تونس- افريكان مانجر
موظف في بنك بولاية مدنين يختلس 2.5 مليون دينار، قابض بأحد مراكز البريد بالمنستير يستولي على 1.8 مليون دينار، ومسؤول يسرق 400 ألف دينار من خزينة الإدارة العامة للوكالة الفنية للنقل البرّي، قضية ضدّ المكلف المكلف العام الأسبق بنزعات الدولة بتهمة إختلاس 7 مليون دينار…
جريمة سرقة المال العام ما انفكت تتفاقم خلال السنوات الأخيرة، ورغم غياب أرقام دقيقة وإحصائيات رسمية حول حجم الأموال المنهوبة من خزينة الدولة التونسية فإنّ بعض الأرقام تُشير إلى أنه يتمّ سنويا سرقة ما يقارب عن 20 مليون دينار.
ضعف النصّ القانوني
ووفق ما أكده رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد إبراهيم الميساوي في تصريح لـ “افريكان مانجر” فإنّ جريمة إختلاس المال العام في تونس ارتفعت بشكل كبير، وباتت اليوم تشمل كلّ المجالات وبالتالي لا يمكن حصرها في قطاع دون آخر.
وأوضح أن الجريمة المذكورة تشمل الأموال المنقولة والأموال غير المنقولة.
وأكد المصدر ذاته أنّ ضعف عديد النقاط الواردة في النص القانوني أدت إلى تزايد عدد عمليات الإستيلاء على المال العام، مُؤكدا أنّ النص الإطار التشريعي الحالي لا يتماشى مع تطور المخططات الإجرامية.
ودعا رئيس الجمعية إلى ضرورة تشديد العقوبات ضدّ المخالفين، قائلا إنّه من غير المعقول أن يتمّ أيضا تمتيع الموظفين المخالفين بمنحة التقاعد وغيرها من الإمتيازات المالية التي تُمنح للمتقاعدين…
وشدّد الميساوي على أنّ طول الإجراءات التأديبية غالبا ما تسمح للموظف مرتكب جريمة الإختلاس بإعدام الدليل والتخلص من كلّ ما يمكن أن يُثبت عليه الإدانة.
“جريمة أمن دولة”
وفي السياق ذاته، أفاد رئيس جمعية مكافحة الفساد أنّ غياب ثقافة التداول على المنصب أدى إلى استفحال ظاهرة سرقة المال العام، مضيفا أنّ المناخ العام هو المحرك الأساسي لجريمة الإختلاس وبالتالي فإنّه من الضروري إعادة تصنيف جريمة الاختلاس وإعتبارها جريمة أمن دولة وفق تعبيره.
ويقول الميساوي إنّه يتمّ يوميا إختلاس 3 مليون دينار من خزينة الدولة.
وأوضح أنّ كلّ موظف في القطاع العام يختلس يوميا، سواء بقصد أو عن غير قصد، ما قيمته 5 دنانير عن طريق استعمال الهاتف أو سرقة أدوات مكتبية أو غيابات أو استعمال مفرط للسيارات…
وأشار الى أنّه إذا ما اعتبرنا أنّ عدد موظفي القطاع العام يقدر ب 650 ألف موظف، فإنّ حجم الإختلاس اليومي يصل الى 3 مليون دينار.
القطاع الخاص الأقلّ تضررا
وبحسب ما أكده الخبير الاقتصادي وجدي رجب لـ “افريكان مانجر”، فإنّ القطاع العام هو الأكثر تضررا من جرائم إختلاس الأموال
ولئن أكد غياب أرقام رسمية عن مدى استفحال الظاهرة، وحجم الخسائر المنجرة عن جريمة سرقة الأموال من المؤسسات فإنّ بعض التقديرات تُشير إلى أنّ حجم الاختلاس من المؤسسات العمومية في تونس يصل إلى ما يقارب 20 مليون دينار سنويا وفق تعبيره.
وأضاف الخبير الاقتصادي أنّ الحجم الجملي للإختلاس، من فساد وسوء استعمال أدوات مكتبية… يصل الى 3 مليار دينار أي ما يعادل تقريبا 10 بالمائة من ميزانية الدولة.
وقد أرجع تفاقم الظاهرة، إلى غياب منظومة معلوماتية شاملة لكل المؤسسات.
وفي المقابل، أكد وجدي رجب أنّ القطاع الخاص هو الأقل تضررا نظرا لإعتماد عمليات التقييم، كما أنّ عددا هاما من الشركات والمؤسسات مُدرجة بالبورصة وهو ما يحول غالبا دون نحاج محاولات الإختلاس.
كما أكد أنّ انتشار ظاهرة اختلاس الأموال من المؤسسات العمومية مرّده ضعف الإمكانيات المتاحة للهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية الراجعة بالنظر لرئاسة الحكومة.