تونس- افريكان مانجر
رفضت رئاسة الجمهورية الكشف عن الأسباب الحقيقية لاستقالة رئيس أركان جيش البر الجنرال محمد صالح الحامدي، وأوضح عدنان منصر في ندوة صحفية اليوم الخميس 31 جويلية 2014 أن رئاسة الجمهورية ترى أنه ليس من الصالح الإفصاح عن تلك الأسباب.
وأضاف مدير الديوان الرئاسي أن محمد صالح الحامدي قدم استقالته لوزير الدفاع الوطني لأسباب شخصية وهي صيغة يستعملها من يريد الاستقالة ولا يريد الإفصاح عن الأسباب الحقيقية.
” أسباب شخصية” تُثير الشكوك
إرجاع الاستقالة إلى ” أسباب شخصية ” لم تُقنع الكثير من المراقبين للشأن السياسي و الوضع العام التونسي لا سيما و أنّ الظرف الحالي يقتضي تضافر الجهود في ظلّ تواصل الحرب التي تقودها الوحدات الأمنية و العسكرية ضدّ الإرهاب.
وبعد أن نفت وزارة الدفاع في تصريح رسمي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أول أمس على لسان العميد و المسؤول بوزارة الدفاع لمجد الحمامي والذي أضاف في البلاغ أن “الخبر مُجرّد إشاعة ولا أساس له من الصحة”، عادت وزارة الدفاع لتؤكد الاستقالة في تصريح ثان على لسان الملحق الاعلامي رشيد بوحولة والذي قال مؤكدا ” أنه تم قبول استقالة رئيس أركان جيش البر الجنرال محمد صالح الحامدي ويتولى العميد محسن الفارسي وكيل رئيس أركان جيش البر المهام إلى حين سد الشغور”.
الأوضاع الحالية أفاضت الكاس
و قد رافقت هذه الاستقالة العديد من القراءات و المعلومات المسربة حول دوافعها ، فقد أكدت مصادر لصحيفة” القدس العربي”أن الجنرال الحامدي لوح بالاستقالة أكثر من مرة، وهو ما يعني أن الاستقالة الحالية ليست الأولى ، ولكن الأوضاع الجارية أفاضت الكأس، خاصة أمام تعدد استهداف المؤسسة العسكرية ميدانيا وضعف الإمداد اللوجستي لها استخباراتيا وماديا ، بل وما تم كشفه عن حادثة (هنشير التلة) التي استشهد فيها 15 جنديا، والتي ظهرت خلالها تجاذبات في القرارات المتخذة وفي التوجيه الإعلامي، وهي عوامل دفعت الى القرار الحاسم بحسب ذات الصحيفة.
تمثيلية لإخفاء الحقيقة
من جانبه اعتبر الخبير الاستراتيجي في الشؤون الأمنية والعسكرية مازن الشريف أن الإعلان عن استقالة رئيس أركان جيش البر محمد الصالح الحامدي كان مجرد تمثيلية لإخفاء حقيقة انه تمت التضحية بالجنرال الحامدي ككبش فداء مثلما تم التعامل مع الجنرال رشيد عمار قبل ذلك على حدّ قوله.
وأكد الشريف في تصريح لحقائق أون لاين أن الجنرال محمد الصالح الحامدي كان مرغما على هذه الاستقالة لجعله في مقام المسؤول المباشر عن الإخفاق في مكافحة الهجومات الإرهابية الأخيرة، وإيهام الرأي العام بأن في استقالته اعترافا ضمنيا منه بهذا الذنب وفق تقديره.
وفي هذا السياق، رأى المتحدّث ذاته أنه كان من الأولى تحميل المسؤولية إلى رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي والحكومة الحالية ونظيراتها السابقة، حيث تعتبر المتسبب الأول والرئيسي في الإخفاق في مكافحة ظاهرة الإرهاب الذي “لولا إطلاق سراح من يمارسونه اليوم من السجون في إطار ما يسمى بالعفو التشريعي العام.. ولولا دعوات الجهاد وتكفير هذا وذاك.. ولولا عدم إيلاء الأهمية اللازمة لتنبيهات الخبراء والمختصين في الميدان الأمني والعسكري للتحركات المشبوهة في الجبال وخطورة تفشي السلفية الجهادية في البلاد.. لولا كل ذلك لما أصبح الحال على ما هو عليه”.
حكومتا الجبالي و العريض في قفص الاتهام
وواصل مازن الشريف قائلا: “صحيح أن القادة الميدانيين يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية خاصة في وضع وتطبيق الخطط الاستراتيجية اللازمة في مثل الوضعية الأمنية التي تعيشها تونس اليوم على الحدود وفي الجبال..”، وأشار إلى أن كلامه ليس اتهاما للمؤسسة العسكرية بالتقصير بقدر ما هو إدانة لمؤسسات وزارة الداخلية والحكومة ورئاسة الجمهورية وخاصة حكومتي الجبالي والعريض السابقتين.”