افريكان مانجر-وكالات
أصدر مجلس الأمن قرارا بفرض عقوبات ضد تنظيم «داعش» الإرهابى، يقضى بقطع مصادر التمويل عنه ومنعه من تجنيد أى عناصر مقاتلين من الأجانب، وهو القرار الذى صدر دون أن يعرف مجلس الأمن كيف سيطبقه على تنظيم إرهابى كهذا يستطيع أن يجلب الأموال بعيدا عن أى قرارات هلامية تصدر من قبل أى منظمة أو جهة دولية، وحسب صحيفة صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن الأصول التى يمتلكها داعش تقدر بـ2000 مليار «ثريليونين» دولار.
ولعل تصريحات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى قمة العشرين عن تلقى داعش تمويلا من قبل أشخاص من 40 دولة، ورصد المخابرات الروسية لتجارة النفط ومشتقاته غير الشرعية، هى من أكثر التصريحات التى تثير التساؤل حول أبعاد تجارة داعش ومصادر تمويله، وحجم الأموال التى يحصل عليها نظير تجارته غير المشروعة؟.
البترول.. أهم المصادر سيطرة التنظيم الإرهابى
فحسب ما نشرته جريدة «واشنطن تايمز»، فالتنظيم الإرهابى يربح 50 مليون دولار شهريا من مبيعات النفط الخام وتهريبه عبر الحدود التركية والكردية بأسعار تتراوح بين 10 و35 دولارا للبرميل الواحد. ومع الضربات التى وجهها التنظيم الدولى ضد «التنظيم»، تراجعت عائدات البترول التى كانت تجنيها «داعش» من وراء بيعه، وهو ما أكده «جون كيربى» المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع الأمريكية.
الضرائب والابتزاز
و أصبح تنظيم” داعش “يعتمد على الضرائب كمصدر أساسى للدخل، حيث تربح التنظيم حوالى 600 مليون دولار ضرائب فى العراق فقط خلال العام الماضى، وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، نقلا عن مؤسسة «راند» الأمريكية.
كما تعتبر الآثار من الموارد المهمة للتنظيم، فحسبما نشر موقع «العربية» فإن «داعش» جمع 23 مليون جنيه إسترلينى من بيع قطع أثرية من النبق السورية، وفى العراق هيمن على آثار منتشرة فى «نينوى» حيث الحضارة الآشورية، ومتحف الموصل، وتشير التقديرات إلى أن المسلحين يجنودن سنويًا 200 مليون دولار من الآثار المنهوبة. ومن ناحية أخرى تعتبر العبودية أحد المصادر التى يجنى بها إرهابيو داعش الأموال، فبحسب «لوموند» فإن التنظيم يستعبد الأقليات خصوصا النساء، من الإيزيديين والشيعة والآشوريين من أجل بيعهم بمقابل مادى يتراوح ما بين 40 و165 دولارا.
البنوك والاختطاف
وصفت مجلة «إنترناشيونال بيزنيس تايمز» داعش عقب إسقاطه مدينة الموصل بأنه «أغنى تنظيم إرهابى على مستوى العالم»، وذلك بعد أن قام التنظيم بالسطو على خزائن البنك المركزى والتى وصلت إلى 420 مليون دولار، هذا فى الوقت الذى وصلت فيه حجم الأموال التى يحصل عليها التنظيم من عمليات الخطف إلى 20 مليون دولار كفدية للرهائن الذين قام باختطافهم، وذلك وفقا لما ذكره تقرير مؤسسة «راند» السابق ذكره.
تنظيم القاعدة.. الأقدم إرهابياً.. والثانى تمويلاً..
165 مليون دولار تلقاها «القاعدة» لإطلاق سراح رهائن من دول أوروبا.. و«طالبان» تتسلح بالتبرعات والمخدرات تنظيم «القاعدة» أو «قاعدة الجهاد» لمؤسسها أسامة بن لادن يعد واحدًا من أشهر الحركات المصنفة دوليًا كجماعة إرهابية، وعلى الرغم من أنه لم يعد لـ«القاعدة» نفس الدور الإرهابى الذى كانت عليه من قبل، فإنها لا تزال من أكثر المنظمات الإرهابية شهرة، وذلك لتاريخ «القاعدة» الإرهابى الذى نشأ فى أواخر ثمانينيات القرن الماضى، واستهدف قواعد مدنية وعسكرية فى مختلف دول العالم، وشن عدد من العمليات الإرهابية كان آخرها أحداث 11 سبتمبر 2001 التى دفعت الولايات المتحدة الأمريكية لشن حرب على الإرهاب على مستوى العالم.
التنظيم الذى يؤمن بأن هناك مخططًا مسيحيًا يهوديًا لتدمير الإسلام، يعتبر ثانى تنظيمات الإهابية فى الحصول على التمويل حيث تلقى ما يقدر بـ125 مليون دولار من دول أوروبية مقابل إطلاق سراح الرهائن الذين احتجزهم، وذلك وفقًا لما ذكره الكاتب ديفيكا بات فى تقرير منشور له بصحيفة «التايمز» تحت عنوان «الفدية الأوروبية» مما أسهم فى خلق عمل رائج للمسلحين الذين تصعب السيطرة عليهم الآن.
