تونس-افريكان مانجر
أجمع عدد من الخبراء و المراقبين للشأن السياسي الداخلي أنّ تونس ما بعد الثورة لم تُحقق النتائج التي قامت من أجلها ثورة 14 جانفي،حيث لم تكن الصورة وردية وفق تعبير بعضهم.
و اليوم و بعد ثلاث من الإطاحة بنظام بن علي مازلت تونس تواجه وضعا إقتصاديا و اجتماعيا حرجا بعد أن فشلت الحكومات المتعاقبة في تحقيق التنمية.و قد حذر بعض الخبراء من أنّ الوضع قد يزداد سوءا إذا لم يتوصل الساسة في إيجاد حلّ توافقي لقيادة البلاد في الفترة المقبلة.
و رغم حالة التدهور الأمني و تفاقم ظاهرة الإرهاب و ارتفاع معدلات البطالة و وقوع حوادث الإغتيال السياسي،فقد أكد المراقبون على أنّ الوقت لم يفت بعد و أنّ تونس قادرة على تجاوز أزماتها شريطة التوافق السياسي خلال الفترة المقبلة.
نتائج سلبية
أكد المحللّ السياسي و الجامعي خالد عبيد ل”افريكان مانجر”اليوم الثلاثاء 14 جانفي 2014 أنّ تونس قادرة على تحقيق ماهو أفضل ممّا حققته على مدى الثلاث سنوات المنقضية،و أوضح أنّ توّفق الحكومة في الاستجابة لتطلعات الشعب سيكون رهينة تجاوزها للخلافات الضيقة و المصلحة الحزبية.
و في السياق ذاته بيّن محدثنا أنّ حصيلة ثلاث سنوات من سقوط نظام بن علي لم تكن وردية، و كان فيها السلبي أكثر من الإيجابي.و في المقابل شدّد خالد عبيد على أنّ الساسة في تونس مطالبون بتجاوزات الخلافات،لأنّه في حال إستمر الوضع على ماهو عليه اليوم فإنّ الأمر قد يزداد سوءا سيما مع تردّي الوضع الاقتصادي و تقهقر المقدرة الشرائية للمواطن و تأزم الحياة السياسية.
من جانبه، أوضح رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل الناصر سلطانة ل”افريكان مانجر” أنّ حصيلة ثلاث سنوات الإجمالية لثورة تونس كانت سلبية بالرغم من بعض النقاط الإيجابية،مُؤكدا أنّ هذه الحصيلة ليس لأنّ الثورة لم تنجح بل لأنّ طريقة الحكم في البلاد على حدّ قوله كانت فاشلة.
و أشار محدثنا إلى أنّ تونس و منذ سقوط نظام بن علي شهدت عديد الأزمات الأمنية و تفاقمت فيها ظاهرة الإرهاب،حيث تمّ استهداف المؤسستين الأمنية و العسكرية كما شهد الاقتصاد التونسي تراجعا غير مسبوق،فضلا عن ذلك فقد تمّ اعتبار تونس أرضا للجهاد و مسرحا للاغتيالات السياسية.و أوضح سلطانة أنّ تونس شهدت هذه الفترة و لأول مرة في تاريخها الحديث حدوث إغتيالات سياسية حيث أُغتيل كلّ من الشهيدين محمد البراهمي و شكري بلعيد.
و في سياق متصلّ، بيّن ناصر سلطانة أنّ نتائج الوضع الاقتصادي و الاجتماعي كانت سلبية فقد قُدّرت نسبة الفقر ب 24.7 ℅،و تراجعت نسب الاستثمار ب 1.5℅،إلى جانب تفاقم العجز التجاري على حدّ قوله.و بذلك تكون الحكومات المتعاقبة وفق ما أفادنا به رئيس المركز التونسي قد عجزت عن تحقيق النقلة الاجتماعية و إيجاد متطلبات العيش الكريم.
و قد أرجع الناصر سلطانة هذا الوضع إلى كثرة التجاذبات السياسية و تنامي ظاهرة العنف السياسي و الإنفلات الديني حسب تعبيره،حيث أكد أنّ تونس شهدت الفترة المنقضية محاولات متكررة لفرض نموذج فكري مُغاير تماما لطبيعة المجتمع التونسي من خلال إستضافة عددا من الدعاة.
نجاحات محدودة
و في المقابل قال ناصر سلطانة إنّ تونس سجلت خلال الثلاث سنوات الأخيرة بعض النجاحات على غرار النجاح في تحقيق انتخابات حرة و نزيهة،وهذا نجاح يُحسب على حدّ قوله للنخبة السياسية في تونس حيث تمت عملية انتقال الحكم من سلطة إلى سلطة أخرى دون أي مشاكل تذكر.و في السياق ذاته أشاد محدثنا بدور المجتمع المدني في إيجاد مخرج توافقي و لو جزئيا في إخراج تونس من أزمتها.
و إجمالا أكد المصدر ذاته أن تونس قادرة على الخروج من وضعها الحالي و تحقيق نتائج ايجابية في مستوى تطلعات الشعب و ذلك شريطة التوافق في وضع مشروع وطني يجمع مختلف الأطياف السياسية.كما شدد على ضرورة ايلاء الجانب الأمني الأهمية القصوى لأنه العنصر الوحيد الذي قد تتبعه نتائج ايجابية.
و باتصال مع الخبير الاقتصادي و وزير المالية الأسبق حسين الديماسي أكد ل”افريكان مانجر”أن نجاح أي قطاع ومجال في تونس يبقى رهين إعادة الأمن و الاستقرار للتونسيين،و أبرز أنّ نتائج ثلاث سنوات لتونس ما بعد الثورة كانت سلبية حيث تراجع النمو الإقتصادي بشكل كبير و أصبحت جلّ القطاعات تقريبا على حدّ تعبيره مشلولة،و هو ما أثقل كاهل المالية العمومية و وضع البنوك و المؤسسات المالية كما سجلت نسب البطالة إرتفاعا خلافا لما كان ينتظره الشاب التونسي.وأرجع الديماسي الوضع السلبي إلى الضبابية السياسية.
آمال مُعلقة
هذا و يُعلّق الكثيرون آمالهم على حكومة مهدي جمعة المقبلة، حيث يُنتظر أن تجد حلولا عاجلة لأبرز الإشكالات و الملفات المستعجلة من ذلك ملف التشغيل و الوضع الأمني في البلاد.و وفق ما تنص عليه خارطة الطريق التي وضعها الرباعي الراعي للحوار الوطني فإنّ حكومة مهدي جمعة ستكون حكومات كفاءات محدودة العدد.
بسمة المعلاوي