تونس- أفريكان مانجر
انتقد بشدة الاتحاد العام التونسي للشغل مشروع ميزانية للدولة للعام 2014 التي أقرتها رئاسة الحكومة فيما دعا إلى مراجعة النظام الجبائي التقديري الذي يستفيد منه أصحاب الثروات بدل من اللجوء إلى مزيد الضغط على الطبقة المتوسطة لتحقيق موارد مالية.
وقال الاتحاد في ورقة دراسية أعدها قسم الدراسات والتوثيق التابع له ونشرتها الصحافة المحلية، إن الحكومة واصلت في ضغطها على الطبقات المتوسطة بعدة اجراءات جبائية “مجحفة” في ظل تجاهل الامكانات الكبيرة التي يمكن توفيرها من طرف عديد المهن التجارية وخاصة غير التجارية (على غرار الأطباء والمحامين ومدققي الحسابات ووسطاء البورصة والمقاولين والباعثين العقاريين..) التي يواصل اصحابها التمتع بنظام جبائي تفاضلي مقارنة بالموظفين والاجراء بصفة عامة، وفق محرر هذه الدراسة.
يشار إلى أن الموارد الجبائية تمثل عادة نحو 80 % من مجموع الموارد المالية لميزانية تونس فيما تتأتى باقي الموارد من القروض الخارجية والإتاوات الموظفة في قطاع النفط والغاز وعمليات الخوصصة أساسا. وتقدر ميزانية 2014 بنحو 28 مليار دينار وبزيادة قدرها 2%.
اصلاح الضرائب
ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يمثل أكبر قوة ضاغطة على الحكومة، إلى البدء في اصلاح سريع للنظام الجبائي التقديري لسنة 2014 والذي يمكن ان يوفر للدولة مداخيل هامة.
ويتمتع أصحاب الثروات في تونس العاملين أساسا بالقطاع الخاص في مجال الطب والمحاماة والمحاسبة والعقارات بالاضافة إلى أصحاب المشاريع التجارية والخدمية، بنظام جبائي تقديري لا يعكس الثروات الضخمة التي يحققونها وما دفع العديد منهم من تخزين أموالهم خارج المسالك المنظمة على غرار البنوك بالإضافة إلى لجوء بعضهم إلى تهريبها خارج تونس للتهرب من دفع الضرائب فيما يتمتعون في المقابل بخدمات الدولة و بسياسة الدعم التي تنتهجه الدولة للمحافظة على الطبقة المتوسطة وللتقليل من معدل الفقر، وفق مراقبين.
استنكار
كما استنكر الاتحاد العام التونسي للشغل مواصلة حكومة النهضة الاسلامية الترفيع في الضرائب المسلطة على الطبقات المتوسطة، مستبعدا نسبة النمو المتوقعة لسنة 2014 والمقدّرة بـ 4٪ واعتبرها “صعبة المنال وبالأحرى مستحيلة إذا بقي الأمر على ما هو عليه”.
وقد لجأت الحكومة الحالية المنتخبة إلى اقرار ضرائب تتكبدها الطبقة المتوسطة أساسا وأصحاب الأجور الثابتة فيما عجزت عن اقرار اصلاح نظام الضرائب التقديري الموظف على أصحاب الثروات.
وفي سياق متصل، لجأت مؤخرا الحكومة إلى إقرار ضريبة اضافية واستثنائية على السيارت بحسب قوة خيولها وما استنكره مراقبون الذين أكدوا أن السيارات لا تعكس في واقع الحال الثروة الحقيقة التي يملكها أصحاب الثروات والعقارت.
ويخشى هؤلاء أن تؤدي سياسة الحكومة الضريبة الموجهة لدعم ميزانية الدولة إلى انكماش في الطبقة المتوسطة التي كانت تمثل نحو 80 % من المجتمع التونسي وما سيفرز خللا اجتماعيا ويعمل على تفاقم معدل الجريمة بالإضافة إلى توزيع غير عادل للثروة التي يحققها الاقتصاد التونسي بسبب سوء إدارته من طرف حكومة النهضة. ويقدر حجم الناتج المحلي في تونس نحو 70 مليار دينار تونسي.
لا محافظة على المقدرة الشرائية
وينتقد اتحاد الشغل سياسة الحكومة للضغط على المصاريف فيما غيبت اي اجراء من شأنه ان يحافظ على المقدرة الشرائية للمواطن او تحسينها.
كما استنكر مراجعة الحكومة لميزانية الدعم في غياب اي استشارة او تواصل مع المواطن او الاطراف الاجتماعية.
وتحظى حكومة النهضة بمساندة قوية من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي بفضل الاستعداد الكبير الذي أبدته لإلغاء سياسة الدعم الذي طالبت به هاتين المؤسستين منذ تسعينات القرن الماضي فيما تراخى النظام السابق في تنفيذ هذا المخطط الذي تطالب به هذه المؤسسات الدولية مقابل دعمها اقتصادات الدول النامية.
وبالاضافة إلى دعوته إلى مراجعة النظام الجبائي التقديري، للخروج من الأزمة المالية التي تعيشها تونس خاصة في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة وتفاقم التضخم وتدني سعر الدينار، دعا الاتحاد إلى احداث «هيئة عليا مستقلة للدعم» تتكفل بإدارة ومراقبة ميزانية دعم المحروقات وبمرافقة السلطتين التشريعية والتنفيذية في تصور وتنفيذ كل الاجراءات الجديدة في اطار اصلاح المنظومة.
كما اقترح الاتحاد العام التونسي للشغل أن تتكفل هذه الهيئة بإصدار تقارير دورية تتاح للعموم تكشف عن كل المعلومات المعلقة بالدعم بما في ذلك المؤسسات المستفيدة والأرقام ذات الصلة.
كما دعا إلى سحب الاعفاء الجبائي على المداخيل التي لا تتجاوز 5000 دينار سنويا وهو ما من شأنه ان يحول دون تدهور المقدرة الشرائية لأصحاب مثل هذا الدخل.
منع معاملات مالية
كما نبّه الاتحاد إلى ضرورة منع المعاملات التجارية نقدا بالنسبة للمبالغ التي تتجاوز 5000 دينار ومنع تداولها نهائيا في بورصة الأوراق المالية وذلك في اطار مواصلة مكافحة التهرب الجبائي، فيما لاحظ مراقبون ارتفاع المعاملات النقدية عبر مسالك غير قانونية وما يهدد بانتشار ظاهرة غسل الأموال التي تتستر على الجريمة المنظمة على غرار تمويل الارهاب والمخدرات والدعارة.
ويعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يشرف حاليا على محاولات سياسية لإخراج تونس من أزمتها السياسية ضمن ما يعرف بـ”الحوار الوطني”، يعتبر أن الحكومة تعتمد “سياسة الهروب إلى الأمام” وما يهدد بـ”الخراب الاقتصادي” على غرار ما نبّه إليه محافظ البنك المركزي التونسي الحالي في تصريحات صحافية سابقة.
عائشة بن محمود