صرّح رئيس هيئة السوق المالية, صالح السّايل ل”أفريكان مانجر” أنه تم الشروع بالتعاون مع الوسطاء في مراجعة الاطار التشريعي والتنظيمي للسوق البديلة والذي من المرجّح أن يستكمل خلال السنة المقبلة.
وقال الّسّايل أن الاطار التشريعي المعتمد في إحداث السوق المالية كان أساسا مقتبسا من التجربتين الفرنسية والانكليزية وقد اهتمت هتان التجربتان بجملة من النقاط منها التركيز خاصة على راعي المؤسسة الذي هو شخص مرخّص له من قبل هيئة السوق المالية و يتوفّر فيه شيء من الكفاءة والتنظيم وكذلك هو مختص في التحليل المالي حتى يتمكن من إعطاء معطيات مالية محيّنة وتحليل مالي يوجّه المؤسسة في استثماراتها.
وأضاف: “أردنا إرساء حوكمة رشيدة في تنظيم المؤسسة,حيث يجب أن يكون لديها دليل إجراءات وإطار رقابي داخلي ونحن نعتقد في ثقافتنا أن المعلومة المالية عندما تنتج في محيط مراقبة يكون لديها مصداقية أكثر ونتبيّن أكثر واقع المؤسسة الاقتصادي وآفاقه.
ويعتقد رئيس هيئة السوق المالية أن تونس تمر بظرف اقتصادي صعب وأنها في حاجة ملحّة للاستثمار وخاصة في الجهات,كما يعتقد أيضا أن المؤسسات الصغرى والمتوسّطة هي المؤسسات الاكثر قدرة على إحداث مواطن للشغل وخلق ديناميكية ,كما بإمكانها أيضا أن تتأسس في السوق البديلة منذ انطلاقتها.
ويأتي هذا التصريح خلال ندوة عقدتها الاربعاء 19 سبتمبر الجاري الجمعية التونسية لوسطاء البورصة بالمعهد العربي لرؤساء المؤسسات حول “دخول المؤسسات الصغرى والمتوسطة الى السوق المالية”,حيث أشار بعض المتدخلين الى الصعوبات المتعلقة بالإطار التشريعي للسوق المالية الذي من المفروض أن يحقق التوازن بين حماية المستثمرين من جهة وكلفة المطابقة بالنسبة للمؤسسات المدرجة .
وعلى الرغم من أن 95 بالمائة من المؤسسات التونسية هي مؤسسات صغرى ومتوسطة تساهم بقسط أوفر في النمو الاقتصادي وفي إحداثات الشغل وتوفّر قدرة تنافسية عالية وموقعا استراتيجيا لتونس,فإن هذه المؤسسات تعاني من صعوبات ومشاكل هيكلية على غرار عدم قدرتها على إيجاد مصادر للتمويل.
وقد أفادنا المدير المكلف بالاتصال والمكاتب الجهوية ببنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسّطة, حمدي قصيعة أنه من بين 700 مؤسسة طور الانجاز 2 فقط منها دخلت السوق المالية.
وفسّر ذلك بأسباب عدّة منها الهيكلة المالية لأغلب هذه المؤسسات التي لا تسمح بالادراج وكذلك بوصفها شركات ذات مسؤولية محدودة في الوقت الذي يشترط فيه الدخول الى السوق المالية أن تكون شركات خفية الاسم ,فضلا عن أنها مؤسسات لها صبغة عائلية.
ويضيف قصيعة أن بنك المؤسسات الصغرى والمتوسطة انطلق نشاطه منذ سنة 2005 وأن أول المؤسسات التي قام بتمويلها(تم تمويل 1498 مؤسسة صغرى ومتوسطة منذ شهر مارس 2005) دخلت حيّز الانتاج خلال سنة 2008 ولا ينتظر من مثل هذا الجيل من الشركات أن يفكر في الدخول الى السوق المالية قبل 3 أو 4 سنوات .
وللاشارة فان 85 في المائة من المؤسسات الصغرى والمتوسّطة التي قام البنك بتمويلها هي إحداثات جديدة تتطلب الكثير من الوقت لتدخل طور التوسعة .
من جهته,أكد رئيس الجمعية التونسية لوسطاء البورصة, عادل قرار ل”أفريكان مانجر” أن السوق البديلة التي تسمح للشركات الصغرى والمتوسطة دون غيرها بالتمويل عن طريق السوق المالية لم تستقطب في نظامها الحالي ومنذ تاريخ إحداثها أي سنة 2005 سوى 4 شركات وهو ما يجعلنا نتساءل: هل أن المؤسسات الصغرى والمتوسطة لا تحتاج الى التمويل عن طريق السوق؟ أم أن السوق وقوانينها غير متطابقة مع حاجيات هذه المؤسسات والشركات؟
ويعتبر قرار أن الاستشارة التي أطلقتها جمعية وسطاء البورصة مع منظمة غير حكومية “برنامج الدعم التقني (الذي يوفره ” أف أس في سي “) وضمّت خبراء ماليين دوليين من أمريكا وكندا هدفها تحليل وتقييم المستوى الحالي للسوق البديلة منذ تاريخ إحداثها (سنة 2005 ) ومقارنتها مع السوق البديلة للبلدان المتقدّمة, ثم صياغة تقرير يضم اقتراحات تؤخذ بعين الاعتبار.
وفيما يتعلّق بالمناخ السياسي الحالي للبلاد وتأثيره على سير هذا النوع من المؤسسات( الصغرى والمتوسطة) يعتقد رئيس الجمعية التونسية لوسطاء البورصة أن المناخ الاقتصادي والاجتماعي الذي تنشط فيه هذه الشركات قد تغيّر ومن المهم جدّا أن يتأقلم مسيّرو هذه الشركات مع هذه التغيرات ويبحثوا عن طرق تمويل أخرى.
وأشار الى أنه يجب على أصحاب الشركات أن يفكروا أكثر في هذه الحلول التي لا بديل لها , إذ أنه وفي العالم أجمع تبدأ الشركات بصفة عائلية وعندما تكبر تلزمها أموال ذاتية أكثر تفوق قدرة العائلة التي كوّنتها وهنا يأتي دور السوق التي تسمح بإيجاد موارد مالية إضافية لمواجهة المنافسة.
ويختم قرار القول ب”إن المناخ السياسي الراهن في البلاد له تأثير على الشركات وعلى نفسية المستثمر وحتى العامل لكن المسألة لن تكون إلا ظرفية وعند تجاوزها علينا أن نفكّر مليّا في الاتجاهات الصائبة التي يجب أن يتبنّاها الاقتصاد التونسي فهذا أهم شيء في اعتقادي.”
شادية هلالي