تونس-افريكان مانجر
“ازمة صحية ” لم تكن في حسبان اكبر الدول في العالم و لا اعظم محليليها ، فيروس الكورونا الذي انتشر في جميع القارات ، تسبب في تأزم جل اقتصاديات الدول المتقدمة منها و حتى الضعيفة .
تونس لم تكن بمنأى عن هذا فهي على غرار بقية العالم تسبب الفيروس في اصابات و وفيات ، بالاضافة الى قرار الحجر الصحي و حظر الجولان الذي نتج عنه توقف جل المؤسسات الصناعية و الخدماتية و عدد من ادارات الدولة .
قرار تسبب في شلل تام للاقتصاد المحلي ، حيث توقعت الحكومة ان تكلفته قد تبلغ ال3000 مليون دينار على ان يتم تجميع هذه الموارد من بعض ميزانيات التنمية و التعمير بالاضافة الى بعض الاعانات الدولية .
وضع قام الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى السابق ،توفيق الراجحي، بترجمته من خلال تدوينة له على الفايسبوك حيث اكد ان أثار الكورونا على الاقتصاد في تطوراته الأخيرة ، المتمثلة في الحجر الصحي و الإبعاد الاجتماعي ، ستكون أعمق من الأزمة المالية لسنة 2008 و التي لم يتأثر بها الاقتصاد التونسي الا بشكل هامشي.”
و شبه الاقتصادي التونسي الوضعية الحالية بأثار التي تنتجها “الحروب ” على الاقتصاد و لكن بوسائل و مدة مختلفة.
و في توصيفه للانعكاسات السلبية لهذا الوباء قال الراجحي :”أهم آلياته اتتمثل في إيقاف النشاط الاقتصادي بعديد اشكاله مما يعني توقف الإنتاج و الخدمات و تراجع المداخيل المالية للأفراد و للشركات و للدولة. “
و اضاف :”عندما يكون للأفراد و الشركات و الدولة مدخرات فانه بالامكان التقليل من اثاره ..و بشح السيولة للأفراد يمكن للبنوك و الدولة ان تتخذ الإجراءات لتلافي ذلك و عندما تشح سيولة البنوك يمكن للبنك المركزي تلافي ذلك ايضا. بل حتى عندما تشح سيولة الشركات يمكن للبنك المركزي و البنوك تلافي ذلك بعديد الآليات المتاحة. “
و تسائل في مقابل ذلك:” و لكن عندما تشح سيولة الدولة من يمكنه أن يساعدها على تلافي ذلك ؟ من يمكنه أن يقدم لها دعما ماليا سريعا و بقرار سيادي؟ “
و تحدث الخبير التونسي عن بعض التجارب على غرار البنوك المركزية الغربية التي اعتبر بانها قادرة على شراء مليارات و تريليونات سندات الدولة ضمن سياسة التسهيل الكمي quantitative easing.
كذلك “بنك المغرب في قانونه الأساسي المعتمد سنة 2018 (فصل 69) يمكنه تقديم تسهيل لصندوق facilité de caisse في حدود 5% من المداخيل الجباءية للسنة المنفرطة لمدة 120 يوما غير قابلة للتجديد في السنة و بسعر فائدة. “
نفس الشئ “بالنسبة للقانون الاساسي لبنك فرنسا الذي نقح سنة 1993 مع الدخول في الاتحاد الاوروبي حيث كانت هذه الامكانية موجودة في شكل اتفاقية سنوية تبرم بين البنك المركزي و الخزينة يصادق عليها البرلمان و تحدد سقف تسهيل الصندوق و مدته و سعر فائدته. “
و اوضح الراجحي بان الالية المذكورة “لا تعتبر تمويلا للميزانية planche a billet و لا شراء مباشرا لسندات الخزينة ولا تسيبا في الموازنة العمومية ( discipline budgétaire) و ليست اطلاقا مساسا من استقلالية البنك المركزي بل هو حل ظرفي لشح سيولة خزينة الدولة.”
و بالعودة للتجربة المحلية التونسية كشف الوزير السابق بان قانون البنك المركزي التونسي المعتمد في سنة 2016 لم يتم فيه الانتباه الى هذه الوضعية معتبرا اياها بالثغرة التي يجب تلافيها بفصل وحيد و بسرعة. “
و اعتبر توفيق الراجحي ان عدم وجود حل لشح سيولة الدولة التونسية سيتسبب بالضرورة بعدم ايجاد الحلول اللازمة للمؤسسات و الأفراد و النجاح في الحرب ضد الكورونا”.
و ختم تدوينته بمثل يلخص ما يعيشه اقتصادنا اليوم جاء فيها “عندما يموت النسر يموت أولاده. لذلك يعيش النسر ليعيش أولاده.”