وفى تفاصيل أكثر عن ذلك نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرًا فى يوليو 2013 جاء فيه أن تنظيم «القاعدة» والجماعات المتعلقة به حصلت على ما يزيد على 125 مليون دولار على هيئة فدية مقابل إطلاق سراح الأوروبيين المختطفين منذ 2008، إضافة إلى تحصله على 66 مليون دولار فى عام نشر التقرير، وفى تقارير أصدرتها وزارة الخزانة الأمريكية اتضح أن أموال الفدية التى جناها تنظيم «القاعدة» وصلت إلى 165 مليون دولار فى الفترة نفسها، حيث دفعت معظمها حكومات أوروبية عبر وسطاء لها، بحيث تغطى الحكومة على الأمر أحيانًا، متظاهرة بأن ما تدفعه هو مساعدة مادية لتطوير البلاد.. كل هذا يشير إلى أن «القاعدة» تتمكن من تمويل تدريباتها وشراء أسلحتها بسبب المال الأوروبى المتدفق إليها فى صورة فدية، على الرغم من محاولات قادة تلك الدول الأوروبية نفى منحهم التنظيم أى أموال. «طالبان».. التجارة غير المشروعة خرجت حركة «طالبان» إلى النور فى أوائل تسعينيات القرن الماضى بشمال باكستان، وبعد ذلك بزوغ نجم الحركة فى أفغانستان عام 1994، وقد بدأت الحركة المنتشرة فى باكستان وأفغانستان فى اتباع نهج جديد قائم على تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل صارم.
أما عن مصادر دخل الحركة، فقد أشار تقرير سابق نشرته جريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن مصادر تمويل الحركة تتراوح بين 70 و400 مليون دولار، تأتى من التبرعات وبيع المخدرات، وفيما يتعلق بالأسلحة المزود بها أعضاء التنظيم، فقد أشار تقرير أمريكى منسوب لجون سوبكو، المكلف بإعادة إعمار أفغانستان، أن أمريكا سلمت القوات الأفغانية كميات من الأسلحة تفوق ما تحتاج إليه منذ 2004، ووصلت الأسلحة إلى أكثر من 747 ألف بندقية كلاشنيكوف من طراز «أى كاى 47»، وبنادق رشاشة، وقاذفات قنابل، وغيرها من الأسلحة بقيمة تقارب 626 مليون دولار، إلا أن كل هذه الأسلحة وقعت فيما بعد فى يد «طالبان».
التطرف فى شمال أفريقيا.. مستودعات أسلحة «القذافى» المصدر الأول للإرهابيين
وفى سيناء وتونس وليبيا روابط عدة تجمع بين الجماعات الإرهابية فى منطقة شمال أفريقيا المتمركزة فبالنسبة لسيناء تأتى جماعة أنصار بيت المقدس لمؤسسها «أبى عبدالله» التى أعلنت مبايعتها لـ«داعش»، وتحول اسمها لولاية سيناء التى أعلنت مسؤوليتها عن كثير من التفجيرات، وهو ما مثل تطوراً ماليا فى تاريخ تلك التنظيمات.
وأشارت دراسة بعنوان الإرهاب فى سيناء نشرها المركز البريطانى هنرى جاكسون إلى أن هذه الجماعة تعتمد بشكل أساسى على ما يُعرف بصناعة الصورة، وإرهاب الخصم من خلال قيامها بنشر العديد من الفيديوهات، وفيما يتعلق بمصادر تسليح تلك الجماعة، ووفقا لما أشار له التقرير فإن حالة الانفلات الأمنى التى شهدتها مصر عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير سمحت بدخول كميات كبيرة من الأسلحة المهربة، خاصة عن طريق ليبيا بعد الاستيلاء على كميات هائلة من أسلحة مستودعات أسلحة القذافى.
وفى تونس الوضع لم يختلف كثيرًا عن مصر وبالتحديد بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الثورة التونسية التى أطاحت بالرئيس زين العابدين بن على، تأسس تنظيم أنصار الشريعة فى تونس على يد سيف الله بن حسين الشهير بـ«أبوعياض التونسى»، المعروف بانضمامه لصفوف تنظيم القاعدة ومقاتلته للقوات الأمريكية فى أفغانستان. الحال فى ليبيا يعد الأسوأ بين جميع دول شمال أفريقيا.. وهو ما يمثله إعلان مصادر عسكرية بالجيش الليبى عن احتمالية توجيه ضربة عسكرية من دولة غربية لتلك الجماعات خلال الأيام المقبلة، ومن أخطر تلك الجماعات أنصار الشريعة فى ليبيا التى تأسست عقب انطلاق الثورة الليبية على يد منسقها الأول الشيخ محمد الزهاوى المكنى بـ«أبى مصعب».
وما بين تونس وليبيا ثمة علاقة مشتركة بين مصادر تمويل وتسليح التنظيم فى البلدين، حيث أشارت العديد من التقارير إلى أن هناك دعما ماليا ولوجيستيا تقدمه جماعة ليبيا لنظيرتها فى تونس الذى تم الكشف عنها من خلال العشرات من كميات الأسلحة التى أكدت تحريات الداخلية التونسية أنها كانت قادمة من ليبيا لصالح جماعة أنصار الشريعة بتونس.
(اليوم السابع )