تونس-افريكان مانجر
تفاقمت بعد ثورة 2011 في تونس قضايا “الشيكات” بدون رصيد وذلك بحسب عدد من الخبراء و المراقبين يعود بالأساس إلى التدهور الاقتصادي و الاجتماعي الذي تعيشه البلاد حيث انخفضت نسبة النمو لحوالي بـ1.1 في المائة مقابل ارتفاع نسبة التضخم وتسجيل عجز غير مسبوق في الميزان التجاري المحلي .
وبحسب إحصائيات تحصل عليها “افريكان مانجر” من وزارة العدل التونسية فان السنة القضائية (2017-2018) سجلت حوالي 193 ألف قضية تتعلق بجرائم إصدار شيكات بدون رصيد بعد ان كانت حوالي 173 ألف قضية في السنة القضائية (2016-2017).
و بحساب أيام السنة القضائية فان الإحصائيات الرسمية تحيلنا على وجود حوالي 640 قضية شيكات بدون رصيد يوميا في المحاكم التونسية .
استسهال الشيكات و العقاب
من جهته أكد إبراهيم الميساوي رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد “لافريكان مانجر” أن عدد الشيكات بدون رصيد ارتفع بصفة غير معقولة و ذلك خاصة بعد تنقيحات المجلة التجارية سنة 2007 .
و قال ذات المصدر بأنه يعتبر “الصكوك البنكية و الشيكات” بمثابة القرض المؤجل الدفع لمدة ثلاثة أشهر ” ، مشددا بان البعض أصبح يستسهل “هذه الأوراق التجارية ” وذلك لإهمال المشرع التونسي لعملية التتبع الجزائية بعد أن كان سابقا وسيلة ضغط .
و شدد المساوي على وجود تراكمات سياسية و أمنية و قضائية لتفاقم أزمة الشيكات في تونس خلال السنوات الأخيرة.
و اعتبر أن التراكمات السياسية تتمثل بالأساس في العفو العام لجريمة إصدار شيك بدون رصيد يهم المحكوم عليهم قبل سنة 2011 والذي اقره الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ، مشددا على أن هذا القرار قد فشل حيث لم يتمكن من استخلاص الحد الأدنى من الجانب المدني للقضايا.
و توقع أن يقوم رئيس الجمهورية الحالي قيس سعيد بإصدار مثل هذا العفو “و ذلك على أساس تموقعه في الشعبوية ” بحسب قوله .
فساد في المنظومة الأمنية
و أوضح ذات المتحدث بان عددا من المفتش عنهم في هذه القضايا ،و بالتعاون مع “منظومة فساد ” موجودة في بعض الأسلاك الأمنية، يتمكنون من السفر بصفة عادية خارج البلاد بالإضافة إلى قيامهم بتنقلاتهم الدورية بدون القبض عليهم.
إجراءات جديدة ردعية
و دعا رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد إلى ضرورة إعداد إجراءات جديدة من التوجيهات الردعية و الوقائية بهدف تأمين التعامل السليم بهذه الأوراق التجارية على غرار وضع شروط للمتمتعين بمثل هذه الأوراق و إبقاءها حكرا على التجار باعتبار أنها تنتمي في الأصل الى “قانون المجلة التجارية”.
وللحدّ من انتشار الظاهرة، ارتأى مصدرنا ضرورة في تحجير دفاتر الصكوك على الموظفين والمواطنين العاديين وتشديد إجراءات منحها.
و طالب رئيس الجمعية بإدخال تعديلات على النصّ القانوني، على أن يصبح البنك هو الضامن من خلال تحديد الأطراف المخولة لها الحصول على دفتر صكوك كما دعا إلى ضرورة إلغاء العقوبة البدنية باعتبار أنّ عملية إيداع المتهمين السجن أثبت فشلها وعدم نجاعتها في التقليص من الظاهرة.
وقال الميساوي أنّه يتوجب على البنوك إعطاء أكثر ضمانات للمتعاملين بالشيكات والمتمثلين خاصة في رجال الأعمال والشركات من خلال تشديد الإجراءات.
وسيلة تحيل
و بحسب مصدرنا فإنّ الشيك تحوّل في عديد الحالات من وسيلة خلاص إلى سند للتحيل وتحقيق الإثراء غير المشروع خاصة في ما يهم الشركات حيث أصبح البعض من مالكيها يغيرون كل 3 أشهر اسم شركتهم و سجلها التجاري للهروب من التتبعات القضائية الصادرة في حق شركتهم الام و التي كان قد اصدر تحت اسمها عدد من الشيكات .
للإشارة فقد تمّ تحديد يوم غرة جويلية الماضي كأجل أقصى لتقديم مطالب العفو في “جرائم الشيك بدون رصيد”، بحسب ما اقترحته لجنة العفو الخاص التابعة لوزارة العدل