تونس-افريكان مانجر
يغادر تونس سنويّا عدد هام من العاملين في قطاع الملاحة الجوية سواء من المراقبين أو التقنيين بمختلف اختصاصاتهم، و رغم ضعف عددهم و عدم وجود انتدابات إلا أن سلطة الإشراف تقف صامتة أمام هجرة إحدى أهم العناصر الضامنة للسلامة الجوية، بحسب ما أكدته الكاتبة العامة للنقابة الأساسية لفنيي الملاحة الجوية لديوان الطيران المدني والمطارات كوثر صحراوي.
السلامة الجوية …مهددّة
و أوضحت الصحرواي، في حوار مطوّل لموقع أفريكان مانجر، أن قطاع الملاحة الجوية مختلف عن باقي القطاعات يتميز بطول مراحل التكوين والتخصص بعد الانتداب خاصة بالنسبة للمراقبين الجوييّن و التقنيين التي تصل إلى 8 سنوات.
وتقول ” بعد إنهاء مرحلة التكوين بمدرسة الطيران ببرج العامري و حتى يكون المراقب الجويّ قادرا على القيام بمهامه على أكمل وجه فان ذلك يتطلب سنوات من التكوين الإضافي لعدة سنوات وهو ما يؤكد أهمية الانطلاق الفوري في عمليات الانتدابات لضمان ديمومة القطاع”.
وتابعت، الملاحة الجويّة و رغم خصوصيتها و دورها الحيّوي بالمطارات إلا أنها تشهد نقصا كبيرا في هذا الصنف من اليد العاملة وهو ما دفع بالمراقبين و التقنيين إلى العمل على مدار الـ 24 ساعة لتغطية النقص الحاصل و لتأمين استمرارية العمل بشكل يتعارض مع القوانين الدولية المعمول بها في هذا الخصوص.
و أضافت “عمل المراقب الجوّي أساسي لسلامة الطيران، وتنفيذ مهامه يتطلّب دقّة ووعياً وراحة نفسية، لافتة الى ان تواصل العمل بالوتيرة والنسق الحالي يجعل من السلامة الجوية مهددة وقد تتسبب في تعطل تقديم خدمات الملاحة الجوية مستقبلا”.
واستنادا لما أكدته محدثتنا، فان القطاع يشغل في المطارات التونسية حوالي 1000 موظف موزعين بين مراقبيين وتقنيي ملاحة جوية وتقنيين مختصين في الخدمات الكهربائية (technicien de maintenance des services électrique).
وقد شهدت السنوات الأخيرة هجرة عدد كبير من العاملين بالتزامن مع تزايد الطلب الأجنبي على اليد العاملة المختصة في هذا المجال، و غادر البلاد خلال شهر واحد فقط نحو 19 موظفا في اتجاه بلدان أجنبية، فضلا عن ارتفاع عدد مطالب المغادرة عن طريق وكالة التعاون الفني.
و قالت الصحراوي، “انه في ظل عدم سعي سلطة الإشراف “ديوان الطيران المدني و المطارات” للمحافظة على موظفيها و عدم الاستثمار في كفاءاتهم فانه من الطبيعي أن يلجأ هؤلاء إلى الهجرة”.
وفي سياق متصّل، استنكرت الصحراوي الحديث عن توسعة مطار تونس قرطاج دون تفكير في الاستثمار في القطاع و انتداب موظفين.
و شددت على أن الملاحة الجويّة قطاع تنافسي و متطّور يتطلب اتخاذ سلطة الإشراف لقرارات حاسمة تضمن ديمومته وسلامة خدماته، و ذلك من خلال الإسراع في الانتدابات و استئناف الدورات التدريبية و التربصّات لفائدة الفنين و المراقبين إلى جانب الاستثمار في الكفاءات و تطوير المعدّات.
و حملت الصحراوي مسؤولية أي ضرر قد يمسّ القطاع إلى الإدارة و سلطة الإشراف التي إلى غاية اليوم لم تتعاطى مع الصعوبات التي يواجهها بالجديّة اللازمة و المسؤولية الكافية خاصة في علاقة بارتفاع عدد ساعات العمل التي أصبحت مخالفة للمعايير الدولية.
ويتطلب الوضع الحالي انتداب ما لا يقل عن 76 مراقبا جويّا و 63 تقني صيانة و ملاحة جوية.
