تونس-افريكان مانجر
تداولت وسائل الإعلام الإيطالية مؤخراً أخبار عن نية مجموعة “بينيتون”، العلامة التجارية العالمية الشهيرة، إيقاف تعاملها مع المصانع التونسية، مما قد يؤدي إلى إغلاق مصانع في القصرين و قفصة والساحلين.
هذه الأخبار أثارت موجة من التساؤلات والقلق، خاصة أن هذه المصانع تشكل مصدر رزق لأكثر من 3500 عائلة بشكل مباشر وغير مباشر.
و للاستفسار حول صحة الخبر اتصلت “أفريكان مانجر” برئيس جامعة النسيج هيثم بوعجيلة، الذي اعتبر أن خبر مغادرة بينيتون لتونس “زوبعة في فنجان” لعدة أسباب أبرزها، أن هذا الحريف الإيطالي ليس حريفا ذو القيمة المضافة العالية و قد استغل تونس لعدة سنوات و لم يقم بإحداث مصانع في بلادنا و إنما تعامل مع المصانع التونسية في إطار ” المناولة” La sous-traitance وفرض عليهم الإنتاج الحصري لفائدتها، وهو ما انجر عنه بعد سنوات من التعامل وقوع هذه المصانع في صعوبات مالية كبرى، و حاليا تونس اختارت التوجه نحو تغيير منوالها الاقتصادي و عدم التعامل بعقود المناولة.
و أضاف، ان رقم معاملات “مجموعة بينتون” لا يعتبر كبيرا، في حين أنه استغل وضعية المؤسسات التونسية في سنوات معينة و شغل مصانع خلال اكثر من 16 سنة باعتماد منوال انجر عنه تفقيرها حيث فرض عليها التعامل الحصري معها و عدم تنويع حرفائها وهو ما وضعها أمام عديد المخاطر الاقتصادية، مبينا أن هذه المجموعة تواجه صعوبات اقتصادية كبرى حيث سجلت خسائر مالية هامة في السنوات المنقضية حوالي 230 مليون أورو خلال سنة 2023، فضلا عن خسارتها لجزء هام من السوق العالمية و إغلاقها لعديد المحلات في مختلف الدول.
وقد اختارت مجموعة بينيتون، التوجه حاليا نحو إعادة هيكلة الشركة مع متطلبات السوق الدولية و وضع استراتيجية عمل جديدة.
وشدد محدثنا، على أن جامعة النسيج ستُدافع على منظوريها و ستُطالب مجموعة “بينيتون” بتمكين مصانع القصرين و قفصة من مهلة تمكنها من تغيير منوال عملهم قبل إيقاف التعامل الرسمي.
واستنادا الى ما أكده هيثم بوعجيلة فان الحكومة تدخلت لحماية مواطن الشغل و قامت بعقد لقاءات مع عدد من المسؤولين بالمجموعة. وتدرس مجموعة بينيتون عدة خيارات، بما في ذلك إيجاد مستثمر بديل.
وفي سياق متصل، أكد مسؤولون بالمصانع التي تتعامل مع مجموعة “بينيتون”، في تصريحات لافريكان مانجر، انهم يتابعون المستجدات من خلال وسائل الإعلام الإيطالية التي تؤكد ان المجموعة تتجه نحو إعادة الهيكلة و ليس الغلق.
و أوضحوا، أنه إلى غاية اليوم المصانع لم تتلقى أي إشعار بإيقاف التعامل و طريقة العمل مازالت متواصلة بشكل طبيعي، وبينوا ان “بينتون” لا يمكنها غلق وحدات الإنتاج باعتبارها ليست المالك الأصلي لها ويجمعهم العمل في إطار عقود المناولة sous-traitance.
و أوضحوا أن الغلق يتعلق بمنصات تابعة لها فقط، و بينوا ان إيطاليا ترسل للمنصة الرئيسية التابعة لها بالساحلين نماذج الأفكار و التصاميم و المواد الأولية، و التي بدورها تقوم بإرسالها للمصانع التي تتعامل معها في إطار قانون 72 و قانون 74.
بالتالي فان الغلق يتعلق أساسا بالمنصات التابعة لهم و التي لا تتجاوز طاقة تشغيليتها 20 شخصا بقفصة والقصرين و500 شخصا بالساحلين من ولاية المنستير.
ويعود انطلاق نشاط مجموعة بينيتون في تونس الى سنة 1994 و في سنة 2004، قاموا ببناء منصتهم بالساحلين التي تشغل حاليا حوالي 500 مسؤول و هي ليست وحدة تصنيع أو انتاج.
وشددوا على أن الرؤية حاليا ضبابية و غير واضحة، و الدولة مطالبة بالتدخل و بحث أسباب توجه الشركة نحو إعادة النظر في طريقة التعامل مع تونس، خاصة و ان المجموعة تواجه إشكاليات في بلادنا أبرزها الديوانية و الجبائية، في المقابل فانها تجد امتيازات في عديد الدول الأخرى على غرار مصر و المغرب.
و اعتبروا، أن إيقاف التصنيع نهائيا سيمثل إشكالا كبيرا…و من غير المعقول أن تقوم المجموعة باستغلال و استنزاف بلادنا لسنوات طويلة ثم تقوم بمغادرتها “ببساطة و بين ليلة و ضحاها”، وفق تعبيرهم.
وأقر محدثونا، ان “مجموعة بينيتون” تتعامل مع حوالي 60 مصنعا بين ولايتي القصرين و قفصة و ينتجون حصريّا لهذه العلامة التجارية، وهو شرط فرضته منذ بداية التعاقد.