أكد محافظ البنك المركزي التونسي مصطفى كمال النابلي اليوم الجمعة 6 أفريل 2012، على استقلالية قطعية للبنك لا جدال فيها لإدارته السياسة النقدية لتونس، معتبرا أنه ليس من مشمولات الحكومة تحديد السياسة النقدية للبلاد وأن برنامج الحكومة لاعتماد سياسة نقدية توسعية ونسبة فائدة منخفضة قد يكون من باب التمني، حسب تعبيره.
وكانت الحكومة في وثيقة برنامج عملها للعام الحالي، أعلنت عنها أمس الأول الأربعاء، كشفت عن برنامجها لاعتماد سياسة نقدية توسعية ونسبة فائدة منخفضة وهو ما أثار رد فعل فوري للبنك المركزي.
وأكد النابلي في لقاء خاص اليوم الجمعة بمكتبه بمقر البنك المركزي مع “أفركان مانجير” أن الحكومة لم ترجع إلى البنك من باب التشاور لإقرار مثل هذا الإجراء الذي يبقى حصريا من مشمولات البنك المركزي المتمثلة مهمته الأساسية في الحفاظ على استقرار الأسعار.
وحرص النابلي على تأكيد مبدا استقلالية البنك المركزي في اتخاذ القرارات التي تهم السوق النقدية بحسب ما يقتضي الظرف باعتماد سياسة نقدية توسعية تعمل على دفع عجلة الاستثمار أو سياسة نقدية انكماشية تهدف إلى التحكم من انزلاقات التضخم.
كما شدد على ضرورة احترام استقلالية البنك المركزي، ومن حيث المبدأ، عن السلطة التنفيذية المتمثلة حاليا في رئاسة الحكومة بالأساس وبقيادة حزب النهضة وفق ما يقتضيه القانون المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلطات العمومية حول استقلالية للبنك المركزي والذي صادق عليه المجلس التأسيسي منذ انعقاد جلساته الأولى.
وقال النابلي أن ما صدر عن الحكومة قد يكون من باب حق التمني فحسب لاعتماد البنك سياسة نقدية توسعية حيث وأنه من البديهي أن لا يسمح القانون بالتدخل الحكومي في السياسة النقدية للبلاد التي يسهر عليها البنك المركزي إلا أن ذلك لا يمنع التشاور معها إذا اقتضت الحاجة.
وأكد النابلي أن كل ما يتعلق بتحديد الفائدة مرهون بالوضع الاقتصادي عامة وبالسوق النقدية خاصة.
وكان البنك المركزي وفي رد فعل غير مسبوق أعلن أمس في بيان صحفي رفضه تدخل الحكومة في السياسة النقدية التي هي من مشمولات البنك المركزي ومسؤوليته.
وأكد في البيان أن هذه المسؤولية يقتضيها الفصل 33 من القانون عدد 90 للعام 1958 والذي ينص على أن مهام البنك تتمثل أساسا في السهر على استقرار الأسعار والجهاز المالي وسلامته.
ويرى مراقبون اقتصاديون أن إعلان الحكومة عن تطبيق سياسة نقدية توسعية من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة وهو ما تتولد عنه زيادة الاستثمار وارتفاع الطلب الكلي، وهو اجراء عادة ما يتم اتخاذه اذا كان الاقتصاد يعاني من حالة ركود تقتضي اتباع سياسة مالية توسعية عبر قيام الدولة بزيادة الانفاق الحكومي أو التخفيض في الضرائب وهو ما يؤدي إلى زيادة الانفاق الكلي.
في المقابل وفي صورة معاناة الاقتصاد من حالة تضخم يتم إتباع سياسة مالية انكماشية بحيث تقوم الدولة بتخفيض الإنفاق الحكومي أو زيادة الضرائب مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الكلي كما يتم في نفس الوقت تطبيق سياسة نقدية انكماشية و التي تؤدي إلى زيادة سعر الفائدة مما يؤدي إلى انخفاض الاستثمار و انخفاض الطلب الكلي.
وحسب ما ورد في موقع البنك المركزي حول دوره في إدارة السياسة النقدية للبلاد فإنه يتيح التحكم الجيد في التضخم الذي يعكسه تطور مؤشر الأسعار عند الاستهلاك، مما يضمن نموا لاتضخميا يساهم في إحداث فرص عمل جديدة بما يمكّن من الحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك.
ومن هذا المنطلق يؤثر البنك المركزي التونسي، وبواسطة أدوات موضوعة تحت ذمته، على نسبة الفائدة في السوق النقدية، التي تعتبر الأداة الأساسية لقيادة السياسة النقدية وذلك لغاية بلوغ الهدف النهائي المتمثل في استقرار الأسعار.
ويقدر معدل فائدة السوق النقدية حاليا بنحو 3.5% حسب أحدث بيان صحفي أصدره البنك المركزي التونسي حول الوضع الاقتصادي للبلاد في شهر مارس الماضي.
في هذه الأثناء يشهد الاقتصاد التونسي وتيرة متسارعة للتضخم حيث ارتفع وبمعدل سنوي إلى 5.4% في شهر فيفيري الماضي مقارنة بـ3.2% في نفس الفترة من العام الماضي، وعلى هذا الأساس فإنه يتوقع أن ينتهج البنك المركزي سياسة نقدية انكماشية على المدى القصير تفاديا لارتفاع التضخم والعمل على إبقاء سعر الفائدة على ما هو عليه.