تونس-أفريكان مانجر- وكالات
في إطار المخاوف من تزوير الانتخابات الرّئاسيّة، خاصّة وأنّها قد سبقتها عمليّات تزوير كبرى في جمع التّزكيات يواصل عدد من المراقبين للشأن العام التّعبير عن مخاوفهم وسط تسليم البعض الاخر بتزوير الانتخابات، وقد حذّر في هذا السّياق الشّيخ فريد الباجي رئيس جمعيّة دار الحديث الزّيتونيّة في حديث خاص الى إذاعة مونت كارلو الدولية من مغبة الاستمرار في ما يعتبره “عملية تزوير مقننة ومبرمجة وممنهجة” بشأن الانتخابات الرئاسية التي ستجري في البلاد في شهر نوفمبر المقبل.
وقال نفس المتحدّث إن أحزاب ” الترويكا ” التي حكمت البلاد بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011 هي التي تقف – حسب رأيه – وراء هذه العملية ” عبر وضع قوانين بطريقة معينة”، وهي التي جعلت ” بقية التشريعات القانونية في المرحلة الانتخابية الحالية ارتجالية ومفوضة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات”. كما أكد الشيخ فريد الباجي أنه حاول إقناع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتصحيح ” الأخطاء الكثيرة ” التي ارتكبت في ما يخص الإعداد لآلية الانتخابات الرئاسية، لكنّه لم ينجح في ذلك.
التزوير “مُجَّرُم وحرام دوليا وفي الدستور التونسي”
وردا على سؤال حول الجدل الكبير الذي أثارته تصريحات سابقة للشيخ الباجي بشأن ما سمي أحيانا “فتوى تحريم الانتخابات الرئاسية” التونسية وأحيانا أخرى “الفتوى الدستورية”، أوضح الشيخ مجددا في حديثه لـ “مونت كارلو الدولية” أن التزوير “مُجَّرُم وحرام دوليا وفي الدستور التونسي والقوانين الدولية”. ورأى أن أفضل وسيلة للحد من هذا التزوير هو يقظة المجتمع المدني والسماح لكل تونسي بالمشاركة في ملاحظة الانتخابات من خلال الاستظهار ببطاقة الهوية الوطنية.
ورغم كلّ الشوائب التي يرى الشيخ فريد الباجي أنها ستشوب الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنه يعتقد أن ” انتخابات رئاسية مزورة أفضل لنا من أن تحكمنا “داعش”، ولذا دعا المتحدّث كلّ التّونسيين الى الانتخاب واختيار مترشّح والمشار في المسار الانتخابي “لأن ذلك خير من الفوضى” على حدّ تعبيره. أما في ما يتعلق بالانتخابات التشريعية التي ستجرى يوم 26 أكتوبر الجاري، فإن الشيخ فريد الباجي قال إنّ “الأمر أهون وأيسر” مشجعا التونسيين على المشاركة فيها بكثافة.
” كلما نقص عدد الناخبين، كان حظ النهضة في العودة إلى السلطة أقوى”
وحول مخاوف عدد من الأحزاب السياسية المدنية ومنظمات عديدة تمثل المجتمع المدني من إمكانية عودة حزب ” حركة النهضة ” الإسلامية إلى السلطة بقوة بعد الانتخابات التشريعية المقبلة، قال إنّ “ما يخيفنا اليوم أن نصف التونسيين غير راغب في الانتخابات ” وأنه ” كلما نقص عدد الناخبين، كان حظ النهضة في العودة إلى السلطة أقوى”.
ومن المآخذ التي يأخذها الشيخ فريد الباجي على “حركة النهضة “أنها تستخدم شعارات دينية خلال الحملة الانتخابية الحالية وتفعل ذلك في المساجد، ومن هذه الشعارات تلك التي تقول حسب الشيخ الباجي إن عدم التصويت لمرشحي ” النهضة ” يعني “أن الإسلام سيذبح في تونس “، مبرزا أن “الدين للجميع بينما الأحزاب للمجموعة ” و ” لا يحق لأي حزب أن يستخدم الدين للوصول إلى السلطة في تونس لأنها دولة مدنية “…ولابد أن تلتزم الأحزاب السياسية فيها بدستور البلاد الجديد الذي ساهمت في صياغته على حدّ تعبيره.
قانون الإرهاب هو ” أخطر ما يعد لتونس ” اليوم
كما علّق الشيخ فريد الباجي على ” بعض صقور حركة النهضة ” لاستمرارهم في ” تبني الفكر السلفي” الذي لا ينسجم مع تاريخ تونس وتقاليدها، محمّلا الحركة جانبا كبيرا من مسؤولية تداعيات إمكانية المصادقة على مشروع قانون مكافحة الإرهاب المطروح حاليا أمام المجلس الوطني التأسيسي التونسي. وبرر ذلك بالقول إن ” المصادقة ” على مثل هذا المشروع من شأنها التسبب في تغذية الإرهاب لا في احتوائه”. وقال بهذا الخصوص: ” نحن كمجتمع مدني سنقف ضد هذا القانون” لأنه يسمح حسب رأيه “لأي تنظيم تكفيري وتدميري قاتل بالانضمام إلى هذا التنظيم”، بل إن الشيخ الباجي اعتبر أن هذا القانون هو ” أخطر ما يعد لتونس ” اليوم.
من جهة تجدر الاشارة، أنّه رغم كلّ هذه التّصريحات “المتشائمة، الاّ أنّ الشيخ فريد الباجي بدا متفائلا بمستقبل تونس في نهاية حديثه لإذاعة ” مونت كارلو الدولية ” قائلا إنّه” بعد جلوسي مع كثير من رؤساء الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية وبعض المرشحين للرئاسة، تبين لنا أن جانب الاعتدال هو الذي سينتصر ” في نهاية المطاف.