مركز تكوين جديد
و في علاقة بتكوين المختصين في الملاحة الجوية، تحدثت الصحراوي عن وجود ميزانية تم رصدها لإحداث مركز تكوين صلب ديوان الطيران المدني و المطارات، إلا أنه تم تعطيل إحداثه بسبب إجراءات إدارية كان من الممكن تجاوزها، على الرغم من أن هذا المركز سيّمكن من مزيد تطوير قدرات و مؤهلات العاملين بالقطاع من خلال الاستفادة بخبرات الكفاءات التونسية، بالإضافة إلى أنه سيوفر مداخيل إضافية للديوان.
وذكرت محدثتنا، أن قطاع الملاحة الجويّة يمثل 60% من موارد و مداخيل ديوان الطيران المدني و المطارات.
مهام…دون صفة رسميّة
و في معرض حديثها عن عمل ديوان الطيران المدني و المطارات، أفادت الكاتبة العامة للنقابة الأساسية لفنيي الملاحة الجوية، بأن منذ سنة 2018 إلى اليوم لا توجد تسميّات بالديوان ما عدا تسوية الوضعيات غير القانونية.
وقالت، “انه منذ سنة 2018 لم يقع تسمية أي مسؤول إلا بصفة النيابة أو التنسيق وهو الحال في عديد المؤسسات و المنشات العمومية”.
وأشارت إلى أنه عند صدور الهيكل التنظيمي الجديد بالرائد الرسمي قامت الإدارة العامة لديوان الطيران المدني و المطارات باقتراح قائمة أوليّة للتسميّات تم عرضها على مجلس الإدارة وإرسالها لسلطة الإشراف. ولكن لم تتم المصادقة إلا على خطة المدير المركزي للحركة الجويّة بصفة خاصة خارج هذه القائمة ثم تم في نفس اليوم إلحاقه بوزارة النقل كمشرف على الإدارة العامة للطيران المدني دون توضيح أو مبرر لذالك، فضلا عن أن عدد من أعوان الديوان يعملون لفائدة الإدارة العامة للطيران المدني بطريقة غير قانونية، وهو ما يمكن أن يشكل تضاربا للمصالح باعتبار الدور الرقابي لهذه الإدارة، وفق تقديرها.
جدير بالذكر، ان قطاع الطيران المدني بتونس يخضع لإشراف الإدارة العامة للطيران المدني بوزارة النقل.
في المقابل، فان من أبرز مهام ديوان الطيران المدني و المطارات بصفته منشأة عمومية تتعلق بتنفيذ المراقبة الإقليمية و المحليّة للملاحة الجوية في المجال الجوي التونسي و مراقبة هبوط و وقوف و عبور الطائرات.
إضراب 9 سبتمبر 2022
وردا عن سؤال يتعلق بالإضراب الذي أقره أعوان الملاحة الجوية في 9 سبتمبر الماضي و عن الخطوات القادمة التي قد يتخذونها للاستجابة لمطالبهم، قالت محدثتنا إن الهيئة الوطنية الإدارية لاتحاد الشغل ستجتمع في 21 أكتوبر الجاري، للنظر في مختلف القرارات و الخطوات التصعيدية التي من الممكن اتخاذها.
و أكدت محدثتنا، أنه لم يتم الاستجابة لمطالب الأعوان وتعرض القطاع “للخطر” حيث تمت هرسلة الأعوان وتنفيذ التسخير دون إتباع اجرءات قانونية و ووقع ارسال عدول تنفيذ لمحطات المراقبة بالتزامن مع عمل المراقبين، وفق قولها.
واعتبرت الصحراوي أنه إلى غاية اليوم، لا توجد جديّة لدى الطرف الحكومي وسلطة الإشراف للتعاطي مع الشريك الاجتماعي.
ويطالب فنيّو الملاحة الجوية لديوان الطيران المدني والمطارات بتفعيل نقاط اتفاق 22 سبتمبر 2021 وسد الشغورات العاجلة وتوضيح النقاط المتعلقة بالقانون الإطاري ودلائل التكوين وبرامج التكوين للمحافظة على الكفاءات، الى جانب المحافظة على المساكن الادراية وتعهدها بالصيانة وتفعيل الامر الحكومي المتعلق بإدراج منحة الجبر كمنحة قارة في عناصر الأجر.
وفي ختام حديثها عن الصعوبات و العراقيل التي يواجهونها، شددت الكاتبة العامة للنقابة الأساسية لفنيي الملاحة الجوية لديوان الطيران المدني والمطارات كوثر صحراوي، على أن السلامة الجوية و تواصل تقديم خدماتها في تونس مهددة وتتطلب أكثر من أي وقت مضى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذها.