تونس-أفريكان مانجر
شهد اختيار وزير الصناعة مهدي جمعة لتقلد رئاسة الحكومة استحسان بعض الخبراء الاقتصاديين من ناحية كفاءته العلميّة والمهنيّة، فيما اعتبر آخرون أنه يمثل عنونا لاستمرار حكومة النهضة في واقع الأمر.
وبين مؤيّد ورافض لرئيس الحكومة الجديد، في إطار وفاق “غير كامل” تقول سلوى الشّرفي الأستاذة الجامعيّة والمحلّلة السّياسيّة في تصريح لـ ” أفريكان مانجر” أنّه بالنّظر إلى الأصول السّياسيّة لبن جمعة يمكن القول على حدّ تعبيرها أنّه لم يحصل تغيير وحكومة النّهضة متواصلة، مضيفة أنّ هذا يذكّرنا بقولة الغنّوشي “سنغادر الحكومة وليس الحكم” ولكنّهم لم يغادروا حتّى الحكومة على حدّ قولها.
وفي ذات السّياق، أوضحت محدّثتنا انّه كان من غير المنتظر أن تتنازل حركة النّهضة عن الحكومة أو عن الحكم لأنّها تخاف من المحاسبة بخصوص جرائم خطيرة على غرار أحداث الرّشّ والاغتيالات وأيضا خوفا من اجتثاث عروقهم من الإدارة بعد التّعيينات الحزبيّة التّي قاموا بها، مشيرة إلى أنّ الحكومة التي تريد أن تواصل قانون الأوقاف والزّكاة والماليّة الإسلاميّة، ليست حكومة تنوي تسليم الحكم لأشخاص محايدين يسعون إلى ترسيخ دولة مدنيّة.
حركة النّهضة لعبت لعبة خبيثة وذكيّة
من جهة أخرى أكّدت سلوى الشّرفي أنّ حركة النّهضة لعبت لعبة خبيثة وذكيّة من ناحية أنّهم ظلّوا بالحكم مع الادّعاء للرأي العامّ أنّهم تفاوضوا وتنازلوا وهذه الطّريقة معروفة من قبل حركة النّهضة من ناحية استراتيجيّتها المعتمدة على ازدواجيّة الخطاب والمواقف والتّلاعب مثل “الحاوي”، مبيّنة أنّ ما يحصل اليوم هو صراع معرفي وليس سياسي، بمعنى أنّه صراع بين فكر دولة دينيّة ومدنيّة، وهو ما يؤكّد أنّ النّهضة لن تنسحب ولن تستقيل على حدّ تعبيرها.
وعن توقّعاتها بالنّسبة للفترة القادمة، أفادت المحلّلة السّياسيّة أنّ حركة النّهضة خبيثة، لكن الشّعب التّونسي ليس غبيّا، واليوم الكرة في يده والمواطن لن يصمت عن الجوع والإرهاب وسيخرج إلى الشّارع، لكن التّاريخ الحديث يؤكّد أنّ الانتفاضات لا تؤدّي إلى ثورات، مبيّنة أنّ الثّورة لا تحدث بخروج مواطنين عزّل وإنما عن طريق الجيش على غرار مصر أو عن طريق تدخّل أجنبي على غرار إيران، غير أنّ خروج المواطنين إلى الشّارع سيتسبّب في رأيها في حصول حمّام دم وبعض التّغييرات الطّفيفة لذرّ الرّماد في العيون.
في إطار آخر، أبرزت محدّثتنا أنّها تنتظر جرّاء هذا التّغيير على مستوى الحكومة، انتخابات مزوّرة، مشيرة إلى أنّ البقاء في الحكم تحت جلباب بن جمعة هو بهدف إدارة العمليّة الانتخابيّة بطريقة تسمح لحركة النّهضة البقاء مثل بن عليّ لإرساء دولة دينيّة، وستكون تونس هي ضحيّة عدم الاستقرار لعدّة سنوات.
إشارة طمأنة للممولين
وفي المجال الاقتصادي، عبّر بعض الخبراء الاقتصاديين عن ارتياحهم من التّوصل إلى وفاق حول رئيس الحكومة، وبيّن وجدي بن رجب الخبير في إدارة الأعمال أنّ عدم التّوصّل إلى وفاق طيلة فترة طويلة أعطى إشارة سلبيّة للمموّلين، غير أنّ تنصيب مهدي بن جمعة بكفاءته العلميّة والمهنيّة حسب سيرته الذّاتيّة يمكن أن يحسّن الاقتصاد ويغيّر نظرة المموّلين لوضعيّة السّوق في تونس ويعطيهم شيئا من الطمأنينة والثّقة حتّى تتحرّك العجلة الاقتصاديّة وتستقرّ الأوضاع وتنفرج بعض ملفّات التّمويل العالقة، التي بقيت رهينة وضوح الرّؤية المستقبليّة.
من جهة أخرى أبرز مصدرنا أن الحدّ من ارتفاع الأسعار وتقليص نسب البطالة أو على الأقلّ المحافظة على نفس النّسبة واسترجاع مكانة الدّينار من شأنه أن يحسّن من الوضع الاقتصادي للبلاد ويقوّي المبادلات مع الأسواق الخارجيّة ويرجع هبة الدّولة، مضيفا أنّ تحقيق هذه النّقاط من شأنه أن يقطع مع الماضي ويغيّر الرؤية السّلبيّة للاقتصاد التي عانت منها البلاد طويلا، معتبرا عدم ظهور مهدي بن جمعة كثيرا على السّاحة الإعلامية يعتبر عاملا ايجابيّا، لان ذلك يؤكّد أنّ هذه الشّخصيّة توجّه اهتماماتها فقط للعمل، وبهذا الشّكل مهما كانت توجّهاتها السّياسيّة يصبح الأمر غير مهمّ، لانّ من الصّعب أن نجد أشخاص مستقلّين تماما وليس لهم أيّ خلفيّة سياسيّة.
وتبيّن سيرت مهدي جمعة الذّاتيّة أنّه متحصل على شهادة مهندس أول من المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس وشهادة الدراسات المعمقة في الميكانيك والنمذجة من المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس، وقد تولّى خطة مسؤول مكتب دراسات في مجال الطيران والسكك الحديدية والصناعة، ثمّ اشتغل مديرا فنيا بشركة “بوليسترا وفيبراشوك”، ثمّ عيّن مديرا فنيا بشركة “هوتشينسون”.
هدى هوّاشي