تونس-افريكان مانجر
بعد جولة من المشاورات والمفاوضات التي تواصلت طيلة شهر كامل مع مختلف الاحزاب و الكتل البرلمانية و المنظمات الوطنية و ساعات قليلة قبل انتهاء الآجال الدستورية كشف رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي عن تركيبة حكومته المقترحة والتي ضمت 25 وزيرا و 3 كتابات دولة.
حكومة مقترحة وصفها هشام المشيشي بحكومة الكفاءات المستقلة والتي ستهتم أساسا بالاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد و خاصة الاستحقاقات العاجلة لها.
حكومة مقبولة
ويرى المحلل السياسي عبد اللّطيف الحناشي، إنّ هذه التّركيبة الحكوميّة “جيّدة” ومقبولة تماما نظرا إلى أنها تنطوي على عدد من المؤشّرات الإيجابيّة على غرار أنها حكومة مصغّرة مقارنة بالحكومات السّابقة المتعاقبة بعد الثّورة .
كما نوه الحناشي في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء بحضور المرأة في هذه التّشكيلة والذّي وصفه بأنه حضور “كمّي ونوعيّ” حيث أن كلّ الشخصيّات النسائيّة المقترحة تتميّز بالخبرة والكفاءة، مشيرا الى أنهنّ ذوات مستوى علمي متميّز وتجارب إداريّة متنوّعة وثريّة على غرار وزيرة المرأة إيمان هويمل التي تقّلدت عدّة مناصب صلب الوزارة ذاتها، بالإضافة إلى ثريّا الجريبي المشهود لها بالكفاءة وكذلك وزيرة الفلاحة عاقصة البحري التّي هي خبيرة في مجال المياه ولديها تجربة ثريّة جدّا على المستوى الوطني والعالمي.”.
و اعتبر الحناشي ان هذه التركيبة الحكومية و ان تميزت بإشعاع على المستوى الوطني والدّولي فإن نجاحها يبقى رهين البرنامج الذّي ستعمل وفقه مشدّدا على أن هذه الحكومة في حال حصولها على ثقة البرلمان، فإنّها “لن تحقق المعجزات وسيكون من أوكد مهامّها إيقاف الأزمة التي تعيشها البلاد .”
و اشار المتحدث الى ان الاحزاب في تونس تعيش حالة من تذبذب المواقف وعدم وضوح الرؤية وانعدام المبادرات وهشاشة البنية التنظيمية مع شدّة التجاذبات والنزاعات حدّ التنافي، ممّا سيشكّل أرضية غير ملائمة لعمل هذه الحكومة المقترحة.
مواقف الأحزاب
و بخصوص نيل الحكومة المقترحة ثقة البرلمان، يرى البعض أن عديد المؤشرات تؤكد ان نيل الثقة في حكم الضرورة رغم إعلان عدد من الأحزاب رفضهم لها على غرار التيار الديمقراطي الذي أكد في عديد المناسبات انه لن يمنحها الثقة لانها حكومة دون تصور و دون برنامج.
واعتبر القياي بالتيار الديمقراطي نبيل حجي في تصريح اعلامي، أن المشيشي، اكتفى بتجميع أسماء تكوّن حكومته، قال انها مستقلة تماما، في حين أن الاعلان عن هذا الفريق أسقط مقولة الاستقلالية.
واشار في ذات السياق الى أن الكتل البرلمانية والأحزاب ستجد صعوبات كبيرة في التعامل مع وزراء لا ماض سياسي لهم وغير معروفين بالمرة.
من جهته رئيس كتلة قلب تونس أسامة الخليفي اكد أن تركيبة حكومة هشام المشيشي هي قيد الدرس وان الموقف المتفق عليه داخل الحزب هو إنهاء مرحلة حكومة تضارب المصالح والذهاب نحو حكومة جديدة، وفق تعبيره.
ووفق النائب بالبرلمان عن ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي فان الائتلاف الممثل ب19 نائبا يتوجّه نحو عدم منح الثقة لحكومة هشام المشيشي.
وأعتبر العلوي في تصريح إعلامي امس الثلاثاء، أنّ خيار حكومة تكنوقراط كان مرفوضا بالنسبة لائتلاف الكرامة، منتقدا أن يكون الحديث حول نوعية الحكومة كفاءات أو حزبية ولا يقع التطرّق إلى الهيكلة والبرامج.
من جانبه رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان نورالدين البحيري اكد ان الحركة ستتخذ موقفها من حكومة هشام المشيشي التي أعلن عنها مساء أمس “بعد التحاور مع شركائها في تحالف يضم 120 نائبا لاتخاذ موقف جماعي والعودة إلى مجلس الشورى”.
ويضمّ هذا التحالف وفق البحيري كلّا من كتل حركة النهضة (54 نائبا) وائتلاف الكرامة (19) وقلب تونس (27) وكتلة المستقبل(9) اضافة الى بعض النواب غير المتنمين للكتل .
في المقابل فان الحزب الدستوري الحر (16 نائبا) قرّر سابقا التفاعل ايجابيا مع تكوين الحكومة باعتبارها حكومة كفاءات مستقلة و لكن منحها الثقة من عدمه مازال لم يحدد بعد فوفق ما اكدته رئيسة الكتلة عبير موسي في تصريح اذاعي فان حزبها بصدد القيام بتحرّيات بخصوص الأسماء المقترحة، مشيرة الى “نقطة اعلاميّة” مرتقبة للاعلان عن موقفهم الرسمي قبل عقد جلسة منح الثقة.
بدوره، أكد رئيس كتلة الإصلاح الوطني، حسونة الناصفي، في تعليقه عن تركيبة الحكومة المقترحة قال انه “بالنظر إلى الأسماء المقدمه فهناك نقاط إيجابية مشيرا إلى أن الكتلة بصدد دراسة السير الذاتية لاتخاذ موقف رسمي.
و يشار الى ان مكتب البرلمان المنعقد امس الثلاثاء حدد تاريخ 1 سبتمبر القادم لعقد جلسة منح الثقة للحكومة المقترحة.
ستمر… و لكن
ويرى البعض ان هذه الحكومة ستمر الا انها لن تستطيع تحقيق الاستمرارية فبالاضافة الى التحديات الاقتصادية و الاجتماعية الصعبة التي ستواجهها فهي لن تحظى بالدعم السياسي وهو ما سيعرقل عملها خاصة في ظل برلمان ابرز مميزاته أحزاب جد مختلفة ومتناقضة في توجهاتها العامة ومواقفها فضلا عن رفض أغلبهم لحكومة غير متحزبة و غير سياسية.
وعموما فان اهم ما يلاحظ منذ صدور نتائج الانتخابات التشريعية الماضية و بالنظر الى تجربة حكم الياس الفخفاخ فان المطلوب اليوم من رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي عدم الانخراط في حالة التوتر السياسي و البرلماني و التمسك بابعاد حكومته عن التجاذبات السياسوية خاصة وانه وفق المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية فان مهمة الحكومة القادمة صعبة جدا في ظل ارتفاع المديونية والعجز عن تعبئة موارد مالية من الداخل والخارج مع ارتفاع نسب البطالة فضلا عن الأزمة الصحية العالمية و تصاعد وتيرة انتشار فيروس كورونا في تونس.