رفع المشاركون في أشغال حلقات النقاش الأربع المتفرعة عن الندوة الوطنية لإطلاق الحوار حول العدالة الانتقالية عشية السبت عديد التوصيات حول آليات العدالة الانتقالية ومفاهيمها ومجالات تطبيقها وأهدافها.
المشاركون في أعمال حلقة النقاش حول موضوع كشف حقيقة انتهاكات الماضي أوصوا بضرورة بعث هيئة مستقلة وغير مسيسة كآلية رئيسية للعدالة الانتقالية تتركب من أعضاء مشهود لهم بالنزاهة والاستقلالية والحياد والكفاءة.
ودعوا الى ضرورة تكوين بنك معلومات يحتوى على جميع الوثائق والمعلومات المتصلة بالانتهاكات مع حماية سجلات الأرشيف لحفظ الذاكرة الوطنية ولتحديد المسؤوليات.
ومن جهتهم انتهى المشاركون في حلقة النقاش التي تناولت مسالة “جبر الضرر ورد الاعتبار” إلى اعتماد تعريف الأمم المتحدة لمصطلحي الضحية و جبر الضرر ورد الاعتبار مع الأخذ في الاعتبار خصوصية البلاد مؤكدين على أنه ينبغي على الدولة أن تسعى إلى وضع برامج وطنية تعنى بالجبر والمساعدات الأخرى المقدمة للضحايا.
وأكّدوا على ضرورة أن يتوفر لضحايا الانتهاكات الجبر التام والفعال وفق ما تنص عليه المبادئ الدولية من ذلك الرد وإعادة التأهيل والرعاية النفسية والطبية والاجتماعية و الترضية فضلا عن إعلان قرار رسمي أو قضائي بالاعتذار للضحايا.
وفي مقابل ذلك نادوا بفرض عقوبات قضائية وإدارية على المسؤولين عن الانتهاكات علاوة على إحياء ذكرى الضحايا وتكريمهم وإنشاء متاحف للمحافظة على الذاكرة الوطنية مع تضمين ماضي الانتهاكات .ومبادئ حقوق الإنسان في البرامج التعليمية مشددين على ضرورة توفير ضمانات بعدم تكرار تلك الممارسات.
وأجمع المشاركون في حلقة النقاش هذه على ضرورة استدعاء وجوه إعلامية وسياسية للإدلاء بشهاداتهم حول التجاوزات معتبرين ذلك جزءا من رد الاعتبار والكشف عن الحقائق بغية الوصول إلى المحاسبة.
وأشرف الرؤساء الثلاثة على افتتاح الندوة صباحا حيث أكّد المرزوقي و في كلمته بحضور شخصيات من بينهم ممثل الامم المتحدة وضحايا نظامي الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي الذين يتطلعون الى اعادة الاعتبار أن “التونسيين ينتظرون نتائج ملموسة ولا يمكنهم الانتظار الى ما لا نهاية و يجب معالجة جراح الماضي وتضميدها” .وانه يريد ان تكون “العدالة الانتقالية بعيدة عن الانتقام والتشفي” مؤكدا ان “المحاسبة عملية لا تستهدف الاشخاص بقدر ما تستهدف المؤسسات وترمي الى رد الاعتبار للمتضررين وارجاع الحق لأصحابه”.
من جانبه قال رئيس المجلس التاسيسي مصطفى بن جعفر ان “العدالة الانتقالية التي تهدف الى ارجاع الحقوق لأصحابها والتصدي لافلات المجرمين من العقاب تعد كذلك وسيلة من أجل بناء نظام جديد وتحقيق الانتقال الديمقراطي وترسيخ اسس الديمقراطية وحقوق الانسان”.
اما رئيس الحكومة حمادي الجبالي الذي قضى 15 سنة في السجن معظمها في عزلة بزنزانات بن علي فدعا الى “اعادة الاعتبار” الى المعارضين الاسلاميين الذين قمعوا بشدة طيلة عقود.وقال ان “الذاكرة الوطنية يجب ان تستذكر التضحيات التي قدموها” من اجل البلاد.
و شدّد رئيس الحكومة التونسية المؤقتة حمادي الجبالي، على أن نجاح مسار العدالة الانتقالية ليس شأن الحكومة وحدها بل هي مسؤولية تقع على عاتق الجميع.
و “الندوة الوطنية لإطلاق الحوار حول العدالة الانتقالية” تنظمها وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية بمشاركة أكثر من 22 حزباً والعديد من المنظمات والجمعيات الأهلية والشخصيات السياسية العربية والدولية، وذلك للتعرف على مختلف الآراء للتوصل إلى بلورة تصور عام لقانون العدالة الانتقالية في تونس.