تونس- افريكان مانجر
قال محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي إنّ اجراءات السياسة النقدية الاستباقية التي اتخذها البنك المركزي خلال السنوات الثلاث الاخيرة ادت الى خفض التضخم من 7,7 % في جوان 2018 الى 5,8 % في فيفري 2020.
واكد خلال جلسة استماع له صلب لجنة المالية بمجلس نواب الشعب امس الاربعاء، حول قانون المالية التعديلي لسنة 2020، أن استمرار المسار التنازلي للتضخم المسجل في الاشهر الاخيرة، شجع البنك المركزي على تخفيف سياسته النقدية بالتخفيض بـ 100 نقطة اساسية في مارس 2020، تلاه تخفيض ثان قدره 50 نقطة اساسية في اسعار الفائدة الرئيسية في نهاية شهر سبتمبر 2020، لتتراجع هذه الاخيرة الى 6,25 %.
كما مكنت السياسية النقدية المتبعة من تقليص عجز الميزان الجاري (8,5 % من اجمالي الناتج المحلي في 2019 مقابل 11,2 % في 2018) وساهمت في “تصحيح” سعر صرف العملة الوطنية وتدعم الموجودات الصافية من العملة الاجنبية التي فاق رصيدها 7,730 مليار دولار اي ما يقابل 145 يوم توريد حاليا، بعدما بلغت مستويات حرجة خلال سنتي 2017 و2018.
وشدد مروان العباسي على انه ” ما كان بالامكان تحقيق هذه النتائج دون الاستقلالية التي يتمتع بها البنك المركزي في قيادة السياسة النقدية وهو ما عزز مخزون الثقة والمصداقية التي تحظى بها تونس لدى شركائها على الصعيد الدولي من بلدان شريكة ومؤسسات مالية عالمية ومستثمرين في الاسواق المالية العالمية ووكالات الترقيم”، وفق قوله.
في المقابل، أشار الى ان توازنات المالية العمومية تأثرت بشدة من تداعيات الازمة الصحية كوفيد – 19 مع تسجيل عجز يفوق 13 % ضمن مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020، مما يرفع الدين العمومي الى مستويات غير مسبوقة من شانها ان تعرض استدامته للخطر.
وتحدث محافظ البنك المركزي عن انخفاض هام مرتقب في الموارد الذاتية للدولة ( -5652 مليون دينار للمداخيل الجبائية مقارنة بتوقعات قانون المالية 2020)، على الرغم من تعبئة موارد هامة للدولة متاتية من الهبات الخارجية بـ 1057 مليون دينار.
كما لاحظ زيادة غير متوقعة في حجم التدخلات المبرمجة في الميزانية (+ 2833 مليون دينار)، على الرغم من الاقتصاد في نفقات المحروقات بالعلاقة مع تراجع اسعار النفط في الاسواق العالمية (41 دولارا امريكيا لبرميل برنت متوقعا لعام 2020 مقابل 65 دولارا امريكيا مقدارا بمقدار بقانون المالية 2020) وتحسن سعر صرف الدينار امام الدولار الامريكي.
وقال ان السيناريو المعتمد في مشروع قانون المالية التعديلي يحتوي على مخاطر عالية سوف تنعكس على مستوى التوازنات الجملية.
ومن شأن متطلبات تمويل الخزينة كما تقديمها في قانون المالية التعديلي 2020 ان ترفع معدل التغيير في عرض النقد، في حالة التمويل النقدي، إلى أكثر من 15 بالمائة ومن المتوقع تطور صافي المستحقات الصافية على الدولة بضعف زيادة القروض للاقتصاد.
وبالنظر الى توقعات العجز الهائلة لعام 2020، فإنّ الحكومة مدعوة لمراجعة مشروع الميزانية في اتجاه تخفيض النفقات و/ او تكثيف عملية استيراد المبالغ المستحقة لفائدة الدولة، بحسب ما صرح محافظ البنك المركزي.
وذكر ان الاطار القانوني الحالي للبنك يمنع التمويل النقدي للعجز المعروض على مستوى قانون المالية التعديلي 2020، حيث يتطلب ترخيصا استثنائيا من مجلس نواب الشعب يكون مقترنا بالتزام الدولة بالمضي قدما في طريق الاصلاحات الهيكية الكفيلة باستعادة توازنات المالية العمومية.
ووفقا للقوانين الجاري بها العمل، لا يمكن للبنك المركزي تقديم الدعم الا من خلال السوق الثانوية ووفقا لشروط السوق، بالاضافة لذلك، تشير التجارب المقارنة والمعايير الدولية في هذا المجال الى ان الدعم الجملي المقدم من البنوك المركزية المماثلة لتونس يجب الا يتجاوز 0,5 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي ما لم يتم استيفاء شروط مسبقة دون ان يتجاوز 3 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي او 12 بلاالمائة من الموارد الذاتية للخزينة لحد اقصى.
كما اكد مروان العباسي ضرورة حصر التمويل الاضافي من حيث المدة ووفقا لجدول زمني محدد مسبقا ويكون معظم التمويل قصير الاجل بهدف احتواء اثاره التضخمية وتداعياته السلبية على تمويل الاقتصاد.