تونس-افريكان مانجر
تقدمت كتلة حركة النهضة رسميا بمبادرة لمكتب مجلس نواب الشعب لتنقيح القانون الانتخابي ، و بحسب ما أكده رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني فان هذه المبادرة تأتي بعد اقتناعهم بأن النظام الانتخابي الحالي قدم برلمانا مشتتا يصعب من خلاله تحقيق أغلبية برلمانية قادرة على تشكيل حكومة مستقرة.
هذه الدعوة ليست بالمنفردة فقد دعت سابقا الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى تنقيح القانون الانتخابي بعد التفطن إلى عدد كبير من الثغرات ، بالإضافة إلى بعض الدعوات الأخرى بالتعجيل بهذه التنقيحات .
ورغم أن المبادرة الأولى لتنقيح هذا القانون في الصائفة الماضية باءت بالفشل بعد عدم ختمها من قبل الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي إلا أن هذا المطلب بقي متواصلا بعد انتخابات أكتوبر 2019 .
وشمل التعديل فصولا تتعلّق بشروط التقدّم إلى الانتخابات الرئاسيّة عبر رفض ترشّح نتائج كل من ثبت قيامه بالإشهار السياسي أو استفادته منه، عبر جمعية خيرية أو قناة تلفزيونية.
كما يرفض القانون الانتخابي الجديد ترشيح كل من يثبت قيامه بخطاب لا يحترم النظام الديمقراطيّ وقيم الدستور، وكل من يدعو إلى العنف والتمييز بين المواطنين، أو من يمجّد انتهاكات حقوق الإنسان.
وأقرّ التعديل نسبة عتبة لا تتجاوز 3% في الانتخابات التشريعية، واشترط على أي مترشح إلى الانتخابات تقديم ثلاث بطاقات تثبت خلوّ سجلّه من أيّ سوابق أو ملاحقات قضائية.
النهضة تصبح اكبر المتضررين
ورغم أن القانون الانتخابي الحالي قامت بإعداده و تمريره حركة النهضة باعتبارها تملك الأغلبية البرلمانية حينها(سنة 2014) ومع كل التحذيرات التي ساقها بعض خبراء القانون الدستوري من فشله إلا أنها رأت وقتها أنها اكبر المستفدين منه قبل إن “بنقلب سحرها عليها “.
النهضة لم تكن تتوقع أن تتراجع شعبيتها في السنوات الأخيرة ، و أن تخسر مكانها في البرلمان حيث لا تكون فيه الحزب الاغلبي أو ذات أعلي عدد من النواب مما تسبب لها في عديد الخاسرات أخرها الإطاحة برئيس حكومتها الحبيب الجملي .
لذاك ارتأت الحركة الإسلامية اليوم ضرورة في تنقيح هذا القانون على اعتبار مصلحتها الحزبية قبل المصلحة الوطنية .
من جهته قال رئيس الجمهورية قيس سعيد ، إن الوقت قد حان لمراجعة القانون الانتخابي والدستور وإن الوضع الحالي يجب أن ينتهي حتى تصل إرادة الشعب إلى مرتبة القرار.
كما دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشّاهد إلى تغيير هذا القانون “الذّي يسمح لكلّ من هب و دب التّرشح للانتخابات” بحسب قوله .
للإشارة فان انتخابات سنة 2019 لم يتمكن فيها أيّ حزب من الحصول على أغلبية الـ109 أصوات التي تمكنه من تشكيل الحكومة.
مأزق سياسي
هذا التشتت البرلماني تسبب في البداية بسقوط حكومة الحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف من طرف النهضة مما تطلب المرور إلى تدخل رئيس الجمهورية “لتعين الشخصية الأقدر ” حيث قام تكليف الياس الفخفاخ لهذه المهمة .
مهمة لن تكون سهلة في ظل هذا “المشهد البرلماني ” و عدم وجود حزب كبير داعم للحكومة القادمة، و إن مرت و تحصلت على 109 صوتا فإنها لن تتمكن من تكوين الحزام السياسي اللازم لتسهيل عملها و تمرير قوانينها .فهل سيكون تنقيح القانون الانتخابي حلا للأزمة الدستورية و القانونية لتونس ؟