تونس- أفريكان مانجر
أثارت التسريبات بشأن احتمال تعيين اليهودي التونسي الحامل للجنسية الفرنسية ريني طرابلسي وزيرا للسياحة في حكومة مهدي جمعة المقبلة ردود أفعال متباينة للمراقبين تراوحت بين التأييد والرفض لهذا المشروع.
ويلاحظ أنها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها اسم ريني طرابلسي الناشط في القطاع السياحي، لتقلد هذا المنصب حيث تسرب اسمه سابقا عند تشكيل حكومة علي العريض المستقيلة إلا أن ريني طرابلسي نفى هذه المعلومات في تصريح سابق لـ”أفريكان مانجر” مشددا بالقول إنه ليس مهتما بهذا المنصب ولم يعرض عليه من طرف حكومة النهضة.
هذه المرة، تداول اسم هذا الأخير بقوة ضمن تشكيلة حكومة مهدي جمعة فيما لم ينف صراحة هذا التسريب حيث قال في تصريح لموقع التونسية أمس إنه لا يستبعد دعوته قريبا إلى تونس في تلميح لاحتمال تعيينه في منصب وزاري، كما أفاد ريني طرابلسي في اتصال هاتفي أمس من فرنسا لموقع التونسية أنه “يفضل عدم التصريح بأي شيء في الوقت الراهن إلا أنه أكد التزامه بخدمة تونس رغم صعوبة المرحلة”.
ردود أفعال متباينة
وفي رصد لردود الأفعال بشأن هذا الأمر لاحظ “أفريكان مانجر” أن هذه الردود تباينت حيث رحب بعض المراقبين بهذا التعيين المحتمل وذهب بعضهم إلى حد المطالبة بتعيين يهودي تونسي آخر لتقلد حقيبة الاقتصاد لما يعرف عن اليهود عامة تفوقهم في مجال المال والأعمال.
كما اعتبر المؤيدون لهذا التعيين المحتمل أن اليهودي التونسي عامة هو مواطن تونسي بدرجة أولى في نهاية الأمر، بغض النظر عن ديانته.
في المقابل، يلاحظ أن مراقبين آخرين رفضوا بشدة هذا المشروع ونبهوا من تداعياته في علاقة للأمر مع اسرائيل، واعتبروا ان اليهود وبقطع النظر عن جنسيتهم الأصلية، تبقى علاقتهم وثيقة مع اسرائيل ويظهر الأمر من خلال صمتهم عن المجازر التي ترتكبها اسرائيل ضد الفلسطينيين وجرائمها في حق الأطفال الفلسطينيين وإلى حد وصفها بـ”المحرقة”.
فتنة طائفية
كما نبه هؤلاء من خطر الفتنة الطائفية التي يمكن أن يفرزها هذا التعيين في بلد يسكنه مسلمون وبنسبة تتجاوز 99% و من الطائفة السنية المالكية أساسا. ولا يستبعد هؤلاء أن تطالب باقي الطوائف الأخرى بتعيينات مماثلة أوبتمثيليات في البرلمان على غرار الطائفة المسيحية أو طوائف أخرى مسلمة على غرار الشيعة والأباظية أو الأمازيغية.
في المقابل يذكّر المؤيدون لهذا المشروع أن حكومة بورقيبة إبّان الاستقلال تواجد بها وزيران من الطائفة اليهودية (ألبير بسيس واندري باروخ).
تضارب مصالح
ويشغل ريني طرابلسي في القطاع السياحي وهو نجل زعيم الطائفة اليهودية بيريز طرابلسي ويقيم بين تونس وفرنسا حيث يملك شركة سياحة واسفار.
وتختص شركته في تنظيم الرحلات لليهود من مختلف انحاء العالم من اجل احياء عيد الغريبة الذي تحتفل به الجالية اليهودية في شهر ماي من كل عام في تونس.
ويلاحظ أن السياسيين في تونس يغضون الطرف عادة عن مسألة “تضارب المصالح” ولا يتم استخدامها إلا لغرض سياسي أو للضغط حيث يتم الصمت عادة عن تعيين موظف سامي بالدولة كمنصب وزير له شركات أو مشاريع من نفس القطاع الذي يشرف عليه من خلال منصبه الحكومي وهو ما تمنعه الديمقراطيات المتقدمة تفاديا لما يسمى “تضارب مصالح واستغلال نفوذ”. وهو ما يفسر عدم اهتمام التونسيين بهذه المسألة والاقتصار على مناقشة الانتماء الديني فيما يتعلق باحتمال تعيين ريني طرابلسي وزير للسياحة.
ويقدر عدد اليهود في تونس نحو 1500 يهودي مقيم في تونس فيما آثر أبناءهم الإقامة في فرنسا أو اسرائيل أساسا، وفق تقارير إخبارية عالمية.
مناصب مؤثرة ونافذة
ويلاحظ أن أصوات سياسيين وإعلاميين ونشطاء من المجتمع المدني بدأت تتعالى لمنح اليهود في تونس مناصب مؤثرة ونافذة في المشهد السياسي التونسي بعد ثورة 14 جانفي 2011. وهو مشهد غير مألوف في تونس حيث عادة ما يتم انتقاد الرئيس الأسبق وعائلته بتقربه لليهود والتعامل معهم في علاقة للأمر بإسرائيل أساسا.
وكانت تقارير إسرائيلية كشفت الشهر الماضي أن تونس احتضنت مؤتمرا دوليا حول المحرقة اليهودية المعروفة بـ”الهلوكوست” في سابقة عربية وبحضور شخصيات يهودية غير تونسية، والذي نظمته المنظمة التونسية لدعم الأقليات التي تترأسها الناشطة يمينة ثابت، وتزامن هذا الحدث مع تقرير اسرائيلي حول دراسة قام بها باحث مغربي (عبد الرحيم شهيبي) تحت عنوان ” تجربة شخصية من أجل تدريس الهولوكوست في المغرب وشمال إفريقيا” تدعو إلى تدريس المحرقة اليهودية “الهولوكوست ” في مدارس شمال إفريقيا بعد مشاركة نشطاء تونسيين في لقاء دولي نظمه المتحف الأمريكي لحفظ ذاكرة الهولوكوست (USHMM) بواشنطن.
وحسب تقرير لموقع “حقائق أون لاين” يعيش في تونس اليوم حوالي ثلاثة الاف يهودي (وفي تقارير أخرى 1500) بين جزيرة جربة وتونس العاصمة ولكنهم لا يتوفرون على اي ممثل لهم في المجلس التأسيسي (البرلمان) وهي ذات المطالبة الضمنية التي دعا إليها حزب المؤتمر الذي يتزعمه منصف المرزوقي، وبمساندة من حركة النهضة.
وقد اقترح هذا الحزب منح مقعد ثابت للجالية اليهودي في تونس إلا ان هذا الاقتراح حظي برفض من الجالية اليهودية التي تصر على الطابع المدني للمجتمع التونسي وعدم تقسيمه إلى طوائف.
في المقابل، يشير تقرير إخباري لجريدة الصريح اليوم الثلاثاء ان مهدي جمعة يواجه ضغوطات من حزبي النهضة والمؤتمر بهدف ثنيه عن تعيين اليهودي ريني طرابلسي وزيرا للسياحة، في تضارب واضح للمعلومات بالنظر إلى مجهودات حزبي النهضة والمؤتمر لاستمالة تعاطف يهود تونس والظفر بمساندتهم لهما لما يتمتعون به من نفوذ داخلي على مستوى الأعمال ومن تعاطف خارجي على مستوى المساندة التي يحظون بها من يهود دول عديدة وعلى رأسها فرنسا واسرائل والولايات المتحدة الأميركية.
يذكر أن كبير أحبار يهود تونس حاييم بيتان كان كشف لـ”أفريكان مانجر” أن هناك يهودا في جربة صوتوا لحزب النهضة الاسلامي في الانتخابات الماضية وقال إنه يدعم حزب النهضة ويعتبره الأقرب للطائفة اليهودية لأنه حزب “يخشى الله” وفق تقديره.
عائشة بن محمود