تونس-افريكان مانجر
المناخ الاستثماري في تونس سيشهد تغييرات سنة 2025، و من الضروري الإسراع في إصدار مجلة الصرف و السعي نحو تفعيل الديبلوماسية الاقتصادية و تحقيق استقرار ضريبي للتشجيع على الاستثمار و دفع النمو، ذلك ما أكده عصام شوشان رئيس لجنة المالية و الميزانية بمجلس نواب الشعب.
واعتبر شوشان، أن مشروع قانون المالية لعام 2025 لم يتضمن اختلافا كبيرا مقارنة بالسنة الماضية وهو يعكس التوجه العام للدولة و التي تبرز فيها سياسة التعويل على الذات كخيار استراتيجي يهدف لتحقيق التوازنات المالية دون اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، إلا أنه في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، يُطرح التساؤل هل يُمكن حصر التعويل على الذات فقط في الاعتماد على الاقتراض الداخلي و الموارد الجبائية، وهو ما دفع اللجنة لإدراج فصول جديدة و تعديل بعضها، وفق قوله.
و أوضح أن التوجه العام لسياسة الدولة يرتكز على التعويل على الذات، مشددا على أن البرلمان يرى أن الحل للمواصلة في هذا الخيار هو دفع الاستثمار من خلال تحقيق الاستقرار الضريبي وعدم الاقتراض مجددا من البنك المركزي.
وفي ما يلي نص الحوار كاملا:
*ماهي أبرز نقاط الاختلاف بين قانون المالية و الميزانية لسنة 2024 و مشروع القانون المعروض على أنظاركم؟
لا يوجد اختلاف كبير حيث تقدر ميزانية 2024 بـحوالي 77 مليار دينار في حين أن ميزانية السنة القادمة في حدود 78 مليار دينار، وهو ما يعكس ارتفاعا طفيفا بـ3،3.
وقد اختارت الدولة مواصلة التمشي نحو سياسة التعويل على الذات من خلال دفع الاستثمار و خلق الثروة و الاقتراض الداخلي، وتم التوجه من منطلق العدالة الجبائية إلى التنصيص على تعديل السلم الضريبي على الشركات و على الأشخاص.
و يكمن الفرق بين السنة القادمة و العام الجاري، في أن المبلغ المطلوب لتحقيق التوازنات المالية للبلاد هذه السنة في حدود 22 مليار دينار سيتم توفيرهم من خلال الاقتراض الداخلي على غرار السنة الماضية حيث تم اقتراض 9 مليار دينار، أي أن هذه السنة سيكون حجم الاقتراض الداخلي لتغطية عجز الميزانية أكثر من 80%. إلا أن سياسة التعويل على الذات ليست سياسة الاقتراض الداخلي بالأساس و إنما التشجيع على الاستثمار و دفع التنمية لحلحة مشاكل السيولة و تحقيق نسب نمو محترمة تُجنب البلاد التأثيرات السلبية للاقتراض الداخلي.
ودعم الاستثمار وتحفيزه يتطلب جملة من الإجراءات والإصلاحات الهيكلية التي تم التطرق إليها في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025، وقد طالبنا بالإسراع في إصدار مجلة الصرف ومجلة الاستثمار و تحقيق العدالة الجبائية، في ظل غياب آليات فعالة لتشجيع المستثمرين و الاستثمار.
كما ان اللجنة لم تكن راضية على عديد الفصول الواردة بمشروع قانون المالية لسنة 2025.
*ماهي أبرز الفصول التي تم تعديلها؟
اللجنة لم تكن راضية عن الفصل 32 المتعلق بالضريبة على الشركات بالصيغة التي وردت علينا، حيث من غير المنطقي ان نشجع على الاستثمار مقابل الترفيع في السلم الضريبي و ان كان هذه الإجراء صحيحا إلا أن التوقيت يعتبر غير مناسب، لذلك توجهنا نحو تعديل هذا الفصل في إطار القانون الأساسي للميزانية باعتبار ان التعديلات لا يجب ان تمُس من التوازنات المالية.
وقد الفصل 33 معدلا في 15% للقطاع الفلاحي و الترفيع من 15 الى 20 % تشمل اغلبية المؤسسات و 40% بالنسبة للبنوك و المؤسسات المالية.
و تم إحداث مساهمة ظرفية بنسبة 2 بالمائة على المؤسسات الكبرى لفائدة ميزانية الدولة لسنة 2025، تستوجب على الشركات التي يساوي رقم معاملاتها لسنة 2023 أو يتجاوز20 مليون دينار.
وفيما يتعلق بالفصل الخاص بالضريبة على الدخل تم تعديله بإضافة شريحة خاصة بمن مداخيلهم تتراوح بين 50 ألف دينار و 70 ألف دينار و أخري ما فوق 70 ألف دينار دخل سنوي، وذلك بهدف تكريس أكثر منطق في العدالة الجبائية.
و تنطبق أحكام هذه الفصول بداية من غرة جانفي 2025.
و أشير إلى أن الضريبة في تونس تعتبر منخفضة مقارنة ببقية دول العالم.
من 62 فصل ورد ضمن مشروع قانون المالية تم صلب اللجنة اسقاط الفصل المتعلق بتخفيض الاداءات الديوانية على توريد اللاقطات الشمسية بهدف تشجيع التصنيع، الى جانب اسقاط الفصل المتعلق بالضريبة على العقارات.
من بين الفصول كذلك التي تم تعديلها الفصل 56 المتعلق بالمعلوم الموظف على تصدير منتجات المناجم والمقاطع من خلال إقرار معلوم بقيمة 10 دينار على كل طن رمل طبيعي عوضا عن 50 دينار و 100 دينار عن كل طن رخام وحجارة طبيعية، وذلك نظرا لتداعياته السلبية حيث اسبب في تراجع رقم معاملات هذه الشركات.
*ماهي تفاصيل الفصل المتعلق بالسماح للأشخاص الطبيعيين فتح حسابات بالعملة الأجنبية، و الذي تم اقتراحه رغم أن الحكومة بصدد اعداد مجلة الصرف ؟
في الواقع هذا الفصل تم اقتراحه السنة الماضية، لكنه منطقيا كان من المفترض أن يكون مضمنا بمجلة الصرف الا أنه تأخر صدورها وقد طالبنا مرارا و تكرارا بارسالها للبرلمان تظرا لدورها الإيجابي في تدعيم الموارد بالعملة الأجنبية.
وينص هذا الفصل على تمكين المواطنين من فتح حسابات بالعملة الأجنبية و بصدور مجلة الصرف سيتم ادراجه بها ولم يتم تحديد هذا المبلغ وسيكون من أنظار البنك المركزي التونسي.
*وهل التوجه العام بالبرلمان نحو التصويت مع هذا الفصل؟
نحن نؤمن ان الحل للخروج من الوضع الاقتصادي الراهن في دفع الاستثمار الذي لن يكون الا من خلال إجراءات فعلية، وهذا الفضل من شأنه التشجيع على الاستثمار في الداخل و الخارج.
وقد طالبنا بمجلة الصرف وفي اخرسؤال توجهنا به لوزيرة المالية، أكدت أنه مباشرة بعد المصادقة على قانون المالية سيتم عرض مجلة الصرف.
وفي صورة عدم صدور مجلة الصرف هل سيتم تقديم مبادرات جديدة في هذا السياق؟
بالتأكيد، هذا فصل من الفصول لكن نأمل في الإعلان عن مجلة الصرف.
*اخر تقرير صادر عن البنك الدولي، تم التأكيد ان النظام الجبائي التونسي يمكن أن يكون أكثر عدالة و إنصافا، مار أيكم في ذلك؟
أقل نسبة ضريبة على الشركات في العالم في حدود 15% وتونس تعتبر من أقل البلدان في العالم في الأداء على الضريبة و تكريس العدالة الجبائية الحقيقية يتطلب مناخ استثماري فعلي و موارد دولة لا تعتمد بنسبة 90% على الجباية بل على موارد أخرى.
في تونس اول مصدر لتمويل ميزانية الدولة الجبائية لذلك لايمكن التخفيض فيها فضلا عن ان تونس اختارت عدم التوجه نحو الاقتراض الخارجي.
*هل سيتم هذه السنة مجددا الترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامّة على غرار السنة الجارية؟
القرض الذي تمت المصادقة عليه في بداية السنة الحالية بقيمة 7 مليار دينار هو استثنائي، ولكني كرئيس لجنة المالية و الميزانية بمجلس نواب الشعب، أرفض التوجه في هذا السياق مجددا و نأمل في تحسن المناخ الطبيعي الذي سيساهم في الرفع من مداخيل القطاع الفلاحي و الرفع من صادرات زيت الزيتون، إلى جانب تحسن مداخيل القطاع السياحي و احداث قوانين تشجع على الاستثمار.
و لو يتم التعويل على البنك المركزي مجددا سنسقط في ارتفاع نسب التضخم و حينها ستكون الكارثة.
* ماهي أولوياتكم عقب الانتهاء من مشروع قانون المالية لسنة 2025؟
التوجه العالمي اليوم نحو التشجيع الاقتصاد الأخضر و الدائري و التشجيع على الاستثمار خاصة في الطاقات البديلة و المتجددة، و كل ماله صلة بالتطور العلمي و التكنولوجي….وتونس اذا ستأخذ على عاتقها هذا التوجه فانها مطالبة بإصدار مجلة الصرف و مجلة الاستثمار إلى جانب تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية الفعلية.
خلال هذه السنتين تونس لم تساهم في إعادة أعمار ليبيا رغم أن أغلب دول العالم تمكنت من ذلك و تونس لم تبادر بالاستثمار في الجزائر و المغرب نتيجة الدبلوماسية الاقتصادية.
الوظيفة التنفيذية موكول لها تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية كأداة أساسية لتعزيز الاستثمار وتحقيق النمو الاقتصادي، فضلا عن ضرورة وضع سياسات واضحة ومستدامة تستهدف تحسين المناخ الاستثماري وجذب المستثمرين.
هناك بوادر انفراج في دفع الاستثمار تظهر من خلال المجالس الوزارية، و نتائجها يمكن تقييمها بداية من 2025 بعد نشر قانون المالية.
أريد التأكيد كذلك، أنه دون استقرار ضريبي لا يمكن ان يتحقق الاستثمار المأمول، وجدول الضريبة الذي تم وضعه في إطار قانون المالية للسنة القادمة و ان لا يحظى بالموافقة من قبل كل المكونات الاقتصادية لكن يجب المحافظة علية لمدة 5 سنوات على الأقل لبعث رسائل طمأنة للمستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب.
الاستقرار الضريبي ليس فقط مسألة مالية، بل هو عامل رئيسي لبناء الثقة بين المستثمرين والدولة، ويساهم في تحفيز الاستثمارات الكبرى وتحسين موقع تونس كوجهة استثمارية.
*ختاما، ما هي أبرز التغييرات التي ستشهدها بلادنا مع دخول قانون المالية لسنة 2025 حيّز التنفيذ؟
المناخ الاستثماري في تونس سيتغير سنة 2025، و الحديث عن المناخ الاستثماري يشمل خلق الثروة و انخفاض نسبة البطالة و تحسن المقدرة الشرائية للمواطنين و ارتفاع رصيد البلاد من العملة الصعبة.
اما على المستوى الاجتماعي، فقد تم في إطار قانون المالية إحداث عديد الصناديق في مجالات متعددة، لكن أهم ركيزة تبقى دائما الاستثمار.