تونس-افريكان مانجر
يُعد التلوث وتغير المناخ وجهين لعملة واحدة والتعامل معهما يتطلب الإسراع في اتخاذ إجراءات عملية للحدّ من التأثيرات السلبية التي سيكون لها حتما عواقب وخيمة على البلاد، الا ان ذلك يرتبط أساسا بتوجهات الدولة وارادتها في الحد من الضرر الذي سيلحقها، ذلك ما أكده خبراء ومتدخلون في المجال البيئي في تونس.
وضع كارثي
في هذا السياق، وصفت الفة المدب رئيسة جمعية النهوض بثقافة البيئة، الوضع في تونس بالكارثي على كل الأصعدة وفي كل الولايات، مشيرة الى أن البيئة لا تتصل فقط بالنظافة وانما كذلك بالتنمية المستدامة.
وتابعت المدب في حوار لموقع أفريكان مانجر، هناك أهداف بيئية لابد من تحقيقها قبل حلول سنة 2030، خاصة في ظل التغييرات المناخية التي يشهدها العالم والتي قد تزداد حدّة في تونس بسبب الأزمة التي تعيشها على غرار الفقر المائي والجفاف والتلوث برا وبحرا وجوا.
وشددت على ضرورة وضع استراتيجية واضحة يمكن من خلالها تحقيق الأهداف المنشودة.
معاناة …الضاحية الجنوبية
وفي سياق متصل، تحدثت المدب، عن معاناة الضاحية الجنوبية والوضع الكارثي الذي تعيشه والتي أبرزها تلوث مياه البحر الذي تسبب فيه سكب مياه الصرف الصحي منذ ما يزيد عن 3 عقود، وهو ما يؤكد فقدان الإرادة لدى المسؤولين في مواجهة التلوث، وفق تقديرها.
وأضافت قائلة: ” لو كان هناك رغبة في مٌجابهة التلوث لتم وضع استراتيجية مُحددة لمعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة تدويرها واستعمالها في السقي أو إطفاء الحرائق في فصل الصيف”، وفق تعبيرها.
وذّكرت مُحدثتنا، بحادثة تغير لون مياه شاطئ حمام الأنف وانبعاث رائحة كريهة منه في بداية شهر جوان الجاري، قائلة، ان ما لاحظه سكان الجهة يؤكد أن مياه الصرف الصحي غير مُعالجة.
واعتبرت في ذات السياق، ان المواطن يدفع ثمن الإهمال وعدم تحمل الجهات المعنية مسؤولياتها، مشددة على ضرورة تثمين النفايات وتوعية المواطن بأهمية فرزها قبل القائها.
وتقول رئيسة جمعية النهوض بثقافة البيئة، ان القطاع الصناعي يعتبر من أهم العناصر الملوثة للبيئة، لذلك لابد من فرض قوانين ردعية ومحاسبة مخالفيها وفرض احداث محطات تطهير ومعالجة وفرز للنفايات في المؤسسات الصناعية.
وبحسب مُحدثنا، فان القوانين الردعية والمُراقبة يجب أن تشمل كذلك، المجال الفلاحي بهدف الحد من الاستعمال العشوائي للأسمدة الكيميائية ونتائجها الكارثية على التُربة نفسها ومحيطها الحيوي والبيئي.
واستنادا لما أكدته المدب، فان عديد الممارسات والاختلالات تم رصدها وتسجيلها في الضاحية الجنوبية على غرار قطع الأشجار بغابة رادس، فضلا عن كاسرات الأمواج التي تم وضعها في شواطئ الجهة بطريقة مخالفة للمعايير المعمول بها ما تسبب في انبعاث روائح كريهة وانتشار الحشرات، الى جانب الركود الاقتصادي الذي تعرفه المنطقة.
3 ولايات متضررة
وأفادت المدب، بأن أكثر ثلاث ولايات مُتضررة من التلوث البيئي، هي قابس وصفاقس وبن عروس، مؤكدة أنه تم توجيه دعوات للجهات المعنية والمسؤولة عن الكارثة البيئية وهي وزارة البيئة ومختلف الهياكل التابعة والمُتصلة بها، الى جانب وزارة التجهيز ووزارة السياحة.
وفيما يتعلق بمسؤولية وزارة السياحة في التلوث، أشارت مُحدثنا الى أنه في تسعينات القرن الماضي كانت الضاحية الجنوبية قبلة للسياح ومتنفس لسكان العاصمة في الصيف، كاشفة ان بعض الأطراف سعت الى تدمير الضاحية الجنوبية سياحيا واقتصاديا.
واكدت ان المنتفعين من نجاح النشاط الاقتصادي بجهة الوطن القبلي هم أنفسهم منتفعين بتضرر الضاحية الجنوبية، وفق قولها.
التغييرات المناخية
وفي سياق متصل، وبخصوص التغييرات المناخية على صعيد دولي وأبرز العوامل التي تُمثل خطرا على البلاد، اعتبرت ايمان اللواتي الخبيرة في التنمية المستدامة في تصريح لأفريكان مانجر، ان أكثر ما يهدد البلاد هو الشّح المائي ما يتطلب التقسيط وحسن التصرف في الموارد المائية.
وبينت اللواتي، ان ارتفاع درجات الحرارة التي تعمل الدول على الحد منها من بين العوامل المهددة للمناخ في تونس لذلك لابد من التقليص من الانبعاثات الغازية الملوثة للبيئة، وفق تقديرها.
وأشارت الى ان ارتفاع درجات الحرارة والتقلبات الموسمية ستسبب في الجفاف وبالتالي شح في المواد الغذائية وهو ما سيدفع سكان البلدان المهددة بذلك الى التوجه لبلدان أخرى، الى جانب كثرة الأمراض.
واعتبرت أنه كان من المفترض ان تعتمد بلادنا منذ سنوات على استراتيجية محددة لضمان امنها الغذائي وخلق فلاحة بديلة وجديدة تتماشى مع التغييرات المناخية الحالية ولضمان حدا أدني من الامن الغذائي في السنوات القادمة.
وخلص المختصون في المجال البيئي والتنمية المستدامة، الى أن كل دول العالم تعرف تحديات كبرى في المجال البيئي بالتزامن مع التغييرات المناخية المتطورة والمتسارعة، الا أن مواجهة هذه التحديات تختلف من بلد الى اخر وترتبط بالإرادة السياسية للبلدان في مواجهتها والحد من تأثيراتها، والتي قد تفتقدها الجهات المسؤولة في تونس.