تونس-افريكان مانجر
صادق مجلس الوزراء، المنعقد بتاريخ 26 جانفي الجاري، تحت اشراف رئيس الحكومة أحمد الحشاني على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على الترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية.
ويبدو أن مشروع القانون المذكور هو خطوة أولى نحو تأسيس علاقة جديدة بين الحكومة و البنك المركزي، سيما في ظل تواتر الأخبار عن توجه الدولة نحو تحيين القانون الأساسي الخاص بأهم مؤسسة مالية في البلاد الصادر سنة 2016، رغم تمسك مروان العباسي باستقلالية المؤسسة.
ويُشار إلى أن المصادقة على الترخيص للبنك المركزي منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد، يأتي بالتزامن مع انتهاء عهدة محافظ البنك المركزي مروان العباسي خلال فيفري القادم.
ويأتي مشروع القانون في وقت تحتاج فيه الحكومة إلى تمويلات إضافية لتمويل عجز الميزانية، فضلا عن سداد 1،8 مليار دولار من الديون الخارجية، منها 850 مليون يورو سندات دولية حل أجل سدادها خلال شهر فيفري المقبل.
و يرى مراقبون للشأن الاقتصادي، أن الحكومة تتجه نحو تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي حيث توضع في أدراج مجلس نواب الشعب مبادرة تشريعية في هذا الصدد، وقد نظم البرلمان في أكتوبر المنقضي يوما دراسيا حول “استقلالية البنك المركزي وفاعلية السياسة النقدية في تونس”.
بدوره رئيس الجمهورية قيس سعيد، خلال زيارة لمقر البنك المركزي سبتمبر الماضي، شدد على ضرورة تطوير النص القانوني حتى تلعب هذه المؤسسة المالية دورها على أكمل وجه، مشيرا إلى أنه يجب التفرقة بين الدور النقدي للبنك في مواجهة التضخم ودوره في تمويل الميزانية، مضيفا أن البنك المركزي مؤسسة عامة وليس مستقلا عن الدولة.
وقد دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد، الى مراجعة الفصل 25 من قانون النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي الصادر سنة 2016 بما يتيح له اقراض الدولة مباشرة لمعاضدة جهودها في تمويل ميزانية الدولة.
وقال سعيد، في لقائه بمحافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، ونائبة المحافظ، نادية قمحة، « آن الأوان، في ما يتعلق بتمويل الميزانية، لمراجعة هذا الفصل المتعلق بإقراض البنوك التجارية للدولة والاستفادة من الفوائد التى تدرها هذه القروض ».
واعتبر أن أحكام قانون البنك المركزي الصادر سنة 1958 أفضل من قانون 2016 بالنسبة لمسألة استقلالية مؤسسة الإصدار مبرزا ان بعض فصول القانون 2016 تخدم مصالح البنوك التجارية مباشرة وتمكنهم من الاستحواذ على نسب هامة من فوائض القروض الممنوحة.
وقال سعيد، أن « استقلالية البنك المركزي التونسي لا تعني الاستقلال عن الدولة بل لا بد من الانسجام مع سياسات الدولة ولابد من التفريق بين الاستقلالية في المجال النقدي والاستقلالية في المجال المتصل بميزانية الدولة ». يذكر أن الفصل 25 من قانون 2016 للبنك المركزي التونسي ينص على انه « لا يمكن للبنك المركزي ان يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات او قروض او يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة ».
وأكد سعيد أن الدور الأساسي للبنك المركزي في الاقتصاد الوطني يكمن في السيطرة على التضخم المالي وان تنسجم ادارات البنك كذلك مع سياسات الدولة.
من جهته المرصد التونسي للاقتصاد دعا في نشرة اخبارية أصدرها يوم 22 جوان 2023 إلى إعادة النظر في دور البنك المركزي التونسي ليكون أحد الركائز الأساسية لوضع السياسات العمومية خاصة وان فصل السياسة النقدية عن السياسات المالية والاقتصادية من خلال استقلالية البنك ساهم في إرباك وضع سياسات عمومية ناجعة وفعّالة في تحقيق تنمية اقتصادية.