تونس-افريكان مانجر
ثلاثة أيام فقط تفصلنا عن الموعد النهائي للحسم في مصير الحوار الوطني المقرر تحديدا يوم 14 ديسمبر الجاري، و المعلوم أنّ هذا التاريخ سبقته مواعيد كثيرة لم يتوصل فيها الفرقاء السياسيون إلى استئناف جلسات الحوار المُعلقة منذ 5 نوفمبر الماضي.فمن هي الأطراف المستفيدة من هذا التعثر؟
سؤال حملناه لعدد من المحللين و المتابعين للشأن السياسي التونسي،فأكدوا اليوم الثلاثاء 10 ديسمبر 2013 ل”افريكان مانجر”أنّ إطالة مدّة الحوار الوطني يخدم مصلحة عدّة أحزاب أبرزها حركة النهضة،و التي نجحت على حدّ قولهم في جعل المواطن يفقد الثقة في الأطراف السياسية وبالتالي أصبح راضيا بالوضع الحالي عوض الدخول مصير مجهول.
ترتيب الأوراق من جديد
وبإتصال مع رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل ناصر بن سلطانة أكد أنّ التأجيلات المتتالية لنتيجة الحوار الوطني أعطى لحركة النهضة فرصة لتعيد ترتيب أمورها الداخلية و مزيد التواجد ضمن مفاصل الدولة.و لاحظ محدثنا أنّ حركة النهضة لا ترغب في التوافق إلا من خلال التصريحات الإعلامية لقيادييها، باعتبار أنّ استمرار الوضع كما هو عليه سيمكنها أكثر من التعرف على خريطة التحالفات السياسية سواء في صفوف حلفائها أو المعارضين كما ستقوم بالاستعداد للاستحقاقات الانتخابية القادمة.
هذا و بيّن ناصر بن سلطانة أنّ إطالة مدّة الحوار ستمكن الحركة من الإطلاع أكثر على الحدود القصوى لتنازلات مختلف الأطراف السياسية،كما أشار إلى أن هذا السيناريو سيُبرز الأحزاب المشاركة في الحوار و بصفة خاصة المعارضة و كأنّها معنية بالصراع على السلطة و مستعدة لتعطيل كل شيء على حساب المصلحة الوطنية و في ذلك تعرية لبعض الخطابات المغلفة بصفة الوطنية على حدّ قوله.
و في سياق متصل قال محدثنا إنّ تعطيل الحوار الوطني لفترة طويلة جعل المواطن التونسي راضيا بالوضع الحالي عوض الدخول في ظرف جديد قد تكون نتائجه كارثية.
أزمة حادة
من جانبه اعتبر المؤرخ الجامعي والمختصّ في التاريخ السياسي المعاصر خالد عبيد أن طول فترة الحوار ستخدم مصلحة حزب حركة النهضة على المدى القصير،لكن على المدى البعيد سيرتد عليها.و يضيف محدثنا أن الأزمة في تونس حادة و لا يمكن حلّها عن طريق التمطيط و المناورة.
و إجمالا قال خالد عبيد إنّ الحوار الوطني في ظاهره مرتبط برئيس الحكومة المقبلة ،لكن الأصل هو الاستحقاقات و الملفات الكبيرة التي تنتظر رئيس الحكومة المقبلة و التي تتطلب أن يكون على قدر كبير من الحيادية و التجربة و معرفة الواقع التونسي الاقتصادي و الأمني و السياسي و هو ما لا تتوفر عليه الشخصيات المرشحة حاليا لتولي منصب رئاسة الحكومة.
هذا و لاحظ المؤرخ الجامعي أن الشارع التونسي اصحب اليوم يشعر بإحباط كبير تجاه السياسيين،و لم يعد تعنيه كثيرا مسالة الحوار الوطني.
لا أمل في الحوار
و في تصريح سابق خصت به “افريكان مانجر” قالت المحللة السياسية سلوى الشرفي إنّ الحوار في بدايته شكّل أملا كبيرا بالنّسبة للتّونسي وجعله يعتقد بأنّه سيحلّ كلّ مشاكل البلاد، غيران هذا الفشل الذّريع للمفاوضات أوصلنا إلى الإحساس بأنّه لم يعد له داعيا.
من جهة أخرى قالت سلوى الشرفي : ” ما ألومه شخصيّا على المعارضة أنّها تصرّ على إخراج النّهضة من الحكم ، في حين أنّ بقاءها اليوم في هذه الأوضاع المزرية أفضل وفي مصلحة الشّعب، لأنّ النّهضة بهذا الشّكل ستتحمّل نتائج كلّ هذه الأزمات كسلطة وسيعاقبها الشّعب في الانتخابات بعدم انتخابها، أمّا إذا خرجت اليوم فإنّ من سيخلفها، سيتحمّل مسؤوليّة أخطائها.
من جانبه قال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل قاسم عفية إن حركة النهضة تتحمل مسؤولية تعثر الحوار الوطني لخدمة أجندا سياسية معينة.
أين اختفى الحوار الوطني؟
و في انتظار الساعات القليلة المتبقية من المهلة الزمنية التي منحها الرباعي الراعي للحوار الوطني للأطراف السياسية حتى تتوافق على الشخصية المرشحة لخلافة رئيس الحكومة علي العريض،فإن الملاحظ هو غياب الحديث أو تقلص الاهتمام بمسألة الحوار الوطني في الشارع ،في المقابل فإنّ الحكومة الحالية تواصل عملها في صمت دون الاكتراث بنتيحة الحوار.
بسمة المعلاوي