تونس-افريكان مانجر
لم يستبعد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في مقال نشره مؤخرا على موقع”الجزيرة نت”حدوث اغتيال سياسي ثالث لإرباك الأوضاع في البلاد.
تصريح رأى فيه المتابعون للشأن السياسي أنّه يستحق المتابعة خاصة وأنه يصدر عن رئيس الحزب الذي يقود البلاد، فيما تساءل آخرون عن المغزى الحقيقي من الإدلاء بمثل هذا التصريح في وقت يترقب فيه التونسيون إيجاد مخرج للأزمة السياسية التي تواجهها البلاد منذ أشهر.
و فيما ينتظر الشارع التونسي كشف الحقيقة عن الجهات المتورطة رسميا في اغتيال الشهيدين أمين عام حركة الديمقراطيين الموحد شكري بلعيد و أمين عام حركة الشعب محمد البراهمي، جاء راشد الغنوشي ليقول إنه”ليس هناك ما يرجح أن لا تنطلق من نفس المسدس أو من غيره رصاصات أخرى تربك الأوضاع إن لم تزلزلها زلزلة، وذلك في سياق وضع أمني واقتصادي وسياسي غاية في الهشاشة. و اضاف بانه “يكفي دليلا على هشاشة الأوضاع أن بضع رصاصات انطلقت من مسدس واحد كانت كافية لإسقاط حكومة وتأزيم أوضاع لم تكد تخرج منها حركة النهضة إلا بعد أن تركت وراءها ريشا غير قليل، إذ تنازلت عن نصف أسهمها في الحكومة“.
معلومات موثوقة أو مناورة سياسية
وقد اثارت توقعات الغنوشي إمكانية حدوث اغتيال سياسي ثالث ردود فعل مختلفة، حيث عبّر المحلل العسكري فيصل الشريف ل”افريكان مانجر” عن استغرابه من نشر مثل هذه الآراء إعلاميا و في هذا التوقيت بالذات و من طرف قيادي في حزب سياسي.
و أضاف محدثنا بأنه كان من الممكن القبول بهذا التصريح لو صدر عن مسؤول أمني بالاستناد إلى تحقيقات أو معلومات أمنية،ليتساءل عمّا إذا كانت لديه معلومات سياسية موثوقة أو هي مجرّد مناورة سياسية و بالنظر إلى الوضع الأمني المتدهور الذي تعيش على وقعه البلاد منذ أشهر.
و بيّن فيصل الشريف أن الاغتيالات السياسية واردة جدّا،لكننا في الحقيقة نستغرب من اختيار هذا التوقيت في وقت تمّ فيه تعليق الحوار الوطني بسبب عدم التوافق على اختيار الشخصية التي ستخلف علي العريض في رئاسة الحكومة الانتقالية القادمة. و يبدو أن هذا التلويح بالخطر الإرهابي هو عملية مقصودة على حدّ قول محدثنا،خاصة إذا علمنا أن مختلف الأحداث الدامية و العمليات الإرهابية غالبا ما تسُجل خلال شهري ديسمبر و جانفي .
الاغتيال وارد…و الغنوشي من أين له هذا؟
من جانبه قال عضو الإتحاد الوطني لنقابات قوّات الأمن الصحبي الجويني في تصريح خصّ به”افريكان مانجر”إن الاغتيالات السياسية و محاولة إدخال البلاد في مأزق جديد عملية واردة،فكل المؤشرات تؤكد أن الوضع الأمني في تونس مازال غامضا.
في المقابل تساءل محدثنا عن مصدر المعلومة التي توقع على أساسها الغنوشي حصول مزيد من الاغتيالات وأضاف قائلا:”ما شأن الغنوشي بمثل هذه التصريحات، وعلى حدّ علمنا هو رئيس حزب سياسي و ليس مسؤولا أمني “.
نوع من الكلام السياسي فحسب
و خلافا للقراءات السابقة في توقعات رئيس حركة النهضة بحدوث اغتيال سياسي ثالث،فقد صرّح الخبير في الشؤون الإستراتيجية مازن الشريف ل”افريكان مانجر”أن الغنوشي لم يستند في مقاله على معلومات دقيقة بل هي نوع من الكلام السياسي للإيهام بأن أعداء الديمقراطية ينتمون إلى المعارضة.
و في سياق متصلّ قال مازن الشريف إن حدوث اغتيال سياسي ثالث هذه الآونة سيجعل راشد الغنوشي عرضة للمُساءلة. اغتيال ثالث قد يعصف بأمن تونس.
هذا و تؤكد مختلف التقارير المحلية و الدولية أن حدوث اغتيال سياسي ثالث بعد محمد البراهمي وشكري بلعيد أمر غير مستبعد ، و آخرها تلك التي صدرت عن معهد واشنطن للدراسات حيث نشر أواخر شهر أكتوبر 2013 تقريرا حذر فيه من خطورة حدوث اغتيال سياسي ثالث ، مؤكداً بالقول: “في حال وقوع اغتيال ثالث، لاسيما إذا استهدف حزب “نداء تونس”، فقد يؤدي إلى اندلاع اضطرابات على نطاق واسع“.
و بالنظر إلى خطورة المسألة قامت وزارة الداخلية كما هو معلوم بتسخير 600 عنصر أمني من أجل حماية الشخصيات السياسية المهددة بالاغتيال في البلاد، مؤكداً أن 95 ℅ منها مكلف بحماية شخصيات من المعارضة.
كما ذكر وزير الداخلية لطفي بن جدّو في تصريحات إعلامية سابقة أن استهداف المعارضين يعود بالأساس لأسباب عقائدية، تجعل المتشددين دينيا يستهدفون السياسيين من ذوي التوجهات اليسارية أكثر من غيرهم.
بسمة المعلاوي