تونس-افريكان مانجر
تسعى الديوانة التونسية إلى الإسراع في استكمال انجاز المخطط الاستراتيجي لتعصير الديوانة، عبر توفير خدمات رقمية و تركيز أنظمة أكثر مرونة، تُمكن من توفير موارد إضافية لخزينة الدولة و تُساهم في دفع الاقتصاد الوطني في هذا الظرف الاستثنائي، بحسب ما أكده العميد هيثم الزناد في حوار خصّ به موقع أفريكان مانجر.
منظومات و خدمات جديدة
وأوضح العميد هيثم الزناد، ان المخطط الاستراتيجي لتعصير الديوانة و رقمنة خدماتها يرتكز على عدة محاور و يشمل عديد المجالات على غرار الصلح الالكتروني الذي انطلق العمل به فعليا مع بداية سنة 2023 والذي يُتيح لكافة المتعاملين من أشخاص معنويين و شركات ايداع امكانية متابعة مطالب الصلح عن بعد دون الحاجة للتنقل على عين المكان إلا عقب صدور عرض الصلح الذي لن يتجاوز الشهر.
و تسمح هذه المنظومة الجديدة بتسلم عروض الصلح عن بعد عبر البريد الالكتروني الذي تم ادراجه عند التقدم بالطلب.
وقد بلغت عدد مطالب الصلح الالكتروني المقدمة منذ بداية السنة 3695 مطلبا يتم معالجتهم على مستوى مركزي و جهوي.
وبحسب مصدرنا، فان محاضر الصلح تُمكن الدولة سنويا من موارد مالية إضافية بقيمة 211 مليون دينار، ومن شأن الصلح الالكتروني أن يساهم في الترفيع في عدد قرارات الصلح و بالتالي الترفيع في موارد الخزينة والمداخيل والمقابيض الديوانية المتعلقة بالخطايا، وفق قوله.
ومن ضمن المشاريع الإستراتيجية للديوانة التي من المرتقب أن تدخل حيّز الاستغلال خلال السنة الجارية، مشروع الدفع الالكتروني paiement électronique.
و أشار زناد، إلى أن منظومة الدفع الالكتروني قيد الدرس و التشاور مع مختلف الأطراف المتدخلة و التي ابرزها وزارة المالية و المجلس المالي و البنكي و البنك المركزي.
و في معرض حديثه عن تقدم استكمال مخطط تعصير الديوانة و رقمنة الخدمات، أكد الزناد، ان الديوانة اليوم في ” منتصف الطريق الذي سيكتمل بدخول التطبيقة الإعلامية الجديدة سند2 حيّز الاستغلال موفى 2024″.
ولفت إلى أن المشروع مموّل من قبل البنك العالمي و يهدف إلى تطوير المنظومة الإعلامية في علاقة بكل المتدخلين في معاملات التجارة الخارجية و الصرف.
وشدد على أن المشروع سيقود الديوانة إلى الاستغناء عن استعمال الأوراق و اعتماد الرقمنة 100%، وفق تقديره.
وتابع، « تعمل إدارة الإعلامية التابعة لمصالح الديوانة على تطوير المنظومات الالكترونية المتصلة بالتصرف في المراسلات و الموارد البشرية و في التجهيزات، وذلك بهدف تركيز الرقمنة في آليات التصرف الإداري ».
المراقبة الديوانية
و أبرز العميد هيثم الزناد، انه في إطار مخطط تعصير الديوانة تطورت آليات المراقبة، حيث أصبحت ترتكز على مبدأ الاستهداف المسبق للمخاطر عن طريق منظومات متطورة و استشعار المخاطر بصفة مسبقة.
ويقول المسؤول الديواني، “منذ سنة 2018 تم بالتنسيق مع المنظمة العالمية للديوانة التركيز على المراقبة اللاحقة و التقليص من المراقبة الحينية عند عمليات التوريد و هو ما ممكن من اختصار آجال مكوث البضائع”.
وأوضح انه في صورة استيفاء كامل الشروط فان مكوث البضائع لا يتجاوز اليوم الواحد، مشيرا إلى أن خلية الاستهداف المسبق للمخاطر تعتمد على حركة وحدات الشحن الدولية و متابعتها و استشعار المخاطر المتعلقة بمصدر البضاعة و قيمتها و نوعيتها قبل وصولها إلى الميناء.
في هذا السياق، أكد الزناد وجود قاعات بالموانئ مجهزة بحواسيب مرتبطة بتطبيقات إعلامية دولية تمكن من متابعة حركة الحاويات منذ انطلاقها إلى غاية وصولها، وهو ما سمح لاعوان الديوانة من تحديد نسبة المخاطر المتعلقة بالحاويات الموردة بصفة مسبقة و قبلية.
وشدد على أن هذا التمشي، يهدف الى ضمان نجاعة المراقبة، خاصة وان وحدة الاستهداف المسبق للمخاطر لا تقتصر فقط على الموانئ و إنما تُطبق كذلك في المطارات و محطات نقل البضائع.
و أشار، إلى أنه في إطار ذات المخطط ستدخل حيّز الاستغلال خلال سنة 2023 منظومة جديدة ‘ تعمل على انجازها إدارة الإعلامية وهي المنظومة الرقمية للاستعلامات الديوانية، ستمكن من الاستغلال الذكي لكل المعلومات ذات الصلة بعمليات المراقبة برا و بحرا و جوا.
وذكرالزناد، بأنه تم خلال سنة 2022، تركيز خلايا للاستعلامات على مستوى كل المكاتب الجهوية التي تقوم بجمع المعلومات حول تيارات التهريب و المخاطر المتعلقة بالتوريد و التصدير.
وبحسب محدثنا، فيتضمن مخطط تعصير الديوانة كذلك تدعيم القدرات الميدانية لوحدات الحرس الديواني من خلال التكوين المستمر و تجهيز الخافرات البحرية بأجهزة رادار متطورة.
وشدد على أن العمل مستمر و متواصل لتطوير منظومة المراقبة خاصة في نقل الحاويات و المجرورات الخاضعة للقيد الديواني.
دور جبائي و أمني و اقتصادي
واستنادا لما أكده العميد هيثم الزناد، فان الديوانة التونسية تلعب دورا هاما في توفير موارد مالية اضافية لخزينة الدولة، حيث سجلت المقابيض الديوانية خلال سنة 2022 نسبة نمو ايجابية بقيمة 23،45% مقارنة بسنة 2021.
كما تم خلال شهر جانفي 2023 تسجيل نسبة نمو ايجابية بقيمة 12،9% مقارنة بالمقابيض الديوانية المستخلصة خلال شهر جانفي من السنة المنقضية.
وأوضح أن الدور الجبائي للديوانة يكمن في استخلاص الادءات و المعاليم الديوانية على توريد و تصدير البضائع و كذلك الخطايا المستخلصة على القضايا الديوانية و عمليات التصرف في المحجوز و البيع بالمزاد العلني.
أما دور الديوانة الاقتصادي فيتعلق بتبسيط إجراءات التجارة الخارجية و الصرف و اختصار اجال مكوث البضائع بنقاط العبور مع رقمنة الخدمات.
وقال زناد، “ان الأنظمة الديوانية يجب أن تكون مرنة تتماشى مع المناخ الاقتصادي و متطلبات المتعاملين الاقتصاديين، على غرار نظام المتعامل الاقتصادي المعتمد الذي سجل إلى حدود شهر جانفي 2023 انخراط 135 شركة”.
وردا عن سؤال يتعلق بتسهيل عمل المؤسسات و أصحاب المشاريع التي يعتمد نشاطها على التوريد و التصدير، شدد الزناد على أن الديوانة تٌطبق التشريعات باعتبارها جهاز لإنفاذ القانون وهي حريصة على مواكبة تطورات النصوص القانونية والمساهمة في مختلف التعديلات باعتبارها متدخل في منظومة التجارة الخارجية و الصرف.
مهام جديدة
في اطار مشروع قانون المالية لسنة 2023، تم إدراج جملة من الإجراءات الجديدة تتعلق بالعمل الديواني على غرار الفصل 51 الذي ينص على تأهيل أعوان الديوانة وعدول الخزينة للقيام بالاستدعاء والتبليغ، وهو فصل رفضه مجلس عدول التنفيذ الذي وصل حد تعليق تسجيل المحاضر لدى القباضات.
وفي تعليق عما أثاره هذا الفصل من ردود فعل، اعتبر مصدرنا، أن الهدف منه التوصل الى حل في التصرف في الديون المثقلة التي بلغت حجما كبيرا و التي يمكن أن تكون إحدى موارد خزينة الدولة.
و في علاقة بالمستجدات المتعلقة بالامتيازات الجبائية الخاصة بالتونسيين بالخارج، تحدث العميد هيثم الزناد عن الفصل 70 من قانون المالية لسنة 2023 المتعلق بمراجعة جباية العربات الموردة من قبل التونسيين المقيمين بالخارج في إطار انجاز المشاريع أو المساهمة فيها عبر الإعفاء من دفع المعاليم و الأداءات المستوجبة عند التوريد و توقيف العمل بالاداء على القيمة المضافة و بالمعلوم على الاستهلاك و بالمعاليم الموظفة على رقم المعاملات عند الاقتناء بالسوق المحلية للتجهيزات و المعدات و دفع 10% فقط من مبلغ المعاليم و الاداءات المستوجبة على الشاحنات.
وأبرز الزناد، ان هذا التحيين يعود الى سعي الإدارة إلى المساهمة في ميزانية الدولة من ناحية و ترشيد الانتفاع بهذا الامتياز من ناحية أخرى، نظرا إلى تزايد عدد المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بمقتضيات هذا النظام و خاصة التفويت في الشاحنات قبل رفع اليد على تحجير التفويت من قبل مصالح الديوانة و المحدد بخمس سنوات او تمكين أشخاص آخرين غير مرخص لهم باستغلالها.
مكافحة الفساد
وبخصوص الانتقادات التي مازالت تطال سلك الديوانة في علاقة بالفساد، يرى الناطق الرسمي باسم الديوانة، ان الفساد يمُس عديد القطاعات و لا يقتصر فقط على مجال معيّن، وفق تعبيره.
وقال، “مصالح الديوانة واعية بخطر الفساد و الرشوة وقد انطلق العمل على مكافحة الفساد منذ سنة 2018 عبر تكثيف دور الديوانة في مجال النزاهة و شفافية المعاملة و التوجه نحو اعتماد الرقمنة في مختلف المعاملات و الخدمات و تكثيف أجهزة الاستعلامات والمراقبة “.
وبهدف تحفيز العمل الاستعلاماتي و استقطاب المبلغين عن الفساد وضعت وزارة المالية اعتمادات مالية في حدود 50 الف دينار سنويا مع تخصيص مناب منها في حدود 5%للمبلغين، إلى جانب وضع خدمات خاصة بمكافحة الفساد من بينها الرقم الاخضر.
واعتبر الزناد، أن مكافحة الفساد تُعد احدى أهم المحاور التي تشتغل عليها مختلف المصالح الديوانية في كل دول العالم، مشددا على أن ارتفاع المقابيض و حوكمة التصرف في كل المجالات يؤكد التوجه الفعلي نحو القضاء عليه.
وخلص، إلى ان مختلف مصالح الإدارة العامة للديوانة تعمل على المشاركة في وضع منظومة قانونية و ترتيبية و تشريعية متكاملة لتعصير القطاع و تحسين خدماته و تطويرها و القطع النهائي مع الفساد، الى جانب المساهمة في دفع الاقتصاد الوطني.
وختاما، شدد العميد هيثم الزناد، على أن دور الديوانة اقتصادي و جبائي و أمني والدولة مُطالبة بمزيد الإحاطة بالعون الديواني و الاستثمار في الكفاءات نظرا للدور الذي يلعبه في حماية امن و اقتصاد البلاد.