تونس-أفريكان مانجر
مثّل ضعف الإقبال على التّسجيل للانتخابات التونسية هاجس كثير من الأطراف السّياسيّة والمجتمع المدني الى جانب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وجمعية “عتيد” ومرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التّحوّلات الدّيمقراطيّة وجمعية “مراقبون” و”أوفياء” وجمعية القانون الدستوري… خاصّة وأنّ انطلاقة عمليّة التّسجيل كانت محتشمة جدّا ولم تتجاوز نحو الـ70 ألف حاليا.
وقد أرجع بعض المراقبين هذا الإقبال المحتشم على التّسجيل الى ضعف الحملات التّحسيسيّة في مختلف وسائل الإعلام وخاصّة منها المرئيّة، وعدم استغلال شهر رمضان لتمرير ومضات تحسيسيّة الى جانب الإشهاريّة أثناء بثّ المسلسلات الرّمضانيّة.
وقد رصد “أفريكان مانجر” بعض الحالات من الفئة “المثقّفة” في البلاد تجهل كيفيّة التّسجيل، وهذا أمر يعتبر خطيرا جدّا، فإذا كان هذا حال بعض المثقّفين، فما بالنا بذوي المستوى التّعليمي المحدود وبمتساكني الأرياف ؟ وهو أمر يستدعي كثير من الجديّة والعمل حتّى يتمّ تسجيل عدد إضافي مقارنة بانتخابات 2012، بحسب مراقبين رغم أنّ بعضهم يؤكّدون أنّ عقليّة التّونسي التي تعوّدت بالتّهافت على الشّيء في اللّحظات الأخيرة، من شأنها أن تجعل من عمليّة التّسجيل تفوق التّوقّعات في اللّحظات الأخيرة والدّليل ما حصل مع عمليّة الإكتتاب بالقرض الوطني التي فاقت كلّ التّوقّعات في اليومين الأخيرين.
تطور عدد المسجلين
تجدر الإشارة الى أنّ عمليّة التّسجيل بدأت تتحسن يوما بعد آخر إثر الانطلاقة المحتشمة التي شهدتها العملية، حيث بلغت يوم 1 جويلية 40 ألف، لتسجّل ارتفاعا طفيفا يوم 3 جويلية وتبلغ 52 ألف مقابل 71 ألف يوم 4 جويلية أي بزيادة تناهز ألف شخص في ظرف 24 ساعة، هذا بالإضافة إلى وجود 900 ألف استشارة إلى غاية يوم الجمعة المنقضي، وقد تزامن تطور عدد المسجلين مع تكثيف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من المعلقات الاشهارية في الفضاءات العمومية وتركيز لافتات تشير إلى مكاتب التسجيل التي لم تكن موجودة في بداية عملية التسجيل حسب ما صرّح به بعض الملاحظين لعمليّة التّسجيل لمختلف وسائل الإعلام.
وفي سياق متّصل، أكّد النّاصر الهرّابي المدير التّنفيذي بمرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التّحوّلات الدّيمقراطيّة أنّ عمليّة التّسجيل للانتخابات تحسّنت بفعل تحسّن الحملات التّحسيسيّة، مضيفا أنّ المرصد الى جانب بقيّة الجمعيات المعنية بمراقبة عملية التسجيل يطالبون بمضاعفة هذه الحملات وتعميمها في كلّ المناطق، وخاصّة في المناطق الرّيفيّة عبر إرسال قوافل تحسيسية، حيث أنّ نسبة العزوف عن التّسجيل في هذه المناطق ترتفع بصفة ملحوظة لجهل متساكنيها بكيفيّة التّسجيل وبالاجراءات المعتمدة، كما أنّ ضعف الخطاب المعتمد وعدم وصول المعلومة الكاملة للمواطن خاصّة فيما يتعلّق بالتّسجيل لفائدة الغير من بين أسباب ضعف الإقبال على التّسجيل للانتخابات على حدّ تعبيره.
تحسّن في مستوى اداء أغلب مكاتب التّسجيل
من جهة أخرى، قال نفس المصدر إنّ المرصد لاحظ أيضا أثناء متابعته لعمليّة التّسجيل من خلال ملاحظيه المتخصّصين في عمليّة مراقبة تسجيل النّاخبين تحسّنا في مستوى اداء أغلب مكاتب التّسجيل من ناحية تطبيق الاجراءات واحترام القانون، مبرزا أنّ جلّ الإخلالات التّي تمّ تسجيلها كانت في اليوم من انطلاق عمليّة التّسجيل للانتخابات، واليوم تبقى عمليّة مضاعفة الحملات التّحسيسيّة هي الهاجس الأكبر، حيث أنّ هذه الحملات هي التّي من شأنها أن تدفع المواطنين الى انتزاع حقّهم في التّصويت، والذّهاب الى التّسجيل الإرادي بعدما تمّ إلغاء التّسجيل الالي، وفي هذا الإطار بيّن محدّثنا أنّه تمّ سنة 2012 تسجيل حوالي 4.3 مليون شخص (كانت هناك قاعدة بيانات) واليوم نطمح الى إضافة حوالي 3.7 مليون شخص على العدد القديم (شباب بلغ سنّ الـ 18 سنة واخر لم يسجّل إراديّا ولا مرّة).
وعن امكانيّة التّمديد في الاجال، إن تواصلت عمليّة العزوف عن التّسجيل للانتخابات، أوضح المدير التّنفيذي بمرصد شاهد أنّ هذا الأمر محسوم ولا يمكن التّمديد في الاجال، لأنّ الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات ضبطت الرّزنامة، وأصبح من المستحيل التّمديد في الاجال، مبرزا أنّه على كلّ مواطن تونسي الالتزام بتاريخ 22 جويلية كاخر اجل للتسجيل حتّى لا يضيع حقّه في التّصويت، في المقابل أشارت ليلى بحريّة رئيسة مرصد شاهد الى أنّه رغم ضعف الإقبال (حتّى بعد تحسّنه)، إلاّ أنّها متفائلة وتتوقّع أن يرتفع عدد المسجّلين في اللّحظات الأخيرة، باعتبار أنّ عقليّة التّونسي تعوّدت على مثل هذه التّصرّفات، حيث يسجّل التّونسي غالبا حضوره ومشاركته بشكل جيّد في اللّحظات الأخيرة ونستشفّ ذلك على حدّ تعبيرها من الإقبال على الشّراءات في اخر اللّحظات قبل الأعياد والمناسبات (اللّهفة والتّهافت)، وأيضا من عمليّة الإكتتاب…
أمّا بالنّسبة للحلول، فقد اعتبرت مختلف أطراف المجتمع المدني أنّه من الضّروري تكثيف الحملات التحسيسية في المناطق الريفية والداخلية وإرسال قوافل تحسيسية باعتبار أن أكبر نسبة عزوف تنحصر في تلك المناطق، هذا الى جانب دعوتها الى مجانية الإشهار في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة العمومية منها والخاصة (باستثناء الصحف) نظرا لدقة الوضع وقلة الموارد المالية.
هدى