”.
وتابعت الوكالة “ومن شأن مثل هذه التأخيرات أن تزيد من عدم اليقين بشأن قدرة الحكومة على تأمين الوصول المستمر إلى مصادر التمويل الخارجية الرسمية والحفاظ على الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية بشروط ميسورة من أجل تلبية متطلبات التمويل المرتفعة على مدى السنوات القليلة المقبلة”.
و تاتي هذه الحرب في ظل تردي غير مسبوق للحياة الصحية للمواطن التونسي يعيشها منذ انطلاق جائحة كورونا ، حيث ان البنية التحتية للمستشفيات أثبتت هشاشتها مع افتقارها لأهم الوسائل اللازمة لمواجهة هذا الفيروس .
كما ان الوضع وصل ببلاد الحضارات (تونس) لان تكون من بين الدول الأكثر فقرا و التي بقيت في أسفل ترتيب الدول التي ستحصل على تلقيح فيروس كورونا .
اما الوضع الاجتماعي فهو ليس ببعيد عن الصحي و الاقتصادي ، فارتفاع الأسعار متواصل مع تدهور للمقدرة الشرائية للمواطن حيث كشف التقرير الذي نشره المعهد الوطني للإحصاء أن نسبة الفقر في تونس تتراوح بين 0.2 % و53.5 % وهو ما يكشف التفاوت عن الكبير بين مناطق الجمهورية.
في ظل هذا ، ستنطلق تونس هذا الأسبوع في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بحثا عن موارد مالية عبر التداين الخارجي لتحصيل موازنتها لهذه السنة .
و تبقى البلاد تتدحرج بين خطي السياسة و الفقر ، فلا أحزاب تخاف الجوع و لا حكومة تقاوم الفساد و لا رئاسة جمهورية موجودة في هذا “الكوكب ” .