تونس- افريكان مانجر
أكّدت كثير من التّحاليل السّياسيّة والتّقارير الإخباريّة فشل الحوار الوطني نتيجة مراوغات النّهضة وتعنّتها المتواصل (خاصّة بعد تأجيل الحوار إلى أجل غير واضح)، في حين اعتبر البعض الآخر الحوار الوطني متعثرا وقد يفشل ويعرّض تونس لمخاطر أخرى، ورغم هذا النّظرة التّشاؤميّة لمستقبل تونس، لم تفقد بعض الجهات الأمل في إمكانية توافق الرّباعي الرّاعي للحوار والعودة إلى طاولة الحوار.
هذا الاختلاف في الآراء والتّوقّعات، تزامن اليوم الأربعاء 6 نوفمبر 2013 مع انعقاد جلسة مع كلّ الأطراف الرّاعية للحوار بهدف ضبط برنامج عمل يؤمّن نجاح الاجتماع القادم مع مختلف الفرقاء السياسيين، وفق تصريحات المولدى الجندوبى الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل لمختلف وسائل الإعلام.
الاتّحاد يسعى للحوار والنّهضة تصرّ على عدم التّوافق
تجدر الإشارة الى أنّ الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل أكّد من جهته ضمن تصريحات اذاعيّة أنّ الرباعى بصدد إجراء اتصالات مع الفرقاء السياسيين والشّخصيات المرشّحة لمنصب رئاسة الحكومة القادمة، مع المحافظة على الأسماء الأربعة التي تمّ التوافق عليها نهاية الأسبوع الماضي دون طرح لأسماء جديدة.
وفي هذا الإطار، نلاحظ أنّ إعادة طرح الإتّحاد للأسماء الأربعة المرشّحة لمنصب رئاسة الحكومة القادمة، يمكن أن يجعل من النّهضة تواصل تعنّتها وتصرّ على موقفها بخصوص تنصيب أحمد المستيري رئيسا للحكومة القادمة، خاصّة وأنّ راشد الغنوشي “مازال يعتقد أن أحمد المستيري هو أفضل مرشح لرئاسة الحكومة“ حسب تصريحات خاطفة للصحافيين عقب لقائه الأمين العام التونسي للشغل حسين العباسي اليوم الأربعاء 6 نوفمبر 2013.
سيناريو كلاسيكي
وعن أراء بعض المحلّلين السّياسييّن وتوقّعاتهم حول مصير الحوار الوطني، أوضحت سلوى الشّرفي الأستاذة المحاضرة في مجال الإعلام والمحلّلة السّياسيّة أنّه : ” من الواضح أنّ النّهضة تراوغ ولا ترغب في مغادرة الحكومة”، مضيفة أنّ : ” النّهضة سبق وأن أكّدت قبل انطلاق المفاوضات أنّه ليس لها مرشّح، واليوم بعد انتهاء المشاورات تتمسّك بمرشّحها، ومن هذه الخلفيّة نتأكّد أنّه من الصّعب رؤية حلّ في الوقت الرّاهن، إلاّ إذا أرادت النّهضة أن تعود إلى التّوافق والتّفاوض حول الشّخصيّات المرشّحة لرئاسة الحكومة القادمة دون التّشبّث بأحمد المستيري (هو أو لا أحد)”، وفق تعبيرها.
من جهة أخرى أشارت محدّثتنا أنّ ” النّهضة خالفت مبدأ التّوافق وتعنّتها يعني رفضها لمقتضيات الحوار الوطني، وعلى هذا الأساس يمكن القول إنّ الحلّ اليوم بيد النّهضة لـ “حلحلة” الوضع، أمّا إذا واصلت النّهضة تمسّكها بمرشّحها، نصبح أمام سيناريوهين، احدهما كلاسيكي ويتمثّل في انسحاب النّوّاب مرّة أخرى والعودة إلى الشّارع والى تجييش المواطنين، ونعود بذلك إلى نقطة الصّفر على غرار ما حصل في شهري جويلية وأوت بهدف الوصول إلى حوار وطني وهي نفس النتيجة التّي وصلنا إليها حاليّا، وهو ما قد يجعل البلاد تدور في حلقة مفرغة، مع العلم وأنّ هذا السيناريو مستبعد حصوله نوع ما “.
النّهضة ستتسبّب في انهيار الدّولة
وفي ذات السّياق أبرزت سلوى الشّرفي : ” أنّ السيناريو الكلاسيكي يمكن أن يدفع بالبلاد الى انهيار اقتصادي، وبذلك ستخرج الفئة الفقيرة مع دخول شهر جانفي (التّقليص في الدّعم والتّرفيع في الأداءات وارتفاع الأسعار) إلى الشّارع، وستجد النّهضة نفسها هذه المرّة أمام الشّارع وليست أمام سياسيين، وبالتّالي ستتراجع الاستثمارات ويتفاقم الإرهاب الذي يعيش ويتنفّس من رئة الفوضى وربّما يتطوّر الإرهاب حينها لنمرّ إلى مرحلة تفخيخ السّيّارات في المظاهرات، في ظلّ انقسام في قوّات الأمن، حيث سيكون جزء منها في الجبال وأخرى في المناطق الحدوديّة وأخرى للسّيطرة على المظاهرات”.
ومن هذا المنطلق بيّنت المحلّلة السّياسيّة أنّ : “النّهضة السّبب الرئيسي وراء حصول مثل هذا السّيناريو وستتسبّب في انهيار الدّولة وهي أكبر من انهيار الحكومة وسنكون بذلك أمام سيناريو لبناني أو عراقي وليس جزائري لأنّ الجزائر مهما حصل فيها لم تغب لديها الدّولة”.
اللّجوء إلى العصيان المدني وتكوين حكومة موازية
وبخصوص السيناريو الثّاني الممكن مواجهته والأقرب إلى الواقع صرّحت محدّثتنا بأنّه يتمثّل في : ” مواصلة المعارضة نضالها بالتّصعيد وعدم الاكتفاء بالنّزول إلى الشّارع بل باللّجوء إلى العصيان المدني وتكوين حكومة موازية يقع فرضها بالقوّة على مؤسّسات الدّولة أو بالتّصرّف كحكومة شرعيّة تفضح التّجاوزات وملفاّت الفساد والتّعيينات المشبوهة… مع الإشارة إلى أنّ هذا السّيناريو وقع في لبنان والعراق والجزائر أثناء الاستعمار، وفي كلّ الأحوال مهما كان نوع السيناريو لن يكون مستقبل تونس سوى الانهيار السّياسي وتأزّم أوضاع المواطن على كلّ المستويات، ولا نتوقّع شيء جميل إلاّ إذا عادت النّهضة إلى طاولة الحوار دون إملاء شروطها في ترشيح احد دون سواه”، وفق ترجيحها الباحثة الأكاديمية المحسوبة على المعارضة.
وتتوقع سلوى الشّرفي بالقول إن ” النّهضة ستخلّف في التّاريخ نقطة سوداء بسبب تعنّتها الذي تهدف به إلى وضع انتخابات على مقاسها، انتخابات تكون مزوّرة بطريقة غير ملموسة مثلما فعل بن عليّ طيلة سنوات حكمه، ولهذا السّبب تصرّ النّهضة على تقليد أحمد المستيري رئاسة الحكومة ، لأنه لا يملك القدرة الصّحيّة على النّبش في ملفّات النّهضة وفي التّعيينات التّي لها علاقة مباشرة بتزوير الانتخابات…”، وفق تعبيرها.
هدى هوّاشي