تونس-افريكان مانجر
نشرت صحيفة «فورين بوليسي» الأمريكية، تقريرا حول التجربة السياسية لحركة «النهضة» بعد سقوط بن علي، وأشارت إلى أنه كان يُنظر للحركة على أنها تشكل تهديدا للانتقال الديمقراطي، غير أنها اثبتت عكس ذلك وكانت سندا له.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن تونس حققت بالفعل نقلة نوعية في الديمقراطية بعد الإطاحة ببن علي، مرجعة الفضل في ذلك إلى حزب «النهضة» «الذي غلّب المصلحة الوطنية، وقبل بحل وسط مع بقية الأحزاب والقوى الليبرالية».
وأضافت أن حزب «النهضة» واجه الكثير من الضغوط، “لكنه انحاز لرغبة الناخبين، وتخلّى عن الكثير من مفاهيمه الأيديولوجية، وتصرف بعقلانية حينما تراجع عن الاتجاه الذي أدرك أنه سيؤدي إلى الصدام مع القوى السياسية الأخرى.”
وحسب تقرير الصحيفة؛ فقد ضمنت هذه التنازلات بقاء الحزب في الخارطة الديمقراطية في تونس، كما أنها مثلت سلوكا حضاريا مكّن التجربة الديمقراطية الهشة في تونس من البقاء والاستمرار.
وأشارت الصحيفة إلى أن قانون العفو التشريعي العام الذي أقر بعد الثورة؛ مكّن حزب «النهضة» من القفز إلى الصدارة، ممّا أثار حفيظة القوى الليبرالية التي أبدت تخوفها من حزب «النهضة»، وما قد ينتج عنه من تقويض لحرية المرأة، ومضايقات للحريات؛ باعتباره حزبا ذا مرجعية إسلامية.
وقالت إن رئيس «النهضة» راشد الغنوشي، أدرك مخاوف القوى الليبرالية ومناصريها، فبادر إلى تطمين الشعب التونسي ودحض هذه الادعاءات عن حزبه، وذكر في جوان 2011، أنه أوصى أنصاره بأن لا يحضروا لاستقباله في المطار عند عودته من المنفى؛ كي لا تتكرر الصورة التي ظهر فيها الخميني عند عودته إلى إيران.
وذكرت الصحيفة أن فوز «النهضة» في أول انتخابات ديمقراطية في أكتوبر 2011 ناتج عن تعهداته للجماهير بمعاقبة النظام السابق، بالإضافة إلى انحيازه للسكان المحليين في المناطق النائية والفقيرة، مشيرة إلى أن الأحزاب والقوى الليبرالية ركزت على المخاطر التي قد تحدث بسبب الخلفية الدينية لحزب «النهضة»، ممّا جعلها تقدم أداء ضعيفا في الانتخابات.
و قالت الصحيفة إن حزب «النهضة» ساهم في الانتقال السياسي والديمقراطي في تونس، وأن هذا الإسهام كان سببا في تراجع القمع وتزوير الانتخابات، مؤكدة أنه تنازل عن حقه الديمقراطي عن طيب خاطر، وتحالف مع أحزاب مناهضة له من أجل الحفاظ على اللحمة الوطنية.
وذهبت إلى أن “هذا السلوك الديمقراطي يستحق الإعجاب، فقد أظهر إمكانية انخراط الإسلام السياسي في العملية الديمقراطية، ونزوله عند رغبة الناخبين، والقدرة على التكيف مع الظروف السياسية.”