تونس-أفريكان مانجر
مثل كلّ سنة، لاحظنا منذ حوالي أربعة أيّام تزاحم ولهفة كبيرة من قبل المستهلك التّونسي على مختلف الموّاد الإستهلاكيّة، الشّيء الذي جعل المضاربين يستغلّون الوضع في كثير من الأسواق ويضاعفون أسعار بعض المنتوجات رغم تشديد عمليّات المراقبة في مختلف الأسواق، حيث أكّدت نجلاء حرّوش وزيرة التّجارة والصّناعات التّقليديّة في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ الوزارة نظّمت قبل حلول شهر رمضان حملات مراقبة مشتركة لمراقبة الأسعار والجودة، مبرزة أنّ هذه الحملات ستتواصل طيلة هذه الفترة، بهدف التّصدّي لأيّ شكل من أشكال الإحتكار والتّرفيع في الأسعار.
وقد علم “أفريكان مانجر” أنّ هناك مجهودا استثنائيا من قبل وزارة التّجارة وكلّ الجهات التّابعة لها (المعهد الوطني للاستهلاك/ منظّمة الدّفاع عن المستهلك) لمقاومة المحتكرين، والتّصّدي لإرتفاع الأسعار، رغم الإمكانيّات المحدودة للوزارة، حيث أنّ عدد الاعوان المراقبين يعد قليلا ( 700 عون) مقارنة بعدد الاسواق التونسية، ولا يمكن أن يضع حدّا للتّجاوزات الحاصلة في البلاد مهما كثّفوا جهودهم، كما أنّ الإمكانيّات الماديّة لبعض الهياكل التّابعة لها محدودة ولا تساعد على التّصدّي لهذه الظّواهر، والدّليل أنّ المعهد الوطني للإستهلاك عجز عن بثّ الومضات التحسيسية التّي أعدّها بهذا الخصوص في القنوات العمومية والخاصة بسبب عدم قدرته على تسديد تكاليف الإشهار حسب ما أفادتنا به مصادرنا الخاصّة.
اللّهفة المفرطة وراء إرتفاع الأسعار
وفي هذا الإطار، أكّد سليم سعد الله نائب رئيس منظّمة الدّفاع عن المستهلك في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ سبب ارتفاع الأسعار وظهور كثير من التّجاوزات هو لهفة التّونسي في المناسبات على كلّ المنتوجات، الشّيء الذي يدفع المضاربين الى استغلال الوضع والتّرفيع في الأسعار، مضيفا أنّه لا داعي لهذه اللّهفة (التي لا تخدم سوى المضاربين)، لأنّ كلّ الموّاد الإستهلاكيّة متوفّرة بالكميّات المطلوبة وفي جميع أسواق البلاد. من جهة أخرى بيّن نفس المصدر أنّ اللّهفة المفرطة على المنتوجات لا تدوم سوى الثّلاثة أيّام الأولى من شهر رمضان، ثمّ تستقرّ الطّلبات ويعود كلّ شيء الى طبيعته.
وفي سياق اخر، دعا محدّثنا المستهلكين التّونسيين الى مقاطعة تلقائيّة للموّاد التّي يتم التّرفيع في أسعارها، كما وعد بأنّ المنظّمة ستقاطع كلّ مادّة استهلاكيّة يتّضح التّرفيع في أسعارها، حيث أنّ المقدرة الشّرائيّة للمستهلك التّونسي تراجعت بأكثر من 30 بالمائة وأيّ زيادة في الأسعار ستزيد من أزمته ومن تداينه وقد سبق وان أكّد سليم سعد اللّه نائب في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ تدهور المقدرة الشّرائيّة قلّص من الاستهلاك خلال الثّلاث سنوات الأخيرة، مبرزا أنّه من المتوقّع أن تتراجع أكثر فأكثر قيمة الاستهلاك خلال هذه السّنة بالنسبة لشهر رمضان باعتبار أنّ التّونسي استنزف خلال الثّلاث سنوات الفارطة كلّ مخزونه من الأموال المجمّعة لديه. كما بيّن محدّثنا أنّ حوالي 70 % من العدد الكبير من المستهلكين الذي لاحظنا تهافتهم على الفضاءات الكبرى ليبيين وليس تونسيين على حدّ تعبيره.
التّداين للمحافظة على نفس مستوى الإستهلاك
وحول نفس الموضوع، قال وجدي بن رجب الخبير الإقتصادي في تصريح سابق لـ “أفريكان مانجر” إنّه رغم الظّرف الإقتصادي الصّعب ورغم تراجع أو انعدام منظومة الإدّخار لدى التّونسي، إلاّ أنّ نسبة كبيرة من الشّعب التّونسي تحاول المحافظة على نفس مستوى استهلاكها خلال شهر رمضان، حتّى وان اضطرّ الى التّداين أو “الرّوج” ، مضيفا أنّ المحافظة على نفس نسق الإستهلاك من شأنها أن تخلق له أزمة في الأشهر القادمة (سياسة التّونسي مثل سياسة الدّولة تقريبا وذلك بالتّداين للإستهلاك دون ترشيد استهلاكه) وتؤثّر على قدرته الشّرائيّة، لكن المشكل أنّ التّونسي لا يريد أن يقرّ بهذه الحقيقة.
وفي سياق متّصل، بيّن محدّثنا أنه يجب ترشيد وتغيير ثقافة الإستهلاك لدى التّونسي قبل الإضطرار الى تغييرها اضطراريّا، لأنّ القدرة الشّرائيّة تدهورت ومازالت في طريقها الى التّراجع باعتبار الوضع الإقتصادي الصّعب الذي تعاني منه البلاد، خاصّة وأنّ المضاريبن والمحتكرين يسيطرون على الأسواق، الشّيء الذي يستدعي من الحكومة القيام بدورها كراعية للمبادلات ومراقبة المحتكرين.
هدى