تونس- أفريكان مانجر
يشنّ حاليا نشطاء في تونس حملة شرسة على حركة النهضة التونسية وأنصارها واتهامها بأنها سبب البلاء في تونس بعد ضغطها لإطلاق سراح ارهابيين مورطين في عملية أحداث سليمان الارهابية.
ويتداول بكثافة نشطاء على المواقع الاجتماعية صورة تظهر القيادي بحركة النهضة عبد الكريم الهاروني الذي شغل منصب وزير نقل في حكم النهضة، وهو بصدد التعبئة للضغط على حكومة محمد الغنوشي آنذاك (فيفري 2011) لاطلاق سراح المساجين المورطين في قضية أحداث سليمان.
ضغوطات
وكان الوزير محمد الغنوشي رضخ لضغوطات حركة النهضة ونشطاء حقوقيين من بينهم سهام بن سدرين رئيسة هيئة الكرامة حاليا، ليشمل العفو التشريعي العام حتى المساجين الموقوفين في قضية أحداث سليمان الارهابية وعدم اقتصاره على المساجين السياسيين الذين تم اطلاق سراحهم مباشرة بعد الاطاحة بالرئيس الأسبق في 14 جانفي 2014 وهم بالأساس من حركة النهضة ومن تيارات متشددة دينيا.
وكان زعيم تنظيم أنصار الشريعة الارهابي “أبو عياض” على رأس الذين تم اطلاق سراحهم في مارس 2011 بمقتضى العفو التشريعي العام. وحسب مراقبين فإن جل الذي تمتعوا بهذا العفو ثبت تورطهم في الارهاب داخل تونس أو خارجها في عمليات حدثت بعد الثورة التونسية كما أن لهم علاقة مباشرة بما يحدث في ليبيا وسوريا.
افراج مقصود
ولا يستبعد هؤلاء أن يكون الافراج عنهم مقصودا حركته أطراف خارجية لاستخدامهم في اسقاط أنظمة مغضوب عليها كما حصل في ليبيا وسوريا حاليا قبل يحول الارهابيون وجهة عملياتهم إلى الداخل في تونس.
وتأججت حملة النشطاء بعد سقوط 15 عسكريا تونسيا الأربعاء الماضي على ايدي ارهابيين في جبل الشعانبي في أثقل حصيلة تشهدها تونس منذ استقلالها عن الاحتلال الفرنسي عام 1956. واعتبر النشطاء أن ضغط النهضة ونشطاء حقوقين لاطلاق سراح ارهابيي حاثة سليمان وراء ما تعيشه تونس حاليا من تهديدات ارهابية.
في المقابل يرى آخرون أن انخراط الفاعلين في الحكم وعلى رأسهم حركة النهضة، في مخطط اقليمي لاسقاط أنظمة بعينها هو السبب الرئيس لما يحدث في تونس خاصة وأنه انطلق من تونس آلاف الأشخاص إلى سوريا وليبيا للقتال، كما أنه تم السماح للثوار الليبيين لاستخدام الأراضي التونسية لتمرير الأسلحة إلى ليبيا قادمة من قطر بالأساس بحسب اعترافات علي الصلابي ممثل جماعة الاخوان في ليبيا.
يذكر أن أحداث سليمان تعود إلى المواجهات الدامية التي وقعت في الفترة ما بين 29 ديسمبر 2006 و3 جانفي 2007 بين مسلحين نسبوا إلى السلفية الجهادية يقودهم شاب اسمه لسعد ساسي وبين قوات الأمن والجيش التونسي في منطقة سليمان التي تبعد 30 كلم عن العاصمة تونس. وقتل في تلك الاشتباكات 15 مسلحا فيما ألقي القبض على المئات ممن اتهموا بالانتماء الفكري للتيار الجهادي، وحوكم ثلاثين شخصا، تراوحت أحكامهم بين خمس سنوات والإعدام.
تهم ملفقة
وحسب تقرير نشرته الجزيرة فإن عائلات المعتقلين على خلفية أحداث سليمان اتهمت نظام زين العابدين بن علي بأنه لفق تهما لأبنائهم مستغلا موجة الحرب العالمية على الإرهاب.
وطالب وقتها ذوو المعتقلين في بيان وزعه وقتها والد محمد أمين الجزيري –المحكوم بثلاثين عاما- نيابة عن عائلات السجناء حكومة محمد الغنوشي بتنفيذ وعودها بإطلاق كل المساجين السياسيين، مؤكدين على وجود عشرات الأدلة والوثائق المادية الصادرة عن المنظمات والجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية التي تدل على أن المحاكمات “فبركت” بتواطؤ من بعض القضاة بين أجهزة الأمن ووزارتي الداخلية والعدل، وفق نفس المصدر.
وتؤكد على هذه الاتهامات والدة أسامة العبادي (كان محكوما بثلاثين عاما) الذي تقول أمه صالحة بن سعيد إنه كان يعمل تاجرا في سيدي بوزيد ولما ألقي عليه القبض كان معه 11 ألف دينار (7720 دولارا) فصودرت واتهم لاحقا بأنه يمول “جماعة سليمان”. ولم يكن واضحا المسار الذي اتخذه هؤلاء بعد الافراج عنهم رغم اتهامات بعض المراقبين لهم بالانتماء إلى تنظيمات ارهابية بعد الافراج عنهم، لكنهم لم يقدموا اثباتات لهذه الاتهامات الخطيرة.
يذكر أن سمير ديلو الذي شغل منصب وزير العدالة الانتقالية، كان من ابرز المحامين الذين دافعوا وبالاضافة إلى منظمة حرية وانصاف الحقوقية، عن الموقوفين في أحداث هذه القضية على غرار صابر راقوبي وعماد بن عامر، مؤكدا في تصريحات للجزيرة القطرية، أنه ليس في أوراق الملف ما يدين أيا منهما على الإطلاق، على هامش حملته لاطلاق سراح الموقوفين في أحداث سليمان.
حاليا، لا يستبعد مراقبون أن يكون دافع حملة النشطاء هذه سياسي بالأساس خاصة وأنهم انتظروا أكثر من ثلاث سنوات لفتح هذا الملف كما أنها تزامنت مع معركة انتخابية تعتبر النهضة أشرس المنافسين فيها، ليبقى الحراك في تونس عامة تدفعه حسابات سياسية أكثر منه مصلحة وطنية.
ع ب م