تونس-افريكان مانجر
من المنتظر أن يتمّ قريبا إطلاق حملة للمُطالبة بتمكين الأمنيين و العسكريين من حق الانتخاب في المحطات المقبلة، و قد عبرّ بعض الجنود و الأمنيين عن استيائهم ممّا أقرّه الفصل الخامس من مشروع القانون الإنتخابي و الذي ينصّ على أنّه ” لا يمارس حق الانتخاب العسكريون والمدنيون مدّة قيامهم بواجبهم العسكري وأعوان قوّات الأمن الدّاخلي، مثلما تمّ تعريفهم بالفصل4 من القانون عدد 70 لسنة 1982 المؤرّخ في 6 أوت 1982 والمتعلّق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي”.
و قد أثار هذا الفصل حفيظة البعض من المراقبين الذين طالبوا بمنح الأمنيين و العسكريين حق التصويت اقتداء بالدول الديمقراطية و ذلك بعد ضمان الترتيبات و الآليات الضرورية، فيما رأى آخرون أنّه من السابق لأوانه إدراجهم في السجل الانتخابي.
المنع..تصور تجاوزه الزمن
و حول هذا الموضوع أكد أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد في تصريح ل” افريكان مانجر ” الثلاثاء 8 أفريل 2014 أنّ منع الأمنيين و العسكريين من الانتخاب تصوّر تجاوزته أغلب الدول، ولم يعد معتمدا في أغلب الدول حيث تمّ رفع المنع. و أوضح محدثنا أنّ الحق في الانتخاب حق دستوريا يشمل كافة المواطنين الحاملين للجنسية التونسية بما فيهم العسكريين و الأمنيين، مُشيرا إلى أنّ يتوجب إقحامهم في عملية التصويت مع التنصيص على منعهم من الترشح.
و أفاد قيس سعيد أنّه كان يتوجب صياغة قانون يُجيز لهم المشاركة في العملية الانتخابية. هذا الرأي سانده فيه العميد و النائب بالمجلس الوطني التأسيسي الفاضل موسى حيث أكد لنا أنّه من حق الجنود و الأمنيين المشاركة في العملية الانتخابية على غرار ماهو معمول به في عدد كبير من الدول.
من جانبه عبر كاتب عام نقابة الأمن الجمهوري الحبيب الراشدي في تصريح ل”افريكان مانجر” عن استنكاره لتواصل سريان هذا القانون بعد الثورة، و أوضح أنّه إذا كان الأمنيين هم من المواطنين فكيف يمكن حرمانهم من الحق في الانتخاب خلافا لما هو معمول به في دول أخرى حيث يُسمح للأمني بممارسة حقه في الانتخاب وفق تعبيره.
سابق لأوانه
و خلافا للآراء السابقة فقد إعتبر المولدي الرياحي رئيس كتلة التكتل في تصريح صحفي نقلته مؤخرا تقارير إخبارية أنّه من السابق لأوانه إقحامهم في العملية الانتخابية وأوضح المولدي الرياحي أنّ مسألة تسجيل العسكريين والأمنيين وأعوان قوات الأمن الداخلي في السجل الانتخابي سابقة لأوانها بكثير، وانه لذلك لا بد من ضرورة عدم اقحامهم في العملية الانتخابية ماداموا يمارسون مهاما عسكرية، مشيرا في ذات السياق الى أنّ البلاد حديثة العهد بالتجربة الديمقراطية، ولم تترسخ فيها بعد التقاليد الانتخابية.
كما بيّن الرياحي أنّ الفترة الانتقالية التي تعيشها تونس حسّاسة، ويلعب فيها الأمني والعسكري دورا هاما وأساسيا للحفاظ على أمن وسلامة الحدود وتأمين الظروف التي ستجري فيها الانتخابات.وأكّد أنّ الأمر لا يتعلّق بالمسّ من مدنية الدولة، وإنما بالظرف الآني الذي تعيشه البلاد، وبتجربة ممارسة الديمقراطية التي لم تحدث حسب قوله الاّ مرّة واحدة تستحق الذكر وهي تجربة 23 أكتوبر 2011، مضيفا أنّ بعض المخاطر الأمنية تحدق بالتجربة الانتخابية القادمة تستوجب عدم اقحام الأمنيين والعسكريين في المسألة الانتخابية لا بالانتخاب ولا بالترشح، مفضلا في ذلك أن يبقى دور المؤسستين هو حماية الفضاءات التي ستتم فيها الحملات الانتخابية، حتى لا يكون شاغلهم القائمات الانتخابية والدفاع عن طرف سياسي معيّن على حساب طرف آخر. كما لاحظ الرياحي أنه يمكن لفحوى الفصل الخامس من المشروع أن يتغير ويعطي للأمنيين الحق في الانتخاب وذلك بعد تأمين المسار بخمس أو عشر سنوات، والبدء في إرساء المميزات الأولى للممارسة الديمقراطية والثقافة الانتخابية التي اعتبرها أمرا ضروريا حسب قوله.
تجارب دولية
وللإشارة فإنّ اغلب البلدان الديمقراطية في العالم تقر حق التصويت للجنود والأمنيين وتجدر الإشارة إلى أن غالبية الديمقراطيات في العالم تمنح جنودها حق التصويت، ولا تحرمهم من حقهم الدستوري وهناك دول عربية أيضا تمنح الجنود هذا الحق، منها العراق. وتعد الولايات المتحدة من أكثر الدول التي تحرص على تصويت جنودها في الانتخابات خاصة الانتخابات الرئاسية، حتى لو كانوا منتشرين في مناطق بعيدة في جميع أنحاء العالم