تونس-افريكان مانجر
أبدى الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم الجمعة 11 أفريل 2014 و للمرّة الأولى استعداده للتنازل عن التفاوض مع الحكومة بخصوص الزيادة في الأجور، و في تصريح لأمينه العام حسين العباسي قال إنّ الإتحاد سيُضحي بالمفاوضات في إطار “الكشف الواضح والشفاف عن الوضع الإقتصادي للبلاد”.
وأضاف العباسي أن هذا الموضوع سيكون محور إجتماع المنظمة الشغيلة مع منظمة الأعراف يوم الإثنين القادم للنظر في مسألة زيادة الأجور في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. يُذكر أن العباسي شدّد في أكثر من مناسبة على أنّه لن يتراجع عن طلب الترفيع في الرواتب و لن يسمح بأن تكون سنة 2014 سنة بيضاء.
وضع صعب
و يأتي موقف الإتحاد على إثر إعلان حكومة مهدي جمعة رسميا أنّ الوضعية المالية العمومية صعبة و حادة جدّا خاصة على مستوى السيولة حيث بلغت قيمة العجز في الميزانية 1.1 مليار دينار كما أعلن رئيس الحكومة الذي تعهّد بمصارحة الشعب التونسي قريبا حول حقيقة الوضع الاقتصادي الصعب بالبلاد أنّ الدولة اضطرت لاقتراض 350 مليار دينار الشهر الجاري لخلاص الأجور، داعيا مكونات المجتمع التونسي إلى العمل وتفهم الوضع الاقتصادي الهيكلي المستمر حسب قوله لتجاوز العجز.
وضعية حرجة
و حول هذا الموضوع قال عبد الرحمان اللاحقة من قسم الدراسات والتوثيق باتحاد الشغل إنّ الاقتصاد التونسي يعاني حقيقة من وضعية حرجة، و على الحكومة أن تُسارع إلى إيجاد الحلول للخروج من الضائقة المالية التي باتت تُهدّد أجور الموظفين.
و أضاف في تصريح ل” افريكان مانجر “أنّ حكومات ما بعد الثورة تتحمّل مسؤولية الأزمة، مُشيرا إلى أنّ أواخر سنة 2014 قد يدخل خلالها الاقتصاد في منعرج خطير، قائلا في المقابل إنّه في ظلّ الوضعية الراهنة لا يمكن الحديث عن بداية إعلان إفلاس.
“كذبة بيضاء”
و في الوقت الذي عبّر فيه الرجل الأول في المنظمة الشغيلة التي تضمّ ما يناهز عن 500 ألف منخرط، فقد شكّك الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري في حقيقة الأرقام و المعطيات التي كشفتها رئاسة الحكومة مساء أمس كما لم يستبعد الطاهري أن تكون الممطيات” كذبة بيضاء ّ وفق تعبيره سيما و قد تزامنت مع اقتراب موعد المفاوضات الاجتماعية.
و كتب قائلا في صفحته الخاصة على الفايس بوك:” صرت مقتنعا بأنّ ما تروجه الحكومة من أن أجور أشهر ماي وجوان و جويلية لن تجد من أين تصرفها ليست إلا ” كذبة بيضاء” – حتى لا أقول غير ذلك ، بدليل أن الكذبة الأولى كانت محصورة في شهري أفريل و جويلية و التعلة أنهما الشهران اللذان يتم فيهما سداد الديون الخارجية”، و تساءل الطاهري: ” مالهدف من الكذبة ؟ ولماذا الإصرار عليها في كل مرة رغم ثبوت عدم صحتها مطلع كل شهر؟ وهل هذه هي السياسة الإعلامية للحكومة المؤقتة الجديدة ؟ وما علاقة الكذبة بالمفاوضات الاجتماعية؟”
التداين المفرط
في المقابل أكد مراد الحطاب الخبير المختص في المخاطر المالية ل” افريكان مانجر ” أنّ تونس تعيش اليوم حالة من التعثرّ المالي الشديد، مُؤكدا إلى أنّ العديد من الخبراء و المحللين الاقتصاديين نبهوا منذ فترة إلى ضروة اتخاذ الإجراءات اللازمة، غير أنّ الحكومات السابقة قلّلت من شأن التحذيرات و المخاطر.
و أضاف محدثنا أنّ التداين المكثف للدولة عمّق من عجز الميزانية، غير أنّه قال بأنّه من المستبعد أن يتنازل اتحاد الشغل عن الزيادة في أجور منظوريه بالنظر إلى الارتفاع المتواصل الذي تشهده مختلف المواد الاستهلاكية كما أنّ بيّن أن تجميد الأجور لن يحلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة للبلاد مُشيرا إلى أنّ أبرز الحلول العاجلة تتمثل في مراجعة منظومة الجباية و معالجة ظاهرة التهرّب الجبائي أمّا التنازل عن الزيادة في الرواتب فلن يُؤدي إلى نتائج إيجابية حسب رأيه.
الدولة تلتزم بحماية الفئات الضعيفة فقط
و في ظلّ الأزمة المالية الخانقة للإقتصاد الوطني، قال رئيس الحكومة المؤقتة مهدي جمعة اليوم في ندوة صحافية إنّه لا خيار للتونسيين سوى العمل وتقديم بعض التضحيات للخروج من هذه الوضعية .
وأضاف جمعة أنّ هذه الوضعية هيكلية وسوف تستمر ّ موضحا أنّ هذا الوضع لا يمكن أن يتواصل إلى ما لا نهاية له .
وأشار إلى أنّ الدولة ستحمي الفئات الاجتماعية الضعيفة مضيفا قوله في هذا السياق ما عدى ذلك لا خيار سوى القيام بتضحيات.
وذكر رئيس الحكومة أنّ الدولة اضطرت إلى اقتراض 350 مليون دينار لخلاص أجور شهر أفريل الجاري مشددا على ضرورة الوعي بصعوبة الظرف الراهن الذي قال أنّه سيستمرّ .
وبيّن أنّ الاكتتاب في القرض الرقاعي الذي ستصدره تونس سيتمّ قريبا مبينا أنّ هذا الإجراء لن يحل المشكل برمته،
واعتبر أنّ الميزانية التكميلية التي هي بصدد الدرس يجب أن تأخذ في الاعتبار جميع هذه الصعوبات.
بسمة المعلاوي