تونس-افريكان مانجر
أزمة مالية واقتصادية خانقة تعيش على وقعها تونس زادتها حدّة الاختلافات و الصراعات السياسية بين السلطة التنفيذية و الأحزاب و المنظمات الوطنية.
ففي وقت تسعى فيه تونس للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على اكبر قرض في تاريخها بقيمة 4 مليار دولار و الذي يعد ضروريّا حتى لا تزداد الأوضاع سوءا، ورغم تأكيد هذه المؤسسة الدولية على أهميّة أن يتم تبني برنامج إصلاح داخلي يحظى بالتوافق من قبل كل الأطراف و التي من بينها اتحاد الشغل حتى تتوفر له حظوظا أوفر للنجاح، أقرت المنظمة الشغيلة اليوم الخميس اضرابا تسبب في شلل في البلاد و عطل مصالحها.
ويُطالب اتحاد الشغل بإلغاء المنشور 20 الذي يقع استعماله من طرف كل المسؤولين لغلق باب الحوار بتعلة استشارة رئاسة الحكومة وسلطة الإشراف، الى جانب فتح مفاوضات اجتماعية للزيادات في الأجور في ظل الإرتقاع الجنوني للأسعار.
تداعيات الاضراب
وبخصوص التداعيات الاقتصادية للإضراب و مدى تأثيره على المناقشات مع صندوق النقد، اتصلت افريكان مانجر بالخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي، الذي أكد أن “كلفته باهضة و يتسبب في خسارة كبرى للاقتصاد الوطني جراء تراجع نسب النمو و المداخيل الجبائية، بالإضافة إلى تعطل عمل أداء المؤسسات الخاصة و ما ينجر عنه من تراجع في مداخيل الدولة”.
وأشار البدوي، في تصريح لافريكان مانجر، إلى أن موقف الحكومة من الإضراب و عدم رضوخها لمطالب الاتحاد و عدم التسويف أو المغالطة، بعث برسالة طمأنة لصندوق النقد الدولي مفادها أن الدولة ملتزمة بتطبيق سياساتها و إقرار الإصلاحات المطلوبة التي من بينها اعتماد سياسة تقشقية.
و ردا عن سؤال يتعلق باشتراط صندوق النقد موافقة الاتحاد على حزمة الإصلاحات المطلوبة، قال البدوي إن هذا الشرط “بدعة” و لم يسبق للصندوق أن طلب موافقة النقابات على السياسات التقشفية التي ستعتمدها السلطة التنفيذية، وهي مسالة غير منطقية و غير مقبولة،
مشيرا إلى أن موافقة الاتحاد ليست ضرورية و إنما من شأنها أن تُعزز الموقف التونسي.
تونس ستتحصل على القرض المطلوب
و استنادا لما أكده محدثنا، فانه على الرغم من كل هذه الصعوبات، إلا أن تونس ستتحصل على القرض المطلوب .
و أوضح البدوي، “صندوق النقد و على الرغم من طول فترة المشاورات و المحادثات التقنية سينطلق قريبا في المفاوضات الرسمية و سيمنح تونس التمويلات المطلوبة”، وفق تقديره.
و أضاف قائلا، “الصندوق لن يتخلى عن التجربة التونسية لان الانتقال الديمقراطي حافظ على الخيارات النيوليبيراليّة الكبرى التي يساندها”.
و لفت إلى أن طول فترة النقاشات ووضع شروط محددة هدفها التوصل إلى اكبر قدر ممكن من الضمانات و أن تونس ستتمكن مستقبلا من سداد ديونها، مشددا على أن هذه المؤسسة المالية المانحة ستكون متشددة في صرف أقساط القرض.
و من بين الأسباب الأخرى التي ستمكن تونس من التوصل إلى اتفاق مع الصندوق، هي ان عديد الدول عبرت عن مساندتها لتونس على غرار ايطاليا و فرنسا لتجنب انعكاسات مزيد تأزم الأوضاع الاقتصادية في تونس.
و في سياق متصل، اعتبر البدوي ان الزيارة المنتظرة التي سيؤديها الأسبوع القادم وفد من صندوق النقد تعتبر مؤشرا ايجابيا على تقدم المحادثات.
وقد أعلن صندوق النقد الدولي، الجمعة الماضي عن ترحيبه بنشر برنامج الإصلاح الاقتصادي يوم 9 جوان 2022 الذي اقترحته السلطات التونسية.
ووصف المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس، في تدوينة على حسابه على “تويتر”، المفاوضات الحالية مع تونس بالمتقدمة.
وأضاف، “نأمل أن تبدأ النقاشات بشأن برنامج جديد مع السلطات التونسية قريبا”، الا أنه لم يحدد توقيتا للمفاوضات الرسمية.
كما أشار رايس، إلى أن صندوق النقد الدولي تلقى طلبا من السلطات التونسية من أجل الحصول على برنامج دعم، مبرزا حرص المانح الدولي على أن يكون “شريكا فاعلا لتونس